الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 34

لغة الجينات 34

«النفاق» فى الظاهر هو أن تقول ما لا تفعل.. تبدى عكس ما تخفى فى قلبك، تظهر الخير، تذيع الحب والاحترام.. وفى الباطن  تكتم الشر وتخفى  الكره والحسد.



 «النفاق» هو أسوأ درجات الجينات الخبيثة .. والمنافق يمتاز بحلو وعذب الكلام ليقنعك بأنه صادق، وقادرعلى القيام بأى شىء تطلبه منه... باطناً عليلاً وظاهراً جميلاً.

«المنافق» من أصحاب الجينات الخبيثة فى الظاهر يرتفع سريعًا  للقمة.. وفى الباطن  يبقى داخل ظلمات الأنفاق، تحت الأرض كالأفاعى.. يستبيح النور فقط لمداهمة فريسته... وهذه الفريسة لا بد أن تكون فى القمة ويعزف لها المنافق سيمفونية محفوظة على مر التاريخ.. تبدأ من سيادتك عبقرية فذة... قراراتك ضربة معلم والله ياأفندم.. هيبة حضرتك طاغية... فى النهاية بنكتشف إن سيادتك كان عندك حق.. أحلام سيادتك أوامر.. شخبطة ابن حضرتك  تخطيط لمستقبل حياتنا.. الهجوم على حضرتك مجرد أحقاد.

«المنافق» ليس له شخصية ثابتة وليست له مبادئ أو قيم، مهزوم من الداخل نشأ على الكذب والخداع والمراوغة، متأرجح يتمايل على حسب المصالح التافهة.

«المنافق»  له وجهان، ظاهر وباطن، ويُسخِّر هذه الإزدواجية للإيقاع بمن يستهدفه عبر الغش والتدليس، فإن كان هدفه الحاكم أراد من نفاقه أن يحصد ذهبه، ويتقى سيفه، غير عابئ بالمصلحة العامة، أو حتى متحيز، على المستوى العميق والطبيعى، لمصلحة الحاكم نفسه.. والذى يضره النفاق والمنافقين أكثر من ضرر أعدائه له.

أصحاب الجينات الأصلية لا يعرفون النفاق.. لا يعرفون إلا قول الحق والصدق.. الأمن والأمانة ،الإخلاص والإستقامة.. النزاهة والوفاء .

الشيخ «محمود شلتوت» شيخ الأزهر وأول من لقب بالإمام الأكبر.. واحد من أصحاب الجينات الأصلية.. كان علامة فارقة فى تاريخ الأزهر ومصر، فى الظاهر نشر سماحة الإسلام فى العالم، وفى الباطن كان أول من سعى  للتقريب بين المذاهب الإسلامية، لا سيما السنة والشيعة، وأول من رأى أن إصلاح وتطوير وتجديد الأزهر ضرورة لا بد منها حتى لو عرضه ذلك إلى الفصل من منصبه وعزله.

«الشيخ شلتوت» لم يسلم خلال رحلته من التعنت وسوء الفهم ،والوشاية من المنافقين ، فعندما طالب بإصلاح الأزهرعام 1931 تم فصله مع 70 من علماء المشيخة ،بعدها عمل محاميا، وظل على منهجه فی نقده لسياسات الأزهر، والدعوة للإصلاح ونشر أفكاره الإصلاحية بالصحف اليومية والمجلات.

عام 1950، تم ترشيح  الشيخ شلتوت وكيلاً للأزهر، وعندما عرض الأمر على الملك فاروق اشترط الملك أن يتخلى الشيخ شلتوت عن الخطابة والتدريس بالمساجد، حيث كان يهاجم الملك بالإضافة إلى مناصرته للحركة الوطنية وللجهود الإصلاحية التى كان ينادى بها، لكن الشيخ شلتوت رفض بشدة وقال «لأن أفصل مرة أخرى من الأزهر، وأعيش مدة أخرى أنا وأولادى فى صراع الفقر خير لى من أن أساوم على كرامتى وأصالح على هوانى».

أثناء توليه المشيخة فتح تخصصات جديدة لم تكن متاحة لأبناء الأزهر، معاهد نموذجية تجمع بين التعليم الأزهری والعام، ومعاهد القراءات، ومعهد البعوث الإسلامية، ومعهد الإعداد والتوجيه، الذی يؤهل الطلاب غير العرب للدراسة باللغة العربية، وإدخال الكليات العملية لجامعة الأزهر، وزيادة البعثات الأزهرية لأوروبا، وزيادة بعثات الأزهر للدعوة إلى الإسلام والوعظ والإرشاد، وتدريس اللغات الأجنبية فی الأزهر، وافتتاح معاهد الفتيات لأول مرة فی تاريخ الأزهر، فصدر فی 9 يناير 1962م أول قرار بإنشاء معهد أزهری للفتيات، وهو معهد فتيات المعادى.

«الشيخ شلتوت»فى الظاهر معمم يعانى من وشايات المنافقين  ..وفى الباطن مفكر كبير من تلاميذ مدرسة التجديد التى كان أبرز روادها رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده ومصطفى المراغى وعبدالمجيد سليم ومصطفى عبدالرازق، الذين وعوا رسالة الإسلام فقاموا بتنبيه النفوس وإيقاظها، من أجل استعادة نهضة الوطن.

فيا أيها المنافق ستظل موجودًا، ولكنك ستظل أيضاً أحقر من فى الوجود... وإذا كان قانون الفيزياء يقول إن الضغط يولد الانفجار، فقانون الاجتماع يقول إنّ الضغط يولد النفاق الاجتماعى... فإذا سمعت الرجل فى الظاهر يقول فيك من الخير ما ليس فيك.. فتأكد أنه فى الباطن  يقول فيك من الشر ما ليس فيك.

فأحذر هذه أيام خروج النفاق برأسه من سرداب الظُلمات.. فلا تكن صامتاً أمام أحاديثهم.. بل كن مواجهاً لنفاقهم وقُبحهم وأمراض قلوبهم.