الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
درس رئيس الحكومة للتابعى!

درس رئيس الحكومة للتابعى!

«أفكر الآن فى كتابة» بعض من عرفت من الرجال ولن أسمى أحدًا منهم باسمه، ولكن القارئ سوف يعرفهم من أوصافهم»!



هكذا صرح واعترف الأستاذ «محمد التابعى» أمير الصحافة فى نهاية حواره الممتع مع الأستاذ «كمال الملاخ» والذى حرص على نشره فى كتابه «حكايات صيف».

وللأسف الشديد مضت السنوات ولم يكتب الأستاذ  التابعى هذا الكتاب رغم أنه عاصر وشاهد واقترب من كل نجوم السياسة والصحافة والفكر والفن وكانت له معهم حكايات ومواقف وذكريات أيضا.

لقد حرص الأستاذ الملاخ أن يسمع من التابعى بعضا من هذه الحكايات عن بعض الشخصيات التى عرفها، وتحت عنوان فرعى صغير «يوم خجلت وأحمر وجهى» يروى التابعى هذه الواقعة قائلا:

تولى المرحوم «محمد محمود باشا» رياسة الوزارة بعد إقالة المرحوم «مصطفى النحاس باشا» فى يونيو 1928.

ويلفت التابعى نظر الملاخ إلى أنه يتحدث إليه من الذاكرة إذ ليس عنده وقت لمراجعة مذكراته المكتوبة ثم يواصل الحكاية بقوله:

كنت أمضى عطلة الأسبوع فى فندق سان ستيفانو برمل الإسكندرية وكان ينزل فى الفندق المذكور رئيس الوزراء والوزراء.

وذات يوم وأنا متجه إلى غرفتى قابلنى المرحوم إبراهيم بك الطاهرى الذى كان صديقًا للمرحوم والدى وتأبط ذراعى وهو يقول: تعالى أعرفك بمحمد باشا محمود!!

وحاولت أن أتملص منه ولكنه جرنى جرًا إلى غرفة ما فى نفس الدور وفتحها ودفعنى أمامه وهو يقول:

يا دولة الباشا.. جبت لك التابعى أفندى أهو!!

ونهض رحمه الله ومد يده إلى يدى وصافحنى وأجلسنى إلى جانبه ثم قال: - أنا باسمع عنك إنك نبيه وعشان كده أنا باستغرب إزاى تؤيد «مصطفى النحاس».. ومع ذلك أنت حر.. فقط أنا لا أسمح لك أن تطعن فى وطنيتى، أنتقدنى كما تشاء، ولكن لا تجرحنى ولا تجرح وطنيتى.

وأحنيت رأسى موافقا وانصرفت!! وصدر العدد  التالى من «روزاليوسف» وعلى صدره - كاريكاتير - بالألوان وفيها حذاء ثقيل يركل محمد باشا فى ظهره وتحت الصورة هذه العبارة: هذا ما تريده مصر!!

وعدت فى عطلة الأسبوع إلى رمل الإسكندرية وفندق سان ستيفانو.. ودخلت قاعة الجلوس الكبيرة فى الطابق الأرضى وإذا بى أجد نفسى وجهًا لوجه أمام «محمد محمود باشا»، وابتسم لى رحمه الله من طرف فمه ابتسامه معوجة.. وأعترف بأننى خجلت وشعرت بأن الدم قد صعد إلى رأسى وأن وجهى يكاد يلتهب من شدة الخجل!!

وفى خريف عام 1939 عدت من أوروبا وكانت الحرب العالمية الثانية قد قامت ونزلت فى فندق سان ستيفانو وعرفت إن محمد محمود باشا مريض وأنه يود أن أزوره وزرته فى غرفته!

ورحب بى رحمه الله وراح يسألنى عن الأحوال فى أوروبا ورويت له ما سمعته فى المانيا، وهو أن الألمان لن يقعوا مرة أخرى فى غلطة الحرب العالمية الأولى وهى حرب الخنادق بل أنهم ينوون فى هذه الحرب أن تكون حربًا خاطفة!

وكانت هذه آخر مرة أرى فيها زعيم الأحرار الدستوريين فقد توفى بعد ذلك بعام أو عامين. وللحكاية بقية!