الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زواج القاصرات.. اغتصاب للطفولة وعودة لزمن «الرقيق»

زواج القاصرات.. اغتصاب للطفولة وعودة لزمن «الرقيق»
زواج القاصرات.. اغتصاب للطفولة وعودة لزمن «الرقيق»




تحقيق - أسماء قنديل
أعادت تصريحات د. هالة يوسف وزيرة الدولة للسكان، بأن 15% من بين المتزوجات فى مصر «قاصرات»، إلى الأذهان خطورة ظاهرة زواج القاصرات وما ينجم عن ذلك من أضرار نفسية وبدنية على الفتاة، وقالت إن نسبة زواج القاصرات، المعروف بـ«الزواج المبكر»، مرتفعة للغاية، وتمثل أزمة خطيرة، تنتشر فى المناطق الفقيرة، وتعد «سوهاج» أكثر المحافظات التى تشهد تلك الظاهرة، حيث يبلغ عدد سكانها 4.6مليون نسمة، وتوجد فيها مناطق تعتبر الأكثر فقرا فى مصر.

وفى هذا الصدد نصحت وزيرة السكان سيدات محافظة سوهاج بالمباعدة بين فترات الحمل، وأن يكون كل 3 سنوات للمحافظة على صحة الأم والطفل، لكى يأخذ كل طفل حقه فى التربية الصحيحة والتعليم، وأضافت أنه سيتم التصدى لهذه الظاهرة من خلال الحملات التى ستطلقها وزارة السكان والمجلس القومى للطفولة والأمومة، وذلك لرفع الوعى بمخاطر الزواج المبكر للفتيات دون السن القانونية، والزواج الصيفى مقابل حصول الأسرة على المال، بالمخالفة لتعديلات قانون الطفل والأحوال المدنية.
ترى د. داليا الشيمى، الخبيرة النفسية ومديرة مركز «عين على بكرة «للمساندة النفسية والتنمية الأسرية، أنه يجب أن يترفق أهل الصعيد ببناتهن وعدم تزويجهن وهن فى هذه السن الصغيرة حتى لا يعانين من المشكلات الصحية والنفسية التى تنجم عن تحملهن المسئولية مبكرًا وعدم استمتاع الفتاة بطفولتها.
وتقول إنه يجب الإلمام بأبجديات تربية الفتاة المراهقة وتلبية متطلباتها بدلا من تحميلها مسئولية زوج وأولاد وهى مازالت طفلة تحتاج إلى رعاية واهتمام والديها، فالبنات فى مرحلة المراهقة تحتاج إلى العون والتفهم والحب والرعاية من الأهل حتى يستطيعوا أن يجتازوا هذه المرحلة فى ظل هذا الانفتاح الذى دخله الوطن العربى دون أن يكون مؤهلًا له بدرجة أو بأخرى.
وفى هذا السياق ينبغى على مؤسسات الدولة أن تقوم بإستحداث قوانين لمواجهة هذه الظاهرة والتضييق على مرتكبيها، فمن المتعارف عليه أن آليات الردع لأى سلوك سلبى تتمثل في: «خطاب دينى مستنير» لإقناع الأسر بخطورة وأضرار ظاهرة زواج القاصرات، لأن الدين هو المعيار الأساسى للقيام بسلوك ما أو الإبتعاد عنه، و«سن القوانين» لأنها تمثل رادعًا قويًا لمن يخالف نصوصها، كما يجب أن تقوم وسائل الإعلام بدور قوى فى تعليم وتثقيف الإناث وتوعيتهن، وتحفيز المجتمع على أخذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوقهن.
وتتفق معها د. ليلى كرم الدين، أستاذ علم نفس الطفل بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس، فى خطورة هذه الظاهرة، وتشير إلى أنها منتشرة فى عدة بلدان حول العالم، حيث تتصدر الهند المرتبة الأولى بأعلى عدد حالات زواج للقاصرات، وقد تجاوز عددهن العشرة آلاف قاصر، بسبب الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية، ما يدفع الأهل إلى تزويج بناتهن القاصرات للحد من النفقات، ولكنهم يضرون بناتهن فى واقع الأمر لأن ظاهرة الزواج المبكر لها أضرار جسيمة حيث تحرم الفتيات من التمتع بطفولتها، وقد حددت اليونيسيف سن الطفولة حتى 18 عاما، ويحرم الفتاة كذلك من حقها فى التعليم والعمل، وأن يكون لها شخصية مستقلة فتظل عالة على زوجها طيلة عمرها.
ويرى الدكتور أحمد يحيى، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة السويس، أن بعض الأسر تلجأ إلى التضحية بأبنائها من خلال زواج القاصرات نتيجة عدة عوامل منها، كما يوجد فى الثقافة المصرية بأن الزواج سترة للأنثى ومنها حالة الفقر المادى الذى تعيشه الأسرة، حيث تستفيد من مهرها أو توفير احتياجاتها ومنها نوع أو شكل من المتاجرة من أجل مزيد من الأموال.
ويضيف د. يحيي: توجد عصابات للسمسرة فى بعض القرى للمتاجرة بهؤلاء القاصرات، خاصة لكبار السن وراغبى المتعة من الأثرياء العرب أو المصريين وغالبا فإن هذه الزيجات لا تنجح ويترتب عليها العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية، وقد عشت حالة زواج قاصرات بنفسى فقد كان هناك أحد الآباء يتفق مع ابنته على الزواج من ثرى لمدة لا تتجاوز العام ثم تعمل جاهدة على الطلاق منه لتتزوج من آخر وكأنها نوع من المتاجرة بالجسد، وهذا يعد شكلا من أشكال الرقيق فى شكل حضارى، وللأسف يسهم فى تنفيذ ذلك عدة جهات، أولاها من يقوم بتسنين البنت بسن غير سنها الحقيقية ثم يليه المأذون الذى عقد القران، وثالث هما الأهل والأقارب والجيران الذين يعلمون هذه الخطيئة.
وأشار إلى أن بعض الآباء يقومون بتزويج بناتهن لأكثر من شخص فى وقت واحد لأن الزوج يتزوج ابنته ويقضى معها عدة أيام ويتركها ويعود إلى بلده فيقوم الأب بتزويجها من آخر لحين عودة الزوج الأول من سفره، وهكذا.. وهذا واقع ولا يعنى إنكارنا له أنه غير موجود ولا يقتصر تزويج القاصرات على المسلمين فقط بل يوجد أيضا بين الأسر المسيحية وهذا نوع من تجارة الرقيق الأبيض، بالإضافة إلى أنه فى عهد الوزيرة آمال عثمان، كان الأثرياء العرب يقومون بأخذ الأطفال من دور الأيتام فى سن السابعة من الجنسين ويدفعون الأموال الطائلة إلى هذه الدور ويقومون باصطحابهم إلى بلادهم على أنه تبنٍ.