الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
معركة فرافير يوسف إدريس!

معركة فرافير يوسف إدريس!

كان آخر ما يخطر على بال د.يوسف إدريس تلك الضجة النقدية والأدبية التى تعرضت لها مسرحيته الشهيرة «الفرافير» التى قام ببطولتها الفنان توفيق الدقن وعبدالسلام محمد وسهير البابلى وعبدالرحمن أبوزهرة، وإخراج الفنان الكبير كرم مطاوع.



جرى ذلك عام 1964 ولما زادت الحملة عن حدها قرر د.يوسف إدريس أن يكتب توضيحًا بدأه قائلًا: كنت ولا أزال أعتقد أن من واجب الكاتب أن يلزم الصمت إزاء المناقشات التى تدور حول عمله باعتبار أنه لا يملك أن يضيف من عنده ما ينقص أو يزيد من مفهوم العمل نفسه، ولكن المناقشات حول مسرحية الفرافير بدأ بعضها يأخذ اتجاها غريبا لا أعرف كيف أسميه! وإنما أعرف تماما أنه خارج نطاق الفن والثقافة عامة، والكاتب ليس مسئولا فى رأيى عن أى مفهوم خاطئ يخرج به الناقد أو المشاهد أو القارئ وهو أيضا ليس مسئولا عن الأراء التى يتبرع بها بعضهم، ولقد تبرع هذا البعض بآراء كثيرة يهمنى بصفة خاصة أن أدحضها هنا!!

وفى هذه المساحة سأكتب هنا بإرادة أهم وأبرز ما قاله د.يوسف إدريس فى مقاله حيث كتب يقول: نسب لى البعض أننى كتبت هذه المسرحية لأثبت أن العلاقة بين الفرفور والسيد علاقة أبدية لا سبيل إلى الفكاك منها، وهو رأى لا أدرى من أين استقاه أصحابه أن المسرحية كلها صرخة احتجاج غاضب على هذا الوضع واستغاثة عاجلة لتغييره، وإصرار على أن كل الحلول التى جربتها البشرية لم تحل بصفة قاطعة هذا الوضع المهين لكرامة الإنسان فهل يعد نقد هذه الحلول والمطالبة بحل جديد تشاؤما بمستقبل البشرية؟!

ووصل الأمر ببعض الزملاء إلى أن اتهموا المسرحية بأنها تتعارض مع الاشتراكية باعتبار أنها لم تجد حلًا لمشكلة السيد، والفرفور فى الاشتراكية، لقد كتبت هذه المسرحية كاشتراكى ثورى يؤمن أن الاشتراكية هى عملية تطوير مستمر للفكر الاشتراكى وللمفاهيم الاشتراكية، وأى محاولة لغلق باب الاجتهاد فى الاشتراكية هى محاولة ضد الاشتراكية نفسها، لأنها محاولة لإلغاء قدرة الكائن البشرى على الخلق والتطور والارتقاء!

ويمضى د.يوسف إدريس قائلًا: كذلك ذكر الدكتور مندور أن النص المقدم على خشبة المسرح غير النص الذى كنت قد قدمته للجنة القراءة، والحقيقة أننى بعد تقديم النص المذكور إلى لجنة القراءة قررت من تلقاء نفسى أنه من المستحسن أن يدمج الفصلان الثانى والثالث معا بحيث ترد المحاكمة على ألسنة زوجة فرفور وزوجة السيد الميت وفرفور والسيد نفسه. وعلى العموم فنص المسرحية سيكون بعد أيام فى متناول القراء، وباستطاعة من فاته استيعاب أجزاء من المسرحية أن يرجع إليها فى النص، وأنى متأكد أنه لو حدث هذا لزال الكثير من اللبس!

وينهى د.يوسف إدريس مقاله المهم بقوله: وما أسرعنا أحيانا فى ازجاء التهم دون تمحيص أو محاولة من جانبنا لفهم أعمال، ربما بذل أصحابها أعمارًا لانجازها، ونستكثر نحن بضع ساعات نقف فيها أمامها وقفة المتأمل المحايد، وليس وقوف الباحث عن احتمال الخطأ المسارع إلى إطلاق الأحكام، وكلها أحكام متشائمة نزعم بها أننا ندين التشاؤم ونندد به!

يجب أن نتعلم جميعا كيف نثق أكثر فى أنفسنا وفى بعضنا البعض، وكيف ننبذ سوء النية والترصد!

أنى كاتب ملتزم وأهون عندى ألف مرة ألا أكتب بالمرة، من أن أكتب عملًا أشعر من بعيد أو من قريب أن الرؤية المسرحية التى تبتكر لتجسيد هذا العمل هى ضد ما أؤمن به وأعتقد. حكاية مهمة ذكرها د.يوسف فى كتابه الممتع «شاهد عصره»!