بتوجيهات رئاسية
خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية

كتب - د.مريم الشريف سمر حسن ومحمد السيد
أكد عدد من خبراء الإعلام والصحافة أهمية التوجيهات الصادرة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا بشأن مستقبل الإعلام والصحافة فى مصر، التى شملت وضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام، وقرارات تخص النهوض بالحالة الاجتماعية والمادية للصحفيين والإعلاميين، بما يعكس مدى التقدير الذى يوليه لهم الرئيس.
وفى خطوة تاريخية، تعكس إدراك القيادة السياسية لأهمية الإعلام فى تشكيل وعى الأمة، جاء اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قيادات الإعلام والصحافة ليضع خارطة طريق واضحة لتطوير المؤسسات الإعلامية فى مصر، تأكيدًا على أن الإعلام ركيزة أساسية فى بناء الجمهورية الجديدة، وتنمية الوعى فى مواجهة التحديات.
الاجتماع الذى حضره الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس خالد عبدالعزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبدالصادق الشوربجى، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والكاتب الصحفى أحمد المسلمانى، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، اجتماع جمع بين الحسم والرؤية، شهد إتخاذ قرارات طال إنتظارها، مثل زيادة بدل الصحفيين، وصرف مكافأة نهاية الخدمة للعاملين فى ماسبيرو، والاستعانة بالكفاءات الشابة، ليؤكد أن الدولة ماضية نحو تمكين الإعلام الوطنى وإعادة صياغة دوره فى زمن تتكالب فيه التحديات وتتعدد فيه منصات بث الشائعات.
قيادات إعلامية وأكاديمية بارزة علّقت لـ«روزاليوسف» على هذه القرارات برؤى تحمل كثيرًا من الأمل وبعضًا من التحديات، مشددين على أن المرحلة المقبلة لا تحتمل التباطؤ.
إن الوقت قد حان لوضع الخطط موضع التنفيذ، وبناء إعلام وطنى واعٍ، منفتح، ومؤثر، يحاكى العصر دون أن يتخلى عن قيمه وثوابته.
مستقبل الصحافة
أكد المهندس عبدالصادق الشوربجى، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن الصحافة المصرية سوف تظل رافدًا مهمًا فى مسيرة تشكيل الوعى الوطنى وبناء الإنسان، بما يسهم فى الارتقاء بالوطن فى ظل مسيرة بناء الجمهورية الجديدة.
وقال إن الصحافة المصرية، وفى القلب منها الصحافة القومية، مستمرة فى القيام بدورها التنويرى والوطنى، خاصة فى ظل الظروف الراهنة والتحديات الصعبة التى تواجه وطننا الحبيب.
وأعرب رئيس الهيئة الوطنية للصحافة عن خالص الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى على لفتته الكريمة بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، وهو ما يعكس تقدير فخامة الرئيس للصحافة المصرية ودورها كإحدى أدوات القوى الناعمة لمصر.
تقدير رئاسى
قال الكاتب الصحفى عبدالمحسن سلامة، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن الرئيس قدم استراتيجية واضحة للإعلام المصرى، وخاصة فى الفترة الحالية التى تُعد من أصعب اللحظات التى يمر بها الوطن العربى، ومن المهم أن يكون لدينا استراتيجية واضحة بوجود إعلام قوى قادر، قائم على الوعى والتنوع.
وأكد أن العدو الآن يحارب بدون نقطة دم واحدة من جهته، وهذا ما شاهدناه فى السودان مثلًا من خلال صنع حرب بين أبناء البلد الواحد، فهى نموذج شديد الفجاجة لعدم الوعى، بوجود حرب فى السودان بين الشعب الواحد، وهذا ما يحدث فى اليمن وسوريا أيضًا.
وأشار عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى أن تطوير الإعلام يتضمن هذه الاستراتيجية القائمة على الكوادر من الشباب الكفء صاحب المهارات والقدرات، مع الاستعانة بالخبرات، وضرورة تطبيقها خلال الفترة القادمة، لتقديم إعلام يراعى كل فئات المجتمع.
«زيادة بدل الصحفيين مبادرة شخصية من الرئيس بزيادة البدل، وهذا تأكيد على الإحساس بمشاكلهم المادية، ونفس الأمر فى ماسبيرو من خلال حل أزمة مكافأة نهاية الخدمة، تقديرًا لدور العاملين فى الإعلام والصحافة، وما يتبقى هو الرد الإيجابى بأن نتحرك وننفذها على أرض الواقع»، هكذا أكد عبدالمحسن سلامة.
ماسبيرو فى قلب
قالت الإعلامية هالة حشيش، عضو الهيئة الوطنية للإعلام، إن حل أزمة مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بالتليفزيون المصرى، يُعد خطوة رائعة جدًا ومفتاحًا لحل مشكلات كثيرة، وأمرًا مبشرًا جدًا، ويزيد من القدرة الإنتاجية وتقديم الرسالة الإعلامية بشكل أفضل، فيما يخص الإعلاميين الذين لم يخرجوا على المعاش، وذلك كرسالة وطنية يمكنها الوصول إلى الجمهور.
وأكدت «حشيش» أن هذا يدل على اهتمام الدولة بالإذاعة والتليفزيون، ورغبتها فى حل مشاكلنا، وإدراكها للدور الهام الذى تقوم به الهيئات الوطنية الإعلامية، وأنه دور حيوى.
وتابعت: تطوير الإعلام المصرى الوطنى كله خطوات مميزة ومهمة، ومن نتائجها عدم خروج الإعلاميين الشباب من مدرسة ماسبيرو إلى القنوات الخاصة، فاهتمام الدولة بالتليفزيون المصرى يجعل الكوادر الشابة حريصة على التواجد فى ماسبيرو بعدما تربوا فى مدرسة التليفزيون المصرى، وألا يفكروا فى الخروج منه»، هكذا أكدت عضو الهيئة الوطنية للإعلام.
وأردفت: سعيدة باهتمام القيادة السياسية بالتلفزيون المصرى، وهذا جزء من منظومة الدولة، ونحن تربينا فى التلفزيون المصرى على أن الأولوية للدولة والمجتمع، ولا توجد مصالح شخصية لنا، لأن الوطنية فى دمنا، وإعلامنا ليس قائمًا على صناعة التربح، ودورنا توصيل صوت المجتمع ومطالبه وقضاياه للقيادات، والعكس صحيح، وهذا يزيد من مصداقيتنا، وحتى المميزين فى الإعلام الخاص نجدهم من أبناء مبنى الإذاعة والتليفزيون المصرى.
تعدد الآراء
قالت الدكتورة منى الحديدى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: جاء اجتماع الرئيس تأكيدًا على أهمية الإعلام بكل وسائله التقليدية والرقمية الحديثة فى تلك المرحلة الهامة فى تاريخ مصر، وسعيها لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير الحقوق الاتصالية لكل المواطنين من مختلف الفئات العمرية.
كما أن مناقشته للقيادات الإعلامية فيما يخص الجوانب التخطيطية يؤكد تقدير الرئيس لمسئوليات الإعلام المصرى الوطنى بجميع وسائله وأنماطه فى أداء المهام المطلوبة، مستفيدًا من كل التطورات التكنولوجية المعاصرة.
واستكملت: أرى أن النقاط التى ركز عليها الرئيس أضافت أيضًا إلى مهام الإعلام الوطنى فى تلك المرحلة، بحيث لم يعد المطلوب من الإعلام فقط الأخبار أو الترفيه أو التسلية، ولكن، كما ذكر سيادته، حق المواطن فى المعرفة الصحيحة من مصادرها الموثوقة، وحق المواطن أيضًا فى التعبير عن رأيه والمشاركة بالرأى، وإعطاء الفرصة للرأى والرأى الآخر، بحيث لا يكون هناك فرض لوجهة نظر واحدة، وهذا تأكيد على أهمية التعددية الثقافية والفكرية، خاصة فى مصر، فهناك الثروة الثقافية والفنية التى تمتلكها»، هكذا أكدت عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
كما عبّرت عن سعادتها بمطالبته بضرورة الاستفادة من الكوادر الشابة المؤهلة والمدرَّبة، والتى تتمتع بالمواهب والقدرات فى مختلف مجالات العمل الإعلامى، وطالبت أن تكون الاستعانة بالأجيال الجديدة المؤهلة، ليس فقط على مستوى صناعة المحتوى، بمعنى ألا يكون الأمر مقتصرًا على المذيعين والمعدين والمخرجين، وإنما يشمل الإدارة فى مختلف مستوياتها، وأن يكونوا مشاركين فى التخطيط.
وأضافت: وما زاد من إعجابى وفخرى أنه لم يركز فقط على التدريب التقنى، وإنما ركز أيضًا على أهمية التثقيف، خاصة فى بعض المجالات مثل مفهوم الأمن القومى، وأخلاقيات الإعلام، ومواجهة الشائعات، والحقوق الاتصالية، بحيث يكون الإعلام هادفًا لكل الناس، بمن فيهم الشباب وكبار السن والأطفال وذوو الاحتياجات الخاصة والمغتربون فى الخارج».
تمكين الشباب
قال الإعلامى جمال عنايت، عضو الهيئة الوطنية للإعلام سابقًا، إن مصر تمر حاليًا بمرحلة حساسة للغاية، حيث تواجه تحديات مفتعلة من جميع الاتجاهات.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان تسعى باستمرار للتشكيك فى كل شىء، وإضعاف الجبهة الداخلية، مؤكدا أن هذه الظروف تستدعى عودة الإعلام ليكون حائط صد، كما كان قبل 2011 وما تلاه حتى 30 يونيو، مشددًا على أهمية أن يقوم الإعلام بدوره بشكل أكثر فاعلية وقدرة على مواجهة الشكوك والتطاولات.
وأضاف أن كل ذلك يتم فى إطار خارطة الطريق التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى تتعلق بالاستراتيجية الإعلامية، وأن فتح قنوات الحوار بشكل موسع، كما أشار الرئيس السيسى، يعد أمرًا بالغ الأهمية. وأكد أننا نتناول موضوع الرأى والرأى الآخر، وهذا لا يعنى المزايدة، بل هو تفنيد للمشككين.
وواصل: عندما نتحدث عن الإعلام، فإننا نشير إلى ضرورة وجود حائط صد واعٍ ووطنى، منفتح وقادر على التصدى لكل هذه الأفكار الخبيثة، مؤكدًا أن الإنجازات التى حققتها الدولة واضحة وملموسة، لكن يجب على الإعلام أن يعيد تسليط الضوء عليها، ليس بدافع سوء النية، بل من أجل توضيح الحقائق.
وأكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يولى اهتمامًا كبيرًا بتمكين الشباب، ليس فقط فى مجال الإعلام، بل فى جميع مجالات التكنولوجيا الحديثة، بما فى ذلك الذكاء الاصطناعى، موضحًا أن الرئيس يتحدث دائمًا عن أهمية أن يكون الشباب واعيًا ومثقفًا وقادرًا على تطوير نفسه.
وأكد أن المهم هو كيفية توفير هذه الفرصة لهؤلاء الشباب، قائلا: «عند النظر إلى محطة مثل القاهرة الإخبارية، نجد أن هناك عددًا كبيرًا من الشباب، وهذا أمر موجود وملحوظ. لذلك، من الضرورى تعميم هذه التجربة على التلفزيون والقنوات المختلفة والإذاعة المصرية، ولكن بعد تأهيلهم وتدريبهم وتثقيفهم من قبل أصحاب الخبرة، مشيدًا بأهمية حل مشكلة مزمنة فى ماسبيرو، وهى مسألة المعاشات المتأخرة، التى تسببت فى أزمة كبيرة، سواء للمتقاعدين أو للعاملين فى الخدمة».
مهام الإعلام فى المرحلة المقبلة
قالت د. ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام سابقًا: إن ما طرحه الرئيس السيسى خلال لقائه مع القيادات المسؤولة عن إدارة المنظومة الإعلامية فى مصر، بحضور رئيس الوزراء، يمثل رؤية واضحة تمامًا لما يمكن أن يقدمه الإعلام فى المرحلة المقبلة.
وتابعت أن الرئيس حدد متطلبات حرية الرأى والتعبير، مشددًا على أهمية توفير مساحة واسعة للآراء المتنوعة وقبول الرأى الآخر، وأكد أن الإعلام مسؤولية، وأن الكلمة تحمل عبئًا كبيرًا، موضحة أن حرية الرأى والتعبير لا تعنى الفوضى، بل تتطلب شعورًا بالمسئولية الاجتماعية. نحن نتبنى مفهوم المسئولية الاجتماعية فى مصر خلال تعاملنا مع الحرية، وتابعت: «أؤيد الحرية، لكن لا توجد حرية مطلقة، بل هى حرية مرتبطة بالمسئولية الاجتماعية التى يجب أن يتحلى بها الصحفى».
واستكملت: «يجب التركيز على أهمية إتاحة المعلومات والبيانات، التى تمثل المادة الخام التى يعتمد عليها الإعلاميون، وعدم توافرها يعيق عملهم. لذلك، نطالب منذ سنوات بضرورة تنظيم عملية تداول المعلومات وضمان حريتها، مع فرض عقوبات على من يمنع الوصول إليها، إلا فى الحالات التى تتعلق بالأمن القومى أو الأمور الشخصية والحياة الخاصة، وفقًا للدستور. لذا، فإن إصدار قانون ينظم تداول المعلومات يُعد مسألة فى غاية الأهمية، ويجب ألا يعتمد الصحفيون فقط على البيانات، ولكن هناك أهمية فى الحصول على المعلومات بشكل مباشر».
وأكدت أن الرئيس تحدث عن البنية التحتية للمؤسسات، وبشكل خاص المؤسسات القومية مثل ماسبيرو والمؤسسات الصحفية، موضحة أن هذه المؤسسات تعانى منذ فترة طويلة من العديد من المشكلات، مما يستدعى ضرورة إعادة تأهيلها إلى ما كانت عليه سابقًا. ويجب أن يتلقوا تدريبًا على المستجدات، خاصة فى ظل الحديث عن الإعلام الرقمى، واستخدام الذكاء الاصطناعى فى الإعلام، بالإضافة إلى صحافة البيانات، وصحافة الموبايل، وكل هذه التطورات الحديثة.
وواصلت: «النقاط المهمة التى تناولها الرئيس السيسى هى مسألة الكوادر الشابة، وخاصة فى مجال الإعلام القومى، الذى يتمثل فى المؤسسات الصحفية الوطنية والعاملين فى الهيئة الوطنية للإعلام، بالإضافة إلى قنوات التلفزيون المصرى ومحطات الإذاعة»، مؤكدة أنه «مرّ أكثر من 10 سنوات دون إدخال دماء جديدة من خلال تعيين عناصر شابة، ومن الجدير بالذكر أن لدينا عددًا كبيرًا من كليات الإعلام التى تُخرج كوادر متميزة تتوافق مع المعايير العالمية فى هذا المجال. إذًا، الدماء الجديدة هى التى تعزز الابتكار والإبداع وتولد أفكارًا جديدة، ولا يمكننا الاستغناء عن الخبرات المتراكمة، إذ ينبغى أن تُعلِّم هذه الخبرات الأجيال الجديدة لضمان استمرار التواصل بين الأجيال».
وأكدت تحمسها للغاية لبدء مرحلة جديدة من العمل الجاد والمستمر، بهدف استعادة قوة الإعلام المصرى، سواء كان قوميًا أو خاصًا، وقالت: «أراهن على زملائنا فى الإعلام الخاص أن يأخذوا بعين الاعتبار كل ما طرحه الرئيس، حيث إن هذه الرسالة موجهة لجميع وسائل الإعلام، سواء كانت حكومية أو خاصة، مطبوعة أو مرئية أو مسموعة أو رقمية».
الإعلام الرقمى
وأوضح د.جورج لطيف سيدهم، مدرس الإعلام الرقمى والوسائط المتعددة بجامعة الجلالة، أن التوقيت يُعد أمرًا بالغ الأهمية فى ظل التطورات التكنولوجية السريعة التى نشهدها، حيث تتواجد الأصوات الاعلامية فى كل مكان، بالإضافة إلى الأصوات غير الإعلامية وغير المدربة التى تنطلق عبر المنصات الإلكترونية.
وأشار إلى أن هذه الظروف تضع تحديات أمام الإعلام الرسمى، مما يستدعى تواصله الفعّال مع الجمهور. لذا، كان ضروريًا عقد اجتماع لوضع خارطة طريق للإعلام المصرى فى هذه المرحلة، خاصة فى ظل انتشار الشائعات.
وأضاف أن مدلول خارطة الطريق التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى يشير إلى أن الإعلام المصرى لا يتنافس مع إعلام رسمى آخر، بل يواجه أفرادًا، سواء من داخل المجتمع أو من مجتمعات أخرى، يقومون بإنشاء منصات إعلامية خاصة بهم أو يتحدثون بشكل مستقل.
وأوضح أن هناك تحديًا كبيرًا يتمثل فى ضرورة أن يتعامل الإعلام الرسمى مع هذه الأصوات الفردية، التى قد لا تتحمل المسؤولية بشكل كافٍ، مما يجعل التواصل معها صعبًا.