الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر ترسم خارطة طريــــــــــــــــــــــــــــق نحو اقتصاد أكثر تنافسية

بدأت فعاليات اليوم الثانى من «المؤتمر الاقتصادى ـ مصر 2022»، والذى تعقده الحكومة بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، لوضع خارطة طريق نحو اقتصاد أكثر تنافسية، انعقدت فعاليات الجلسة الأولى تحت عنوان «وثيقة سياسة ملكية الدولة..



ودعم سياسات المنافسة»، بمشاركة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، حيث تم استعراض عدد من المحاور المرتبطة بآليات تنفيذ سياسة ملكية الدولة المصرية، والمبادئ الحاكمة لتواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى، إضافة إلى استراتيجية جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، فضلاً عن الحياد التنافسى والبيئة التشريعية المواتية للنشاط الاقتصادى، ودور سياسة الحياد التنافسى فى تعزيز الاقتصادات، وكذلك دور الحياد التنافسى فى تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وخلال الجلسة، عرض  أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، أبرز الملامح الرئيسية لـ«وثيقة سياسة ملكية الدولة»، وكذا الجهود التى تمت لإعلان الوثيقة، وسياسات تشجيع المنافسة والحوافز الذكية، مشيرًا إلى أن هذه الوثيقة تم إعدادها من قبل مجموعة عمل على مدار الشهور الماضية، والهدف منها هو زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، بغرض تعظيم العائد للمصريين، وكذلك حوكمة العلاقة بين الدولة والمستثمر، وتبنِى التدابير والإجراءات اللازمة من أجل العمل على رفع تنافسية الاقتصاد المصرى مع التركيز على القطاعات الصناعية والتكنولوجية، منوهًا إلى أنه ستتم ـ على مدار اليومين الثانى والثالث من المؤتمر ـ مناقشات قطاعية أيضًا فى هذا الصدد.

كما استعرض « كجوك»، المؤشرات التى ستتم متابعتها للتأكد من زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، والتى من بينها زيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى، وزيادة حصيلة الصادرات السلعية إلى 100 مليار دولار سنويًا، وزيادة حصيلة السياحة إلى 30 مليار دولار سنويًا، مؤكدًا عددًا من الحقائق بشأن الوثيقة، وهى أنها وثيقة حية وممتدة، وسيتم تنفيذ المراحل الأولى منها على مدى زمنى يتراوح من «3 ـ 5» سنوات، كما أنها تتسم بالشمولية، والوضوح والشفافية فى كل منظومة العمل من الإعداد والمتابعة والتنفيذ.

وفيما يتعلق بمستوى إعداد الوثيقة، والحوار المجتمعى الذى تم تدشينه بشأنها، أشار نائب وزير المالية إلى أنه تم إعدادها بمشاركة نخبة من الخبراء على مدار 7 أشهر، وبالاطلاع على 30 تجربة، و20 مقابلة متعمقة مع الخبراء، كما تم الاعتماد على 6 معايير رئيسية استنادًا إلى التجارب الدولية، ليتم استكمالها بعقد حوار حقيقى وموسع مع الخبراء والقطاع الخاص بشأنها، حيث تم عقد 40 ورشة عمل، على مدار ثلاثة أشهر متواصلة، وبحضور 1000 مشارك، كان من بينهم 35% من القطاع الخاص، و30% من الخبراء المستقلين، منوهًا كذلك لإعداد منصة حوار الخبراء الإلكترونية، والتى تمت إتاحة جميع الوثائق المرجعية والتفاصيل الخاصة بالوثيقة بوضوح وشفافية عليها، وكان هناك أكتر من 10 آلاف خبير تفاعل مع هذه المنصة، إلى جانب إعداد تطبيق هاتف محمول «شارك»، لافتًا إلى أن نتائج هذه الورش جاءت متوافقة بشأن 70% من الأنشطة المتضمنة بالإصدارة الأولى من الوثيقة، و30% من الأنشطة تم اقتراح تعديلها من الخبراء والقطاع الخاص، إلى جانب إضافة 68 نشاطًا فرعيًا جديدًا إلى الوثيقة، فضلاً عن إدخال عدد من التعديلات على الوثيقة، وفقًا لنتائج تلك الورش.

وتطرق «كجوك»، إلى توضيح الآليات المتنوعة التى سيتم تبنيها لزيادة دور القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، وفقًا للأنسب لكل من تلك الأنشطة، وذلك بتبنى 7 آليات متنوعة من بينها الإدارة، أو المشاركة فى التمويل، وهو ما أكد عليه رئيس مجلس الوزراء فى مداخلة قام بها، مؤكدًا أنه فى أحوال عديدة قد تمتلك الدولة الأصل، ويقوم القطاع الخاص بالإدارة أو التشغيل، أو بزيادة رأس المال، فبيع الأصول هو إحدى الآليات وليس جميعها، وهو ما تستعرضه الوثيقة بالتفصيل.

واستكمل «كجوك» عرضه، بالإشارة إلى الإصلاحات والسياسات والتدابير الخاصة بتشجيع المنافسة وتعزيز الحياد التنافسى، باعتباره محورًا مهمًا ومكملاً لتنفيذ وثيقة سياسة الملكية، مؤكدًا أن تنظيم الأسواق، وتعزيز المنافسة أصبحا فى مقدمة أولويات حكومات اقتصادات الدول الناشئة بعد جائحة «كوفيد ـ 19»، حيث عملت الدول على تطوير وإعادة تنظيم أسواقها، كما أن هناك إجراءات أخرى ضرورية ولازمة لزيادة تنافسية الاقتصاد بشكل عام، خاصةً فيما يتعلق باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلى، وبتوفير بنية تحتية مطورة.

وفى السياق نفسه، أشار « كجوك» إلى توجه الدول بشأن الحوافز المتبناة بأن تكون ذكية ومرتبطة بتحديد أهداف ومؤشرات محددة، وتضمن أن يتسم اقتصاد الدولة بالكفاءة العالية، وتحقيق المزيد من الصادرات، وخلق فرص العمل.

وعقب رئيس الوزراء فى ختام الجلسة، مؤكدًا حرص الدولة على تمكين وزيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص فى مختلف أنشطة الاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أن ما تم استعراضه لتتبع مسار الاقتصاد المصرى على مدار الأربعين سنة الماضية، إنما يؤكد أن الدولة المصرية كان لابد لها أن تحقق معدلات نمو بأضعاف مضاعفة لما يتحقق بالفعل، وذلك لمواجهة أحد أهم التحديات ألا وهى مشكلة الزيادة السكانية، قائلاً: «من الجائز فى حالة عدم وجود زيادة سكانية ووجود ثبات فى عدد السكان.. عدم الاحتياج إلى ضخ استثمارات جديدة، ولا تدفقات، على أساس أن الاقتصاد وصل لنوع من التشبع»، مضيفًا مع الوضع الراهن وحدوث زيادة فى عدد السكان بمقدار 2 مليون مواطن سنويًا، فإن ذلك يستلزم إضافة جديدة للاستثمارات من القطاع الخاص، أو من جانب الدولة فى حالة عدم قدرة القطاع الخاص على الاستثمار فى عدد من القطاعات.

وأضاف «رئيس الوزراء»: حرصنا خلال إعداد وثيقة ملكية الدولة المصرية على التأكيد على تطبيق مبادئ الحياد التنافسى فى الوثيقة، وخاصة فيما يتعلق بالحياد الخاص بالضرائب، وكذا المديونية، والحياد التنظيمى والتشريعى، موضحًا أن الهدف من وثيقة ملكية الدولة هو وضع إطار تنظيمى واضح ومحدد، يتم من خلاله تنظيم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يهم كثيرًا من المستثمرين الراغبين فى الاستثمار فى مصر.

ونوه مدبولى، إلى رؤية الدولة فى التخارج من عدد من القطاعات على المدى المتوسط، مؤكدًا أن مفهوم التخارج لا يعنى أن الدولة تبيع أصولها، مشيرًا إلى ما تم طرحه خلال الجلسة من جانب الحضور فى هذا الصدد، موضحًا أن البدائل التى تأتى كأولوية، إما أن تكون من خلال إجراء الطرح العام للأصل فى البورصة للأفراد العاديين، أو دخول مستثمر استراتيجى سواء محليًا أو أجنبيًا والقيام بزيادة رأس المال، والمشاركة فى الإدارة، ورفع كفاءة هذا الأصل، للوصول به للشكل الأمثل، لافتًا إلى آليات التعامل مع مثل هذه الأصول، والتى منها الإيجار، وغيرها من الآليات المختلفة.

وجدد رئيس الوزراء، التأكيد على أن هدف وثيقة سياسة ملكية الدولة، هو تحديد إطار تنظيمى ومؤسسى واضح ينظم العلاقة ما بين القطاع الخاص والدولة، ويعمل على طمأنة المستثمر الداخلى أو الخارجى على استثماراته سواء على المدى المتوسط أو البعيد.

وردًا على ما يتعلق بإقرار رسوم بصورة مفاجئة على المستثمرين، أشار «مدبولى»، إلى القرار الذى تم اتخاذه من قبل مجلس الوزراء، والمتضمن النص على عدم إصدار أى جهة أية رسوم دون الرجوع للمجلس، وتم توزيع هذا القرار على مختلف الجهات، مطالبًا بأن يكون هناك اتصال مباشر به أو بمكتبه، فى حالة ظهور أى رسم بشكل مفاجئ، أو لم يكن موجودًا من قبل، لأنه تم توجيه تعليمات لمختلف الجهات بعدم إصدار أى رسوم إلا بالرجوع إلى مجلس الوزراء.

واتفق رئيس الوزراء، مع وجهة نظر رجال الصناعة، فى احتياج مصر لاستراتيجية لتطوير الصناعة، موضحًا أن لدينا فرصة خلال هذا المؤتمر وفى وجود مختلف رجال الصناعة المصرية، للعمل معًا لوضع هذه الاستراتيجية، مشيرًا إلى أهمية مشاركة رجال الصناعة فى مصر فى وضع الاستراتيجية، قائلاً: «لأنهم الأعلم بوضوح شديد ما هى المستهدفات وما هى ملامح هذه الاستراتيجية»، مؤكدًا أن الدولة تدعم وتساند مختلف الجهود للخروج باستراتيجية متكاملة للصناعة، لافتًا إلى الطموح بأن تكون أحد مخرجات هذا المؤتمر الاقتصادى، هو الوصول إلى إطار عام لاستراتيجية الصناعة فى مصر لمدة 10 سنوات قادمة يتم الإعلان عنه، قائلاً: «وإذا لم يتم ذلك، فلابد من التوافق على خروج هذه الاستراتيجية خلال 3 شهور من تاريخ انعقاد الجلسة».

كما شدد «مدبولى»، أنه تم الرد على مختلف الملاحظات والاستفسارات الخاصة بوثيقة ملكية الدولة، مشيرًا إلى حرص الدولة على طرح هذه الوثيقة للحوار المجتمعى، على الرغم من الانتهاء منها منذ 3 شهور، بالتعاون مع القطاع الخاص، وقطاع الأعمال، بحيث يتم تنفيذها عقب صدورها بتوافق، منوهًا إلى أنه سيكون هناك آلية متابعة لتنفيذها بصورة مستمرة.