
رشاد كامل
د.محمود عزمى ومعركة عودة الدستور!
على صفحات جريدة روزاليوسف خاض د.محمود عزمى رئيس التحرير المسئول واحدة من أهم معاركه الصحفية وكانت تتصل بحرية الصحافة وحرية الرأى وهى المعركة التى بدأها قبل سنوات طويلة من توليه رئاسة تحرير جريدة روزاليوسف.
وعندما أصدرت حكومة نسيم باشا مشروعًا جديدًا لتنظيم الصحافة يتم بمقتضاه تعديل قانون العقوبات بحيث يضع حدًا للتحامل البذىء والهزء والسخرية لأسباب لا يبررها المنطق ولا يسيغها الذوق ولا العُرف.
لقد رصدت د.نجوى كامل فى كتابها الرائع محمود عزمى رائد الصحافة المصرية ملامح معاركه ويكتب عن تصوره لما يجب أن يقوم بين الحكومة والصحافة من علاقة قائلا: إن الوزارة تتشدد فى تنفيذ مواد القانون تشددًا لم تعرف قسوته فى عهد «صدقى» - رئيس الوزراء - ذاته.
ويهاجم د.عزمى الحكومة مبينًا أن الصحافة فى عهد هذه الوزارة «نسيم باشا» لاتزال ترسف فى أغلال ولا يزال تفرض عليها قيود، ولا يزال ينقص نظامها ما يجب أن يتوافر فيه من أحكام تتفق وما لها من مكانة فى الاجتماع وما للعاملين فيها من منزلة.
ويهاجم الحكومة فى مسألة الإعلانات الحكومية وتوزيعها على الصحف حيث تحرم بعض الصحف من نصيبها من تلك الإعلانات وكأنها تريد أن تعاقبها من هذا الطريق على موقفها الذى تقفه من الوزارة وتصرفاتها، أو كأنها تريد أن تكافئ غيرها من هذا الطريق نفسه على تأييدها لها التأييد كله.
وتستدعى وزارة الداخلية محمود عزمى بوصفه رئيسًا لتحرير روزاليوسف اليومية حيث يتهمه وكيل الداخلية بنشر خبر كاذب فى الصحيفة مهددًا إياه بأن الحكومة لا تريد أن تضطر للالتجاء إزاء الصحافة إلى إجراءات ولأخذها بغير ما أخذتها به حتى الآن، ولذلك فهى ترجو من الصحافة أن تعاونها فى هذه الظروف الدقيقة على استقرار الأمن واستتباب الهدوء وألا تلجئها إلى تلك الإجراءات الشديدة.
وتحت عنوان: «الكشف عن ستر المناورات» الدستور هو المنقذ الأوحد يكتب محمود عزمى: ما دام للإنجليز - بكل أسف - كلمة فى النظام المصرى فإنا نود أن نتقدم إليهم هنا لافتين أنظارهم إلى أن مصلحتهم بالذات تقتضى بأن يعود إلى مصر نظامها الديمقراطى وهو وحده الذى تسهل فى ظله تسوية الأمور المعلقة بيننا وبين الإنجليز، وهو وحده الذى تدعم من كنفه العلاقات بين البلدين، وهو الذى يمهد لصفاء الجو حقًا وينشر من الطمأنينة ما يفيد الجانبين، ويصبغ كل الاتفاقات بينهما بصبغة الاستقرار والدوام.
فى ذلك الوقت كان الملك فؤاد يعانى وضعًا صحيًا خطيرًا، وامتلأ الجو السياسى والحزبى بالشائعات وكان الدكتور محمود عزمى أول من تناول صحة الملك فؤاد فى مقال عنوانه «صحة حضرة صاحب الجلالة الملك وأثرها فى التطورات السياسية المنتظرة» قال فيه: لا شك أن صحة حضرة صاحب الجلالة الملك هو المحور الذى تدور حوله كل الاقتراحات المتصلة بالتطورات السياسية المنتظرة، كما كانت بلا ريب محور التطورات التى طرأت بالفعل منذ شهر يوليو من العام الماضى 1934 وهو الشهر الذى لمس أصحاب الرأى خلاله أن شئون الدولة قد حُرمت من إشراف حضرة صاحب الجلالة الملك وتوجيهاته.
ومع ذلك فلا تزال الحقيقة عن صحة جلالته مكتومة عن الشعب وعن المسئولين عن دفة الحكم وتوجيه الرأى العام فى البلاد، فلا نشرات طبية يومية تصدر ببيان التطورات التى تطرأ كما هو الحال فى غير مصر من الدول ذات الإدارة المنظمة، ولا أحد من المهيمنين على الشئون العامة يستطيع أن يزعم أنه واقف تمام الوقوف على نوع المرض ومضاعفاته.
ويعود للحديث عن الدستور فيقول: إن المتنورين من المصريين قبل عامتهم يتوقون للحكم الدستورى توقانا ويودون أن يروه ناشرًا ألويته اليوم قبل غدٍ حتى تعلو عن طريقه كلمة الأمة علوًا كبيرًا.
وللذكريات بقية!