الإعلان الدستورى الديكتاتورى.. «القشة» التى قصمت ظهر « الإخوان»

محمود محرم
خبراء وسياسيون: «الجماعة» المحظورة أصرت على احتكار السلطة فى يد مكتب الإرشاد
شهدت مصر عقب 25 يناير 2011، محطات فارقة فى تاريخها السياسي، كان أبرزها تولى الإخوانى محمد مرسى الحكم، وسرعان ما ثار الشعب المصرى ضد حكم “الجماعة الإرهابية” بسبب الممارسات غير المقبولة والمخالفة للقانون والدستور، التى ارتكبوها وكانت تهدد الأمن القومى وكان أبرزها، الإعلان الدستورى بمنحه صلاحيات مطلقة، علاوة على إطلاق الجماعة لعناصرها للاعتداء على المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية، حيث أكد خبراء وسياسيون أن الإعلان الدستورى الذى أصدره “مرسي ” فى نوفمبر 2012 كان بمثابة نقطة تحول فى حكم جماعة الإخوان، إذ كشف عن نوايا الجماعة للاستحواذ على السلطة واحتكارها، ومنح الرئيس سلطات مطلقة وحصن قراراته من الطعن أمام القضاء فى استهانة واضحة بمبدأ الفصل بين السلطات وقيم الديمقراطية، علاوة على أن الإعلان عكس رؤية الجماعة للدولة كجزء من تنظيم عالمي، يتجاوز السيادة الوطنية، ويسعى لتقويض المؤسسات الوطنية لصالح منظومتها الخاصة، مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية والسياسية ضد حكم الإخوان.
من جانبه، قال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل الديمقراطى، إن الإعلان الدستورى الإخوانى الذى احتكر السلطة فى يد ممثلهم فى قصر الاتحادية الذى يترأس الجمهورية باسم مكتب الإرشاد، أكد للشعب زيف شعارات الحرية والديمقراطية، التى رفعوها وابتزوا بها غيرهم، وأن هذه الشعارات هى لتمهيد طريقهم لحكم البلاد، لافتا إلى أن هذا الإعلان أوضح استهتارهم بأحكام القضاء.
وتابع الشهابى: «الإخوان الإرهابيون كان عندهم إصرار على السيطرة على مفاصل الدولة المصرية وعلى السلطة القضائية، وتقدموا بأربعة مشروعات قوانين بتعديل القوانين المنظمة للسلطة القضائية”، مشيدا بالدور الكبير الذى لعبته المعارضة المصرية فى مجلس الشورى والتى كان له دور فى حبس مشروعات القوانين التى قدمها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان وحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، إذ قاوموا هذه المشروعات بتعديل القوانين الخاصة بالقضاء واستطاعوا حشد نواب التيار المدنى لرفض هذه التعديلات.
صرح هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، بأن ثورة الشعب المصرى على حكم الإخوان فى 30 يونيو، كانت نتيجة تراكمات سياسية خاطئة انتهجتها الجماعة خلال فترة توليها السلطة، والتى كشفت عن قصور واضح فى إدارتها للدولة وكان الإعلان الدستورى الذى احتكر السلطات فى يد “مرسي” بمثابة شرارة البداية التى أظهرت رغبة الجماعة فى التفرد بالسلطة. وتابع: «قوبلت الاحتجاجات السلمية باستخدام القوة، مما زاد من حالة الاحتقان بين الشعب والجماعة وبدلا من احتواء الأزمة والاستماع إلى مطالب المصريين، لجأ التنظيم إلى سياسات تعزز الانقسام وتعمق الفجوة بينها وبين القوى السياسية والمجتمعية، وظهور تكتل القوى السياسية تحت مظلة “جبهة الإنقاذ” ووضع تصور مشترك لمستقبل مصر بعيدا عن حكم الإخوان وظهور حركة “تمرد”، التى جمعت توقيعات بالملايين لسحب الثقة من الرئيس”، مشيرا إلى أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حركة سياسية أو احتجاج شعبي، بل كانت انتفاضة حقيقية لاستعادة الدولة المصرية وهويتها الوطنية التى كادت تضيع تحت حكم الإخوان.
وأكد ريمون ناجي، عضو المكتب السياسى ورئيس المركز الإعلامى لحزب المصريين الأحرار، أن الثورة الشعبية ضد جماعة الإخوان الإرهابية فى 30 يونيو 2013 كانت نتيجة لعدة عوامل، أبرزها محاولات تلك الجماعة تدمير الهوية المصرية، فضلًا عن تعاونهم والتخابر مع أجهزة دول خارجية وكانت تلك المرحلة بمثابة “عام الضياع ” لمصر، حيث شهدت البلاد تدهورًا غير مسبوق فى كل المجالات، حيث عملت جماعة الإخوان على السيطرة على مفاصل الدولة، وأدخلت البلاد فى نفق مظلم من الانهيار الاقتصادى والسياسي.
وأضاف، أن جماعة الإخوان لم تقتصر على تقويض مؤسسات الدولة، بل ارتكبت جرائم بشعة مثل الهجوم على الكاتدرائية المرقسية، وضرب المساجد والكنائس، وحصار المحكمة الدستورية، إضافة إلى محاولاتهم فرض “الإعلان الدستورى المكمل” الذى كان موجهًا لخدمة مصالحهم.
وقال منير أديب الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن تجربة حكم الجماعة الإرهابية فى مصر كانت نموذجا صارخا لفكرة “اللا دولة” التى حاولت الجماعة فرضها وكان الإعلان الدستورى الذى أصدره المعزول محمد مرسى فى نوفمبر 2012 تجسيدا واضحا لهذه الفكرة، حيث احتكر السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فى يد واحدة، ما اعتبر عدوانا صريحا على الدستور وإرادة الشعب المصري.
وأضاف أديب: «الإعلان كان انعكاسا لرؤية الجماعة للدولة باعتبارها جزءا من تنظيم عالمي، يتجاوز الحدود الوطنية ولا يعترف بمفهوم السيادة الوطنية أو فصل السلطات وكان هدف الإخوان واضحا وهو استبدال المؤسسات الوطنية بمنظومة تابعة لتنظيمهم، دون أى معارضة مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات التى بلغت ذروتها فى أحداث قصر الاتحادية وقوبلت التظاهرات السلمية بالقمع والعنف من قبل أنصار الجماعة الإرهابية”.
وأكد أديب، أن هذه السياسات الاستحواذية دفعت القوى السياسية إلى التكتل فى “جبهة الإنقاذ الوطني”، التى أصبحت صوتا موحدا لمعارضة حكم الإخوان وفى الوقت نفسه، انطلقت حركة “تمرد” التى حشدت ملايين التوقيعات لسحب الثقة من مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة و توجت فى النهاية بثورة 30 يونيو 2013، بإسقاط حكم الإخوان وعودة الدولة المصرية لمكانتها وسيادتها.
قال طارق البشبيشي، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن الإعلان الدستورى كشف عن نوايا الجماعة للاستحواذ على السلطة واحتكارها، من خلال منح مرسى نفسه سلطات مطلقة، مما أثار غضبا شعبيًا واسعًا وأشعل شرارة الاحتجاجات ضد حكم الإخوان.
وأضاف: «الإعلان الدستورى كان بمثابة صدمة للشعب المصري، حيث ألغى عمليا مبدأ الفصل بين السلطات، وحصن قرارات الرئيس من الطعن أمام القضاء، وأظهر استهانة واضحة بمؤسسات الدولة وبأسس الديمقراطية فى خطوة تعكس عقلية الهيمنة والسيطرة التى تبنتها الجماعة منذ وصولها إلى الحكم، مشيرا إلى الإعلان الدستورى كان القشة التى قصمت ظهر الإخوان بعد تراكم الأخطاء السياسية للجماعة منذ وصولها إلى السلطة، من محاولاتهم لتغيير هوية مصر المدنية إلى دعمهم لمشاريع معادية، وجعلوا أنفسهم أداة لتنفيذ أجندات خارجية.
وشدد على أن يونيو 2013 جاء كذروة للغضب الشعبى ضد الجماعة الإرهابية، وأدرك المصريون أن استمرار هذه الجماعة فى الحكم يعنى مستقبلا مظلما، فانتفضوا دفاعا عن هويتهم ووطنهم فى واحدة من أعظم الثورات الإنسانية، لينتزعوا بلادهم من قبضة تنظيم استبدادى كان يسعى لتحويل مصر إلى أداة لخدمة مشاريعه الخاصة.