«طالبان» و«القاعدة» تاريخ من العنف والإرهاب
كتب محمود محرم
علاقات قوية تربط بين حركة «طالبان» و «تنظيم القاعدة» عززت المخاوف بعد سيطرة طالبان على افغانستان خوفًا من قدرة تنظيم القاعدة على إعادة الهيكلة، وترتيب عناصره مرة أخرى وإعادة بناء شبكته الإرهابية لإعادة تدبير هجمات حول العالم مرة أخرى.
وبالرغم من سيطرة حركة طالبان على الحكم إلا أن زعيم تنظيم القاعدة او من ينوب عنه لم يعلق على ذلك حسب خبراء فى شئون الحركات المتطرفة؛ لأن طالبان تتبع استراتيجية عدم إثارة الرأى العام ضدها وتريد أن تحصل على الشرعية، وبالتالى لن تسمح لعناصر «القاعدة» بالظهور لأنه يعتبر نوعا من الاستفزاز العالمي.
وقال منير أديب الباحث فى شئون الحركات الإرهابية، إن العلاقة بين طالبان والقاعدة علاقة قوية وموجودة وعمرها أكثر من عقدين من الزمن والولايات المتحدة الأمريكية دخلت أفغانستان عندما رفضت طالبان تسليم أسامة بن لادن بعد ضلوعه فى أحداث 11 سبتمبر، وكان ذلك السبب فى دخول أمريكا لأفغانستان. وأضاف، أخطأت أمريكا مرتين الأولى بدعمها المقاتلين الأفغان عام 1979 بهدف تفتيت الاتحاد السوفييتى وكانت سببا أيضا فى نشأة تنظيم «القاعدة» الإرهابى الذى قام بضرب برجى التجارة فى أمريكا عام 2001، والثانية حين دعمت «القاعدة» و«طالبان» بالانسحاب الأخير المفاجئ من أفغانستان. واشار إلى أنه لو استمر دعم حركة «طالبان» بهذه الصورة لتنظيم القاعدة الإرهابى سيشكل خطرا على المنطقة والإقليم بل والعالم كله وليس الولايات المتحدة فقط.. مشيرا الى أن هناك دولا كثيرة أقامت علاقات مع «طالبان» وغضت الطرف عن تعاونها مع تنظيم »القاعدة» وهناك دول استغلت السلوك الأمريكى وحاولت بناء علاقات مع «طالبان» و«القاعدة» من منطلق أيديولوجى بحيث تصبح أفغانستان مأوى لتنظيمات الإسلام السياسى والسلوك الدولى عموما يعكس مدى الأزمة فى التعاطى مع الخطر المتصاعد من أفغانستان وتأثيرها على أمن العالم. واوضح: طالبان استولت على السلطة فى أفغانستان، ومازال أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة موجودا بها ويتمتع بحرية كاملة ويعيش مع قيادات وأمراء هذا التنيظيم، ولم تخف طالبان هذه العلاقة وترى أن هناك روابط فكرية وشرعية وأيديولوجية بينها وبين القاعدة وكل تنظيمات العنف والإرهاب.
وتابع: العلاقة بينهما قائمة على المصلحة خصوصا مع التقارب الفكرى لهما فكل منهما يعمل لهدف مشترك وهو الوصول للدولة الإسلامية فهم أقرب لبعضهما البعض.. مشيرا إلى أن الظواهرى لم يعلق ولن يعلق حاليا لأن طالبان تتبع استراتيجية عدم إثارة الرأى العام ضدها وإنما تعمل على التهدئة فى الداخل والخارج، وتريد أن تحصل على الشرعية، وبالتالى لن تسمح له بالظهور أو التعليق لانه يعتبر نوعا من الاستفزاز العالمى وطول الوقت يتجاملون أمام العالم وظهوره عكس ما يريدون، مضيفا لا أعتقد أن طالبان ستسمح لهم بفتح معسكرات تدريب يمكن رصدها من الخارج وتعرضها للقصف كما أن وجود تنظيم القاعدة فى أفغانستان سيكون أكثر سرية وبشكل رسمى أقل.
وقال نبيل نعيم القيادى الجهادى السابق، إن فترة حكم طالبان لـ«أفغانستان» التى استمرت خمس سنوات بين عامى 1996 و2001 شهدت قيام طالبان بتشكيل علاقات مع تنظيم القاعدة الذى يتزعمه أسامة بن لادن، مما وفر لزملائه الأصوليين قاعدة يمكنهم من خلالها تدبير الهجمات الارهابية.. مشيرًا إلى أن القاعدة كانت عبارة عن مجموعة من المجاهدين العرب الذين تواجدوا فى افغانستان بعد خروج الاتحاد السوفييتى وخرج جزء منهم والباقى فضل الاستمرار هناك، وطالبان وفرت الحماية لهم.
وأضاف علاقة طالبان بأى تنظيم إرهابى هى عبارة عن توفير الحماية والملاذ الآمن لهم، ولكن سيمنعونهم من ممارسة أى نشاط عدائى من على أراضيهم ولو حدثت خلافات بين طالبان والقاعدة ستطرد طالبان عناصر القاعدة، مُشيرًا إلى أن هناك خلافات بين قيادات تنظيم القاعدة ومنقسمون حاليا على «الإمارة» وهناك اقوال مرجحة تقول إن الظواهرى مات، وحدث خلاف بعد موته وهو ما يفسر عدم تعليق التنظيم الإرهابى حتى الآن على عودة طالبان للحكم، كما أن التنظيم الذى أسسه بن لادن تغير كثيرا فى العقدين الماضيين.
ومن جانبه قال مصطفى زهران الباحث فى شئون الحركات المتطرفة، إن تنظيم القاعدة اتخذ من أفغانستان منصة انطلاق لها ولمقاتليها ونقطة تمركز رئيسية منذ أيام أسامة بن لادن، حينما كانت تمثل شبكة من الجهاديين أو مظلة يندرج تحتها الراغبون فى العمل الجهادى خاصة من العرب.
وأضاف تعود العلاقة بين حركة «طالبان» و«القاعدة» منذ الأيام الأولي لتأسيس شبكات المجاهدين العرب على يد أسامة بن لادن أيام الجهاد الأفغانى ضد الاتحاد السوفييتى، وبايع أسامة بن لادن قبيل مقتله زعيم تنظيم «طالبان» آنذاك الملا «عمر» حتى مقتله، وطالب الجهاديين وأبناء التنظيم مبايعته حتى أضحت سنة متبعة لدى القاعدة وخلف الظواهرى بن لادن، وسار على الدرب ذاته.
وتابع: دأب أيمن الظواهرى من آن لآخر على مغازلة التنظيم خاصة بعد مقتل الملا محمد عمر خشية أن تطل القيادة الجديدة تغير فى سياق رؤيتها تجاه التنظيم، وحين تمت تسمية الملا «هبة الله» وتقلده رئاسة الحركة أصدر الظواهرى بيعة له فى 2016ولكن الأمير الجديد لحركة طالبان آثر ألا يعلق على بيان القاعدة، ويفهم ايضا أن طالبان راغبة فى توظيف ورقة القاعدة كسلاح تفاوضى مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو منجز سياسى تحقق بمرور الأيام يعكس حجم التطور السياسى الذى أضحت عليه حركة طالبان رافق نجاحاتها العسكرية الأخيرة وبحنكة سياسية عالية واصل تنظيم القاعدة إظهار دعمه لتحركات طالبان السياسية.
وأوضح أن القاعدة ستلجأ إلى تطوير رواية جديدة ومغايرة لتبرير استمرار الصراع المسلح فى أفغانستان؛ لكنها باتت تتفهم جيدا رغبة القيادة الطالبانية فى إغلاق ملف القاعدة والمجاهدين العرب فى أفغانستان وعازمة عليها بلا تردد بعد أن تسببت فى كلفة باهظة الثمن على مدار العقدين الماضيين.
وكشفت دراسة حديثة صادرة عن المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب عن قوة العلاقة بين حركة طالبان التى تسيطر على أفغانستان وبين تنظيم القاعدة، مؤكدة أن العلاقة بينهما «متينة» وأن الاتصالات بينهما لا تنقطع». ونقلت الدراسة عن تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية أن حركة طالبان صعدت خلال الأشهرالثلاثة الأولى من عام 2021، هجماتها ضد الشعب الأفغاني، وحافظت على علاقات وثيقة مع القاعدة وخططت بنشاط لهجمات واسعة النطاق، وأن هذا التصعيد الطالبانى يأتى تزامناًمع فشل محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية فى إحراز أى تقدم».
وأوضحت الدراسة، أن تنظيم القاعدة يواصل الاعتماد على طالبان فى الحماية وأن العلاقات بين المجموعتين قد تعززت، وفقاً لمعلومات من وكالة استخبارات الدفاع الامريكية مؤكدة أن طالبان لا تزال تتمسك بروابط صلة متينة مع القاعدة، وأن الحركة تشاورت بانتظام مع القاعدة خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة وعرضت ضمانات بأنها ستحافظ على الروابط التاريخية بينهما ولا تزال العديد من فروع القاعدة، بما فى ذلك أبرز فروعها فى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تحتفظ بقواها».






