الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحمد بهاء الدين يحاور أنديرا غاندى!

أحمد بهاء الدين يحاور أنديرا غاندى!

فى عام 1955 صورت الطبعة الأولى من كتاب الأستاذ الكبير أحمد بهاءالدين «رسائل نهرو إلى أنديرا» وهو ترجمة بديعة ورائعة لرسائل الزعيم الهندى الأسطورة و«نهرو» إلى ابنته أنديرا غاندى أشهر وزراء الهند فيما بعد، وبعد عشر سنوات أصدر الطبعة الثانية من كتابه، ثم بعد اغتيال أنديرا غاندى فى أكتوبر 1984 أصدر الطبعة الثالثة من كتابه بمقدمة جديدة مهمة روى فيها قصة لقاء له معها، ويحكى الأستاذ بهاء قائلا:



«ولا أنسى وأنا أكتب مقدمة هذه الطبعة الثالثة أن أذكر فيما حدث بين الطبعتين أن «أنديرا» كانت زارت القاهرة زيارة رسمية وكنت نقيباً للصحفيين وأرادت أن تلتقى بعدد من المثقفين والمفكرين فعُهد إليّ بمهمة استضافتها وترتيب هذا اللقاء لها!

وقد كان غريباً أن أجد فى الاحتكاك الشخصي، هذه السيدة الحديدية قواماً نحيلاً، وأنوثة ناعمة، ورقة بالغة فى الصوت والحركة والتصرف والحديث، لا يمكن أن تكون هذه هى التى تروض يومياً سبعمائة مليون هندى من كل المشارب والأنواع، وعشرات الأديان واللغات والعناصر، وحكمت الهند ثلاثة عشر سنة متوالية وسط أعنف المعارك السياسية والحزبية والاشتباكات والقلاقل الدينية والطائفية»!

ويضيف الأستاذ بهاء قائلاً: ولكن السر كان بسيطاً فإننى أذكر أننى أردت أن أجاملها فقلت لها ما معناه أننا والشعب المصرى نعرف الهند كثيراً، فالأفلام الهندية وقتها تملأ دور السينما فى مصر وتجذب أوسع الجماهير!

وقالت لى ضاحكة: إذن فأنتم لا تعرفون شيئا عن الهند، أما السبب فهو أن الأفلام الهندية كما يعرفها كل من رأى شيئا منها تجرى فى القصور وبأفخر وأغلى الثياب التقليدية إلى آخره، بعكس الهند تماماً أحد أفقر بلاد العالم!! (وقت كتابة بهاء لهذه المقدمة سنة 1986).

هذه السيدة النحيلة روتينياً، إنها مخلصة حقاً لسمعتها ومصدر قوتها، وهى إنها منحازة للفقراء، وهى لا تحاول كما يفعل كثير من رؤساء الدول أن تعطى انطباعاً مغايراً عن فقر شعبها، ولا تخجل منه، وفى داخل هذا الإرهاب الرقيق أعصاب من فولاذ، تجعلها تواجه الحقيقة وتصمم على تغييرها مهما كان الثمن وقد دفعت أغلى ثمن!!

ولكن أنديرا غاندى لم تمت فى سلام كما مات أبوها، إنما ماتت اغتيالاً على يد بعض جنود حرسها الخاص من المتعصبين «السيخ»، وقد تعجب الناس يومها من أن تحتفظ «أنديرا» فى حرسها الخاص بجنود من طائفة «السيخ» رغم اشتباك السيخ معها فى معركة دامية مريرة!

ولكن هذا جزء من أسطورة «آل نهرو» فى زعامة شعب أصبح تعداده الآن يقرب من ثمانمائة مليون، الأمر الذى يحتم على من يقوده أن يتمتع بصفات خارقة للعادة، ومنها الإصرار بشجاعة على تجسيد ما يوحد كل الشعوب الهندية ولو بالمخاطرة بالموت اغتيالاً!!

تركت الهند التى تضاعف عددها وقد أصبحت الهند دولة مكتفية بذاتها فى إنتاج القمح، بل وفى تصويره أحياناً وهذا يكفى دليلاً على الدور التاريخى الذى لعبته فى حياة الهند، كانت أكثر جرأة فى مصادمة عادات هندية موروثة فعمدت فى سبيل تحديد النسل إلى وسائل حادة أبرزها تعقيم الرجال»!

وعندما يقرر الأستاذ بهاء ترجمة هذا الكتاب المهم فلابد إنه وجد فيه من الدروس ما يستحق أن يتعلمه القارئ العربي، فما حكاية هذه الرسائل وماذا تضمنت، والتى أرسلها إلى ابنته صاحبة الثلاثة عشرة عاماً!

وللحكاية بقية!