الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البتـرول الرقمـى

البتـرول الرقمـى

ينص الدستور المصرى فى عدد من المواد يأتى على رأسها المادة 23 على أنه «تكفل الدولة حرية البحث العلمى وتشجيع مؤسساته، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية, كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلى وإسهام المصريين فى الخارج فى نهضة البحث العلمى.»



والمادة السابقة على اتساع نطاقها والإيحاء الذى تتركه بأنها مرتبطة بالبحث العلمى المجرد إلا أنها فى حقيقتها تؤسس لمفهوم عن ضرورة الاهتمام والتركيزعلى البحث العلمى والابتكار الذى يساهم مساهمة جادة وفعالة فى اقتصاد المعرفة, فالابتكارات الأولى فى كل من العصر الزراعى كان ارتكازه الأساسى على الأرض والآلات الزراعية وأساليب الزراعة, ثم انتقلنا إلى العصر الصناعى المبنى على العمالة ورأس المال وطاقة البخار والطاقة الكهربائية حتى وصلنا إلى الثورة الصناعية الثالثة عام 1969 أى عصرالأنظمة الفنية وقواعد البيانات وشبكات المعلومات وعلى رأسها بالطبع شبكة الإنترنت قبل أن ننتقل فى منتصف العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين وتحديدًا عام 2016 عندما ظهر مصطلح الثورة الصناعية الرابعة على لسان كلاوس شواب رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادى العالمى World Economic Forum (WEF) والذى نجد فيه- أى هذا العصر- العديد من المصطلحات المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد والطائرات المسيرة (Drones) والحوسبة السحابية وتحليل البيانات الكبيرة أو العملاقة (Big Data Analysis), وهى التى ترتكز على هذا الكم المهول من البيانات والمعلومات والتى تعتبر بحق هى بترول العصر الحالى إذا أحسن استغلالها بداية من عمليات الجمع والتنقيح والتحليل, ومن ثم إمكانية استخدام الناتج فى وضع بدائل لاتخاذ القرارات المستقبلية المصيرية والعادية لضمان أفضل استفادة ممكنة من تلك التقنيات.

الانتقال إلى اقتصاد المعرفة والذى يمكن تعريفه على أنه الاقتصاد المبنى على المعلومات  وتحليلها، وتعتبر البنية التحتية وتقنيات الحواسب والشبكات هى الأدوات التى ينطلق من خلالها هذا الاقتصاد، بالطبع لم يبدأ هذا الاقتصاد قويًا, بل احتاج الأمر إلى الدخول فى الألفية الثالثة وانتشاراستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حتى نتمكن من توليد هذا الكم من البيانات والمعلومات, ومن ثم توليد المعارف المبتكرة والأرقام حاليًا تعرض هذا, حيث يوجد لدينا ما يقترب من 6.6 مليار هاتف ذكى وحوالى 4.95 مليار مستخدم لشبكة الإنترنت تقوم تلك الأجهزة, بالإضافة إلى الحواسب الآلية ومستشعرات إنترنت الأشياء بتوليد كميات مهولة من البيانات وصلت إلى 79 زيتا بايت (ألف مليار مليار حرف) فى عام 2021 , ومن المتوقع أن تصل إلى 97 زيتا بايت بنهاية هذا العام وسترتفع لتصل إلى 181 زيتا بايت بحلول عام 2025.

وللتدليل على حجم اقتصاد المعرفة نجد أن الأمم المتحدة تقدره بحوالى 7% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى مع معدل نمو سنوى لا يقل عن 10%، وفى الحقيقة فإن التطور التكنولوجى الحادث ليس هو المكون الوحيد لاقتصاد المعرفة, حيث نجد أن الابتكار والتعلم المستمر مع وجود بيئة تشريعية محفزة هى العناصر الأساسية التى يقوم عليها هذا الاقتصاد الذى نجد من عجائبه ارتفاع القيمة السوقية لشركات المعلومات بصورة غير مسبوقة بالرغم من عدم وجود أصول ثابتة تقليدية كبيرة لها, وهوما نراه فى شركات كبيرة مثل ميتا وأمازون وأوبر وغيرها من الشركات.