الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان عبدالقدوس وحوار مدته ثلاث سنوات!

إحسان عبدالقدوس وحوار مدته ثلاث سنوات!

إحسان عبدالقدوس بين الأدب والسياسة «هو أحدث مفاجآت زميلى الصديق «إبراهيم عبدالعزيز» الصحفى والكاتب اللامع صاحب الكتب المهمة عن تاريخ وحياة نجوم الصحافة والأدب والفكر!



الكتاب الجديد هو خلاصة حوار طويل أجراه الأستاذ محمد الشناوى المذيع وصاحب فكرة ومؤسس الإذاعات المحلية ورئيس لجنة اختبار المذيعين وعشرات الأعمال الدرامية سواء فى الإذاعة والتليفزيون والذى رحل عن حياتنا منذ حوالى عشرين عامًا.

هذا الحوار امتد لحوالى ثلاث سنوات بينه وبين إحسان عبدالقدوس ونشره فى حلقات فى مجلة «الجديد» التى أسسها ورأس تحريرها «د. رشاد رشدى» أوائل السبعينيات من القرن الماضى وتصدر مرتين فى الشهر حتى أغلقت المجلة بعد سنوات قليلة!!

الحلقة الأولى من حديث إحسان نشر فى أول فبراير سنة 1973 والأخيرة فى أول إبرايل 1976، وبمرور الوقت - ولأن آفة حارتنا النسيان كما يقول أستاذنا «نجيب محفوظ» فقد نسينا فى الزحام أخطر وثيقة أدبية ضمت اعترافات وذكريات إحسان عبدالقدوس، إلى أن شاءت الصدفة الرائعة أن يعثر إبراهيم عبدالعزيز على عدة «مجلدات تضم الجديد عند أحد باعة الكتب القديمة بشارع رمسيس، وذهب إبراهيم إلى المذيع اللامع حازم الشناوى ومعه هذه الحوارات وأكد حازم له أن والده لم ينشرها فى كتاب.

وهكذا قرر إبراهيم تقديمها للقراء باعتبارها أول سيرة موثقة لحياة إحسان الأدبية والسياسية، وكتب لها مقدمة مهمة وهكذا صدرت عن مؤسسة بتانة للنشر فى حوالى 726 صفحة ضمت 58 حوارًا.

كل حوار جدير بالقراءة وسوف تجد فيه المتعة التاريخية والحكايات السياسية التى عاشها إحسان عبدالقدوس، ومن عناوين الفصول تدرك أهمية هذه الحوارات ومنها: رفضت أن أكون ابن الست، من عش الزوجية إلى زنزانة السجن، ومن سجن الأجانب إلى حبل المشنقة، زوجتى تحمل المسدس وتتولى حراستى، عندما بكى سراج الدين على قميص حسن البنا، المعارك السرية بشارع الهرم، حاولوا قتلى ثلاث مرات، عندما هتف للنحاس صحفى على حبل المشنقة، عندما اتهمونى بمحاولة قلب نظام الحكم، عندما أيقظنى يوسف السباعى فى الفجر، أنا وهيكل ولماذا رفضت وساطة هيكل، ماذا قال الشعب لعبدالناصر.. الخ.

ومن وسط مئات الحكايات المهمة أتوقف أمام هذه الحكاية ذات الدلالة حيث يقول الأستاذ «إحسان»: «رغم كل ما أشيع من قبل عن علاقتى بتنظيم الضباط الأحرار الذى قاد الثورة، فالحقيقة التى أعلنها الآن إننى حتى الساعة الخامسة من صباح 23 يوليو عام 1952 لم أكن على يقين من تنظيم سرى لضباط الجيش ولم يكن يعننى هذا فأنا أولا وقبل كل شىء كاتب سياسى وأديب قصصى لا أكثر!

هكذا كنت وهكذا سأظل، أما التنظيم والتخطيط ثم التنفيذ فهذه أمور لها رجالها. وكان يكفينى من هؤلاء الرجال حماسهم لكل كلمة تكتب بالمجلة، بل إن حماس هؤلاء الضباط الثائرين وصل إلى حد الاسهام - من وراء الستار - فى تحرير المجلة، الرئيس السادات يكتب بلا توقيع عن فلسطين وغيرها من القضايا السياسية، وعبدالقادر حاتم يكتب عن لغة الأرقام فى مصر الأربعينيات.

ومن هنا لم أشغل نفسى كثيرًا لا كمفكر سياسى ولا كأديب باكتشاف أو حتى مجرد توقع شخصية قائد التنظيم الذى يعد للثورة، ولكننى لاحظت أيامها ظاهرة مهمة، وهى أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والرئيس السادات كانا دائمين أقل الضباط الثائرين كلامًا وأطولهما صمتا، وأكثرهما قدرة على الاستماع للآخرين، ثم إطلاق العبارة المناسبة التى تحسم الموقف فى الوقت المناسب بعد استيعاب كل وجهات النظر، وهذا فى تصورى من ألزم الصفات للثورى الناجح القادر على القيادة والتوجيه.

ومن هذه الظاهرة وحدها كنت على ثقة من إنه إذا كان هناك تجمع منظم للضباط الثائرين فلاشك أن «جمال عبدالناصر» و«أنور السادات» سيكونان فى مقدمة أعضائه البارزين»! وللحكاية بقية