الإثنين 22 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحضانة و الرؤية صراع مستمر بين الآباء والأمهات

أين حق الأبناء؟!

يتصارع الآباء والأمهات على حقهم فى الحضانة والرؤية لآبنهائهم فيما يتجاهل الجميع حق الطفل فى حياة آمنة مستقرة يغفلون حق الأبناء فى رؤية آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم وحمايتهم من الآثار النفسية المدمرة الناتجة عن معارك الصراع الأسرى، فهناك قصص مأساوية لا حصر لها، لعل أبرزها وآخرها ما حدث مؤخرًا حينما ذهب أب لتنفيذ حكم بالرؤية لابنته الصغيرة فى إحدى حدائق مدينة كفر الدوار، إذ جاءت الطفلة بصحبة والدتها، لكن سرعان ما نشبت مشاجرة بين الوالدين نتج عنها إصابة الأم بطلق نارى إضافة إلى طفل صغير، ومقتل أحد المتواجدين فى المكان، وذلك ثالث أيام عيد الفطر الماضى، ما يؤشر لما يمكن أن تصل إليه الأمور نتيجة الصراع بين الوالدين على حضانة الأطفال، الذين من المفترض أن تكون لهم المصلحة الفضلى. ومن قمة التراجيديا إلى حالات صراع دائم فى ساحات المحاكم بين الآباء والأمهات على حق الحضانة والرؤية، فأين حق الأبناء؟ أليس من حقهم رؤية الجد والجدة لأمهم وكذلك آباؤهم؟!



تنص المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية على أنه لكل من الأبوين الحق فى رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، ولا ينفذ حكم الرؤية قهرًا، لكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر ينذره القاضى فإن تكرر منه ذلك يجوز للقاضى إصدار حكم واجب النفاذ بنقل الحضانة مؤقتًا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها القاضى.

كما نصت المادة 67 من القانون على أنه: ينفذ الحكم الصادر برؤية الصغير فى أحد الأماكن التى يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية، وذلك ما لم يتفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم على مكان آخر، بل ومن التعديلات المقترحة فى القانون هى السماح للأب بالاستضافة للطفل والمبيت معه، وأن تشمل الرؤية بقية الأقارب، كذلك الرؤية الإلكترونية للأب فى حالة السفر، على أن يكون الأب فى المرتبة الثانية بعد الأم حال سقوط الحضانة عن الأم.

فى ضوء ذلك.. تفتح «روزاليوسف» ملف الرؤية للوالدين عند الطلاق وكيف يمكن رأب هذا الصدع للحفاظ على الأسرة المصرية وحماية الأجيال القادمة من تأثير هذه الصراعات عليهم، علمًا بأن الأسماء الواردة مستعارة بناء على رغبة أصحابها حماية لخصوصية أبنائهم.

«كل ما أتمناه أن ينتظم ابنى فى الذهاب إلى المدرسة التى سجلت اسمه فيها ولم يذهب سوى يومين».. بتلك الكلمات استهل «حاتم» -اسم مستعار- حديثه عن معاناته مع زوجته ووالديها؛ لإصرارهم على منع ابنه من التعليم كنوع من العقاب له، بخلاف عدم الانتظام فى الحضور لموعد الرؤية الذى تم تحديده بحكم قضائى رغم التزامه بالإنفاق على زوجته وابنه ورغبته المتكررة فى الصلح عدة مرات، لكنه يتعرض للابتزاز المادى فى كل محاولة منه للصلح، حتى رؤية ابنه لا يتم الالتزام بالموعد المحدد من المحكمة ولا السماح لابنه بالجلوس على رجله، قائلًا: كل ما أرغب فيه قضاؤه الوقت برفقتى والمبيت فى حضنى ليوم واحد فى الأسبوع، والسماح له بالتعليم.

كان «عاصم» –اسم مستعار- حذرًا عندما تشاجرت والدته مع والدة زوجته ألا يؤثر ذلك على حياته الزوجية، لكن هذا الحذر سرعان ما انهار مع زيادة وتيرة المشكلات، فترك منزل الزوجية أولًا وكان يرسل النفقة الشهرية، وكان يميل إلى الحل الودي، لكنه تفاجأ بدعوى طلاق وأخرى بالنفقة رغم عدم انقطاعه عن إرسال المستحقات المالية؛ فكانت النتيجة غاضبة عبر مبادرته بالطلاق الغيابى لزوجته. ويأسف لما وصل إليه الوضع، خاصة أن بعض المحامين يضعون عناوين غير صحيحة، وكلما بحث وجد دعاوى قضائية تم تحريكها ضده، وتم منعه من رؤية أطفاله لمدة عامين بعد عرضه التصالح وقبول طلبه بشرط استمرار دفع النفقة فى المحكمة وهو ما لم يقبله تمامًا، وبعد تدخل وسطاء تم السماح له برؤية الأبناء، لكن كانت طليقته حاضرة دائمًا فى كل اللقاءات وترفض ترك الأبناء بصحبة والدهم، بل وترفض أن يكون اللقاء فى منزل الجدة وتصرّ أن يكون فى مكان عام بحضورها، وعندما اعترض طلبت منه رفع دعوى قضائية للرؤية، الأمر الذى يرفضه تمامًا، قائلًا: كيف أرى أبنائى بناء على إذن القاضى.. هل حصلت على إذنه قبل إنجاب أبنائى؟

أما «سلامة» -اسم مستعار- فأب لثلاثة أبناء، أصرّت زوجته على طلب الطلاق وقررت تربية الطفلة وترك الأبناء الذكور له ليقوم برعايتهم، ورغم الاتفاق على الحل الودى حرّكت دعاوى قضائية ضده ومنها دعوى ضم للأبناء الذكور ليقيموا برفقتها، وعلى مدار عام كامل لم ير أبناءه إلا بالصدفة؛ وذلك لإصرار الزوجة السابقة على الحصول على إذن من أسرتها قبل رؤيتهم أو بناء على حكم قضائى، وهى أمور غير مقبولة بالنسبة للأب وعائلته، فكان يراهم فى صلاة الجمعة أو ينتظرهم أمام باب المدرسة؛ لتكون النتيجة الحرمان من ذهاب الأطفال للمدرسة وإهانتهم وإيلامهم نفسيًا ما نتج عنه هروب الأطفال وتم تسليمهم إلى قسم الشرطة، بعدها تم تحريك دعوى إسقاط الحضانة عن الأم لتنتقل إلى أم الأب، ليصبح أبًا وأمًا لأبنائه.

وعلى مدار عام كامل كان «وائل» -اسم مستعار- يبحث عن فرصة للرجوع إلى زوجته السابقة التى يكن لها مشاعر الحب، وترك لها جميع مستحقاتها من أثاث ومنقولات بكامل إرادته رغم عدم قدرته الحالية على شرائها مرة أخرى، فلم تكن الرؤية مشكلة، لكن مقر السكن البعيد فى إحدى المدن الجديدة خارج القاهرة كان العائق أمامه، نظرًا للتكلفة الكبيرة، علاوة على ضيق الوقت بسبب عمله.

فى هذا الإطار، ذكرت ورقة بحثية نشرتها الدورية العلمية للمعهد العلمى الأوروبى «ESI» أن الأطفال لآباء مطلقين مقارنة بالأطفال الذين لديهم آباء غير مطلقين جاءت معدلات ثقتهم فى أنفسهم أقل من غيرهم، كما أن الأطفال الذين لديهم آباء مطلقين ولا يؤمنون فى الحب، أعلى بكثير مقارنة بالأطفال الذين لديهم كلا الوالدين، ولديهم توقعات أقل بأن مستقبلهم سيكون أفضل من والديهم.

من جانبه، قال أحمد مصيلحى، المحامى بالنقض ورئيس شبكة الدفاع عن حقوق الأطفال، لـ«روزاليوسف»: إن القانون المصرى والاتفاقيات الدولية التى وقعت مصر عليها وضعت المصلحة الفضلى للطفل، ليس للأب ولا الأم، وقد يكون مصلحته مع طرف من الطرفين أو فى البقاء فى دار من دور الرعاية، أو أن يكون بعيدًا عن سوق العمل، وهكذا لأنه ربما يكون مُعرّضًا للاستغلال من أى من الوالدين مثل استخدامه فى أعمال التسول.

وتساءل: كيف يمكن أن تحقق هذه المصلحة فى ظل وجود نزاع أسرى، خاصة أنه من حقوق الطفل الأساسية التواصل مع الوالدين، والأسرة يجب أن تكون متماسكة حتى لو انفصل أطرافها عن بعض، وهو ما لا يتم تطبيقه، حيث يتم استخدام الأطفال كوقود للنزاعات ولتصفية الخلافات من المنع من الرؤية وتقييدها، إضافة إلى منع النفقة أو تقليل قيمتها، وتكون النتيجة الأثر النفسى الذى يدفعه الأطفال ويظهر فيما بعد على تعاملاتهم وسلوكياتهم.

عن استضافة الأب للطفل، يؤكد مصيلحى، أن الخطف يعتبر من أكبر مخاوف الأمهات؛ لذلك يجب وضع عدة شروط تنظيمية، منها: ألا يكون قد صدر ضد الأب أحكام جنائية وأن يكون ملتزما بسداد النفقة وغير سيئ السمعة ويخضع لمتابعة الخبير الاجتماعى المنتدب من المحكمة، بالتالى يمكن اصطحاب الأب للطفل؛ لتجنب النزاع النفسى بالنسبة لجميع الأطراف حتى لا يجد الأب نفسه يمارس سلوكا عنيفا مثل واقعة إشهار السلاح وإطلاق الأعيرة النارية، كذلك الأمر بالنسبة للطفل الذى من الصعب أن يمحى من ذاكرته مشهد الأب فى هذا الوضع، لذلك يجب التعديل فى قوانين الأحوال الشخصية، التى تسمح باصطحاب الطفل فى ظل شروط معينة. وتابع: بعض السيدات تقوم بسلوكيات سلبية تستفز الأب بها ويدفع الأبناء ثمنها، منها: الشحن النفسى السلبى للطفل ودفعه لترديد عبارات مسيئة للأب، كذلك منعه من احتضان الطفل والبقاء معه بمفردهم، وغيرها من السلوكيات السلبية التى تعتبر من أكبر الجرائم المرتكبة ضد الأطفال وتترك أثرها فى سلوكياتهم، وهى أمور مرفوضة تمامًا.

واختتم: لا يوجد ما يمنع الأب من رؤية أبنائه حتى لو قام بالاعتداء الجنسى على ابنته، فيكون له حق رؤيتها، لكن المصلحة تكون فى فصلها بعيدًا عنه وتكون الرؤية فى ظل حمايتها، موضحًا أن هذا المثال الهدف منه التأكيد أن حق الرؤية للأبناء حق أصيل للأب مهما كانت الظروف والملابسات.