
طارق مرسى
أغانً وطنية حددت مطالب الشعب قبل 3 يوليو
بيان 3 يوليو 2013 التاريخى لوضع خارطة استعادة مصر لم يكن تلبية لمطالب كل المصريين، بل استجابة لطموحات قوة مصر الناعمة فى الغناء بعد فتاوى تحريم الفن وتجريم الغناء، المطرب محمد فؤاد لخص هذا المعنى فى هذا الوقت للمشير عبدالفتاح السيسى والذى بكى وقال: «خلى بالك من مصر يا فندم» والتفّت حوله جموع الفنانين، لم يكن أمام المطربين إلا ترجمة هذه المشاعر والتعبير عن مطالب الشعب فى صورة باقة من الأغنيات الوطنية الخالدة التى تؤرخ لهذه المرحلة فى ظل ارتفاع سقف المطالبات، ومحاولات القوى الإرهابية المستغلة نتائج الثورة للقفز عليها وسرقتها.
خريطة الأغنيات الوطنية التى ولدت من رحم الثورة لتترجم الواقع الثورى انقسمت قسمين الأول: بعد ثورة يناير ومنها « سألوا الشهيد لتامر عاشور- وإزاى لمحمد منير- والشهيد لعلى الحجار- و«انحيازى» لعمرو دياب- وغنى عزيز الشافعى ورامى جمال «يابلادى أنا بحبك بلادى»- وظهرت فرق «الأندرجراوند» لتشتهر من بينها فرقة «كايروكى» بأغنيتها «فى كل شارع فى بلادى»، هذه الاغنيات فى المجمل رسمت انفعالات الفترة وارتباكها، أما القسم الثانى فظهرت قبل ثورة 30 يونيو بأيام على خلفية الخوف على مصر مع تصاعد الفكر الإرهابى وسيطرة الجماعة الإرهابية على المشهد بأكاذيب وشعارات مضللة.
المطربون من جانبهم التفوا حول القائد ووزير الدفاع فى ذلك الوقت المشير عبد الفتاح السيسى فى مشاهد تاريخية، ناشدوه بالتدخل وإبعاد من حرّموا الفن وجرّموا الإبداع واقتصرت رسالة القائد على جملة شهيرة «احنا إدينا تنقطع قبل ما تمسكم» فى كلمته التاريخية خلال احتفال عرض أوبريت «حبيبى يا وطن»، وأضاف: «لا تقلقوا أبدًا على بلدكم مصر.. المصريون لما أرادوا التغيير غيروا الدنيا كلها». وقال: إن الجيش المصرى، عندما نزل لحماية الشعب خلال 18 شهرًا «إيده لم تمتد»، و«احنا إدينا تنقطع قبل ما تمسكم»، و«كان فيه 150 ألف جندى فى الشارع، كنا نناضل عشان لا يؤذى أى مصرى، ونحارب عشان لا يؤذى أى مصرى، وعشان مصر تفضل مصر، وهتفضل مصر». وفى هذه الأثناء بكى المطرب محمد فؤاد وقال: «خلى بالك من مصر يا فندم» والتفت حوله جموع الفنانين.
عندما أتت الريح بما لا يشتهى المصريون وتعالت صيحات بعد عام غير محسوب فى تاريخ مصر ولدت موجة أخرى من الأغنيات بعد استجابة الجيش لنداء المصريين وقبل البيان التاريخى لعناصر الأمة فى 3 يوليو الذى أعاد مصر للمصريين.
أبرز الأعمال الوطنية المهمة قبل 3 يوليو أوبريت «آخر نفس فيا» وتضمن رسائل مؤثرة كما حملت كلماته كل معانى التغيير والإنقاذ.. الأوبريت البديع فى رسائله أشبه بـ«البيان الغنائى الثورى»، وتخللت كلماته مناشدة المصريين الحفاظ على «مصر» قبل فوات الأوان.. الأوبريت شارك فيه 6 مطربين ثلاثة منهم من الأسماء الشهيرة المعروفة وهم لطيفة وخالد سليم وحمادة هلال، والثلاثة الآخرون أصوات واعدة وهم محمد راجح وهو ملحن الأوبريت الجميل أيضا ومدين ومصطفى يزن ومعهم الشاعر ملاك عادل هؤلاء تبرعوا جميعًا من أجل إخراج هذا الأوبريت وفتح لهم أبواب استوديو محروس عبدالمسيح المهندس هانى محروس.. ملاك وعبدالمسيح ومحمد، (لاحظوا الأسماء) التى تحمل نسيج الشعب المصرى، كل هؤلاء اتحدوا فى المعنى والقصد لإخراج هذا الأوبريت وإهدائه للمحطات التليفزيونية.
روعة الأوبريت فى دلالات كلماته التى قدمها الشاعر ملاك عادل التى وصلت إلى مرحلة الرجاء لتوحيد الصفوف والتوحد من أجل هذا الوطن «مسلمين ومسيحيين» مع لحن بسيط وصادق للموهوب محمد راجح وتوزيع رائع لمحمد عباس.. عبر فيه الجميع عن ضرورة التضحية فى سبيل هذا البلد وسبقت كلمات الأوبريت كلمة من فريق العمل المشارك فيه يقول: «إلى كل مصرى بيحب بلده بجد».
الأوبريت بدأ بمقدمة موسيقية بسيطة وبديعة صاغها الموزع محمد عباس وتعبر عن حالة شعب فى حالة احتضار كأنه فى غرفة عمليات بأنغام تراوحت ما بين نغمات الإفاقة ونبض القلب فى أجهزة غرفة العمليات تتخللها تنويعة من أذان المساجد وأجراس الكنائس وتنتهى بتوقف النبض عن أرواح الشهداء، ثم يبدأ كل مطرب فى توجيه ندائه لأبناء مصر ببساطة وصدق وتنوعت كلماته:
حمادة هلال: لو أموت علشان خاطرها الموت ما يوجعنيش.. أنا ممكن أعمل أى حاجة عشان حبيبتى تعيش. دا هى أهلى ودنيتى وناسى وصحابى وهى أمى وبعد حضن الأم والله ماليش.
مصطفى يزن: أهى دى اللى أغلى على منى ومن النفس والروح ويوم ما حد يمس إحساس مصر روحى تروح.. وطول ما هى بخير باكون مرتاح ومطمن وأما بتعب جوه حضنها كل تعبى يروح
خالد سليم: أنا كل حرف فى اسم مصر يساوى عندى كتير.. مش بس بعشق أرض بلدى باخاف عليها وأغير.
ومهما حد فى يوم يفكر إنه يأذيها أنا مش هخاف عشان بلدنا دى ليها رب كبير.
المجموعة: يا رب حافظ على البلد دى وصونها واحميها.. ده أنا أروح فداها وأموت
عشان حبة تراب فيها.. فيه ناس كتير تتمنى تبقى بلدنا محنية ومصر مش هتروح لو راح آخر نفس فيا.
أنا النهاردة يا رب راكع مش عشان نفسى.. أنا جى بادعى لبلدى اللى أهم من نفسى.. يا رب خلى بلدنا دايما راسها عالية لفوق ولا أى شبر فى مصر حد يمسه يوم بسوء.
لطيفة: حافظ عليها.. أصل البلد دى
عليها بدل العين كتير وأنت اللى قادر أنت اللى عالم أنت الكبير.. والله مصر ما تستاهلش غير كل خير.. يا رب أنت الكبير.. حافظ عليها.
واتحدت أهداف الثوار مع مطالب نجوم الغناء واستجاب جيش مصر العظيم وخرجت باقة وطنية تضم العديد من الأغانى احتفالًا بنجاح الثورة، وغناها كل المصريين أبرزها «تسلم الأيادى»، غناء كل من حكيم وغادة رجب، وسومة، وخالد عجاج ومصطفى كامل، وهشام عباس وإيهاب توفيق، بينما قدمت أمال ماهر «طوبة فوق طوبة نبنى»، كما قدم المطرب الإماراتى حسين الجسمى أغنية «تسلم إيدينك» إهداء لجيش مصر العظيم.
وتوالت الأعمال الوطنية فى صورة بيانات غنائية لا تنسى ترسم بأمانة وصدق ملامح وطموح الجمهورية الجديدة، أبرزها أغنية «بشرة خير» التى قدمها حسين الجسمى «التى بعد ساعات من إذاعتها أصبحت الأغنية الوطنية رقم واحد فى مصر، لم تكن هذه المرة الأولى الذى يتغنى فيها الجسمى باسم مصر إذ قام بغناء «وبحبك وحشتينى» ، وكتبت نانسى عجرم شهادة ميلادها الوطنية بأغنية «خدوا بالكم دى مصر» كلمات جمال بخيت وتقول كلماتها: «خدو بالكو دى مصر المنصورة مش أيوها مصر نيلها اللى بيطلع فى الصورة بعلامة النصر من بحر لبحر بتتمشى وقمرها معانا بيتعشى خيرها على إللى ياكلها بدقة أو يسكن قصر خدو بالكو دى مصر».
نانسى بهذا المقطع الغنائى ضمن أوبريت احتفالات النصر انضمت إلى قائمة العظماء التى تضم فيروز بأغنية «مصر عادت شمسك الذهب» ووديع الصافى بأغنية «عظيمة يا مصر» والتونسية عُليا بأغنية «حبايب مصر» وصباح بـ«سلّمولى على مصر» وهذه الباقة تتويج لرائعة أوبريت «وطنى الأكبر» لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب الذى قدمه «عبد الحليم حافظ وشادية ونجاة وفايدة كامل مع وردة وصباح وفايزة أحمد» لكل الوطن العربى، ففى مصر يُكتب التاريخ وتتشكل الجغرافيا وفى أرضها الطيبة تُزرع التربية القومية.. «تحيا مصر».