الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 15

لغة الجينات 15

«المصلحجية»  بتوع عاش الملك مات الملك  موجودون فى كل مكان .. وبيظهروا فى كل الأوقات .. فى الظاهر بيدافعوا عن المصلحة العامة .. أوقلبهم على البلد .. وفى الباطن جيناتهم الخبيثة بتحركهم فى اتجاه واحد فقط .. اتجاه أن يظلوا عبيدا لسيد ما .. أيا كان هذا السيد .. فكل من يجلس على الكرسى  «سيدا لهم».. وهم أول من يهتفوا له «عاش الملك».. ومع أول بوادر التغيير تسقط الأقنعة... تظهر الوشوش على حقيقتها .. تخرج الفئران من جحورها لتهتف للملك الجديد وتتغنى بمميزاته وذكائه وحكمته وبساطته .. وتلعن الملك القديم وأيامه .



ابن  الأصول الذى وهبه المولى عز وجل الجينات الأصلية.. كرامته عنده رقم «1» ومستحيل هيقبل أى إهانة .. ونفسه عزيزة عليه فوق ما تتصور.. ولذلك لن تراه أبدا فى صف «هتيفة عاش الملك»..  فى الظاهر بساطته وترفعه عن المناصب..  يراها الناس غرورا وتكبرا.. وفى الباطن ضميره يتحكم فيه بقوة .. جيناته الأصلية وذرة النور التى حاباه الله بها  تخبره  أن حقه سيأتيه مهما طال الزمن .

الكونستابل «الأمين عبدالله « من الناس اللى حاباهم الله بذرة النور هذه .. جيناته الأصلية منعته من «هتاف عاش الملك .. مات الملك» .

فى الظاهر «الكونستابل» الذى التحق بالبوليس فى وظيفة مستحدثة عام 1902 لإخراج شرطى متعلم ومؤهل .. بدلا من  العمل فى الفن الذى  يحبه ويعشقه.. مجرد شاب عادى بيمارس حياته وشغله بصدق وضمير ... وفى الباطن القدر بيرتب له دورا مختلفا جدا ... دورا يتناسب مع ذرة النور بداخله .. مع جيناته الأصلية.

«الكونستابل « فى الظاهر رأى أن اعتذار زميل له عن العمل فى هذا اليوم وانتدابه هوللعمل فى منطقة الزمالك مجرد أمر عادى يتكرر كثيرا.. وفى الباطن كان القدر يختاره لإنقاذ سمعة مصر .

فى عام 1944، وتحديدا فى السابع من نوفمبر، أثناء مروره بجوار فيللا اللورد «موين»، الوزير البريطانى لشئون الشرق الأوسط  بالزمالك ، سمع دوى إطلاق الرصاص، تتبع الصوت ليكتشف مقتل الوزير البريطانى.

«الكونستابل» كان يمكن أن يكتفى بالإبلاغ عن الحادث وانتظار قوة من البوليس .. لكن جيناته الأصلية وشجاعته دفعته  للتحرك وحيدا للقبض على منفذى حادث الاغتيال، ومع التحقيق مع المقبوض عليهما، «إلياهوحكيم وإلياهوميتسورى».. تبين أنهما يهوديان ينتميان إلى منظمة شتيرن الصهيونية.

ومع شجاعته، أصبح «الكونستابل»  حديث مصر وبريطانيا، ، ويتصدر اسمه  مانشيتات الصحف وعناوين الأخبار التى احتفت به ولقبته بلقب «الرجل الذى أنقذ سمعة مصر»، وكرمه الملك فاروق وأعطاه نوط الجدارة الفضى ومنحه مكافأة مالية، وحصل على ترقية من كونستابل إلى ملازم.

فى الظاهر تغيرت حياته تماما .. وفى الباطن ظل كما هومتمسك بمبادئه .. يرفض التكريم القادم من بريطانيا العظمى لأنها دولة احتلال .

لكن الاحتفاء بالرجل لم يدم طويلا، فبعد ثورة 1952 ، والحكم على قتلة اللورد بالإعدام.. تمت تنحيته عن عمله  وعمره 42 سنة.. وألغت الثورة فئة الكونستابلات.

فى الظاهر قالوا له إن من حقه أن يستريح بعد أن وصل لرتبة مقدم شرطة .. وفى الباطن كانت الوشايات من أصحاب الجينات الخبيثة تحاول أن تنزع منه أهم صفاته « الوطنية وحب البلد» .. اتهموه بحماية الإنجليز والدفاع عنهم فى فترة الاحتلال والدليل مطاردته لأعضاء منظمة شتيرن الصهيونية والقبض عليهم.. واتهموه بحبه للملك فاروق .. وإن لم يكن ضمن «هتيفة» مات الملك» .

لم تتحمل جينات الرجل الأصلية  ألا يلقى  التكريم الذى يستحقه..  ولم يتحمل اتهام  وزير الداخلية له  آنذاك بالعمالة لقوى أجنبية .. فذهب ومعه الفريق عبده أمين أحد الأصدقاء المقربين للوزير يطلب منه الإبقاء عليه فى الخدمة وإلغاء قرار الاستغناء عنه، ولكن الوزير خاطبه بكل برود قائلاً: هناك معلومات تتردد حول ضلوعه فى التخابر لصالح قوى أجنبية ضد مصلحة مصر فرد عليه الأمين لماذا لا تحاكموننى إذن بجريمة الخيانة وليس الإعفاء من الخدمة؟ فتجاهله الوزير وأنهى اللقاء لينصرف الأمين وصديقه مجرجرين أذيال الخيبة.

فى الظاهر ظل الرجل فى بيته يعيش حزينا ..ورفض  عروض رئيس وزراء لبنان بترك مصر والسفر والعمل كحارس رسمى بلبنان .. ورفض عروض الملك فيصل بالعمل لديه كحارس.. وفى الباطن كان القدر يجهز له مفاجأة أخرى .. فى العام 1967 .. طرق بابه ,, فتح ليجد أمامه النجم رشدى أباظة والمخرج حسام الدين مصطفى يعرضان عليه المشاركة فى فيلم  يجسد بطولته وشجاعته باسم « جريمة فى الحى الهادئ» .

وبعد 23 سنة من الحادثة .. يعود الكونستابل «الأمين عبدالله» ليؤدى فى الفيلم نفس الدور الذى أداه فى الحقيقة ... ويحقق حلم حياته القديم بالاشتغال فى الفن .

ألم أقل لكم إن بذرة النور والجينات الأصلية التى ذرعها الله فى ابن الأصول تخبره أن حقه سيعود إليه مهما طال الزمن ... فى الظاهر يستسلم .. ويبتعد ..وفى الباطن مهما  اتظلم عمره ما بيظلم .. بيسيب ربنا يجيبله حقه.