الجمعة 4 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الكورونا» والانحراف عن الفطرة

«الكورونا» والانحراف عن الفطرة

هل ينهزم الجيل الحالى رغم التقدم الصحى الهائل أمام فيروس كورونا؟، مرت على الإنسانية أوبئة، وضربت البشرية كوارث، فتكت بالملايين، لكنها لم توقف حركة الحياة وديمومتها، الإنسان هو الكائن الوحيد فى هذا الكون القادر على الخروج من البلايا أكثر قوة، الحياة أضافت للجنس البشرى ولم تخصم منه، فالكوارث لا تدع للإنسان فرصة إلا للبحث عن طوق نجاة، المثل العربى يقول: الضربة التى لا تقتلك تقويك، والعين التى لا تبكي لا تبصر.



فيروس كورونا ليس مجرد سوى حلقة فى سلسلة متصلة من ابتلاءات الحياة التى تزيد الإنسان قوة وصلابة ومناعة، محن ومصائب وأوبئة مضت كانت أشد فتكًا، وأصعب ألمًا، وأكثر كلفة، لكنها صارت خبرًا، فى المجاعات يصبح الخبز أولًا، ويزهد الناس فى أى شيء حتى الغالى والنفيس، لا تختلف أدوات ودفاعات مكافحة الناس للأوبئة ومواجهة المخاطر ففى كل الأزمان الانسان يبقى هو الإنسان، يبحث عن ذاته، ينقب فى حياته، تسكنه روح التحدي، يفتش فى عناصر القوة الكامنة لديه التى اختزنها الله فيه، تتوحد معه الطبيعة لتمده من بواطنها بالترياق، وتغذيه بالأمل، فما أجمل الحياة التى تمد الإنسانية بعطاءاتها، وتغنيه بمكنوناتها، وتغذيه بخبراتها.  

تحفل سجلات التاريخ بالعديد من الكوارث والأوبئة والبلايا والمصائب حتى يظن المرء أننا أمام سيل ينهمر من عواصف وخطوب الحياة التى تحقنه بالمناعة، وتدفعه الى التطور، وتعيده من الشطط الى الصواب، فتسمو فيه الروح على الجسد، ويطفو الإيمان ويتجذر، ويتوحد الإنسان مع ذاته، ويدرك ما يتوجب عليه فعله، لكن السؤال الذى يطرح نفسه، هل يتعلم الإنسان من ضربات القدر؟، وهل بمقدوره أن يحمى نفسه من موجات الأوبئة؟، الجواب بالتأكيد يكمن فى صيرورة الحياة، وتطور الجنس البشرى، وتعدد أدواته، وكثرة حيله، وتخطيه وتغلبه على مختلف المحن، وتحويله لكل الانكسارات الى انتصارات، الحياة تستحق منا تفانيًا وإخلاصًا والتزامًا أكثر، وأفضل وسيلة للتغلب على كورونا هو الالتزام بشعار «ابقوا فى بيوتكم»، هذا يقطع سلاسل العدوى، التى تتضاعف كالمتوالية الهندسية، هذا الشعار يلخص تجربة الصين التى تخلصت من هذا الفيروس اللعين الذى ضربها نتيجة الانحراف عن الفطرة السوية التى فطر الله الناس عليها، والتى جبلنا عليها، ما الذى نأكله، وما الذى نقتنيه، إنها سنن كونية فهل تتعلم الإنسانية من أخطائها؟، وتتوقف عن انحرافها الفطري.