الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بروفة جبر».. تحيى تجربة صبحى والرملى بالقطاع الخاص!

«بروفة جبر».. تحيى تجربة صبحى والرملى بالقطاع الخاص!
«بروفة جبر».. تحيى تجربة صبحى والرملى بالقطاع الخاص!




نحو قطاع خاص فقير، يعلى قيمة الرسالة الفنية، على قيم المادة والأرباح المالية، انطلق المخرج الشاب محمد جبر فى تحقيق حلمه مع فريق «استوديو البروفة»، تجسد الحلم فى نجاح تجربة عرض «1980وانت طالع»، والذى استمر أربع سنوات متتالية بنجاح كبير على خشبة مسرح الهوسابير، وكلما ازداد الإقبال الجماهيرى استمر عرض المسرحية، تناول «1980 وانت طالع» فى اسكتشات متنوعة ومتغيرة كل ما هو جديد على الساحة من أحداث سياسية واجتماعية، عاصرها وما زال يعاصرها جيل الثمانينيات، واعتمد جبر فى هذه التجربة على إمكانيات ممثليه، واستغنى عن كل عناصر البهرجة والإبهار، وكان الإبهار والرهان دائما على الفكرة التى يصيغها دراميا المؤلف محمود جمال، ثم إمكانيات فريق التمثيل النابض بالحيوية والحضور، وفى تجربته الجديدة «البروفة» على نفس المسرح، اعتمد على نفس العناصر، لكن مع استعراض أقوى لمهارات الفريق الكوميدية.
فى «البروفة» يتناول جبر ومحمود جمال، من خلال وجوه جيل الثمانينيات، العثرات الفنية والإحباطات التى مر بها فريق تمثيل كلية تجارة جامعة عين شمس فى بداياته، عندما كان يبحث عن فكرة، ومغامرة مسرحية جديدة حتى يستمر فى تحقيق حلمه كفريق مسرحى، ففى البداية وقبل خروج عرض «1980 وانت طالع» للنور مر أعضاؤه بلحظات يأس وصعود وهبوط، لتحقيق هذا الحلم، ولم تكن لحظات الصعود والهبوط على المستوى الفنى أو المهنى فقط، بل طالت علاقاتهم الإنسانية التى كادت أن تتحطم فى مشاجرات عديدة بسبب وصولهم إلى أقصى درجات اليأس والإحباط، بالإضافة إلى عدم ثقتهم فيما تخفيه لهم الأيام من مفاجآت، تناول العمل قصص حب وصداقة، وأحلام وطموحات أعضاء الفريق المهنية والإنسانية، فى قالب مسرحى كوميدى ساخر وأحيانا درامى كئيب، لكن غلب الجانب الكوميدى على الجوانب التراجيدية، وكلما دخل العمل فى مناطق قاتمة وحزينة استطاع المخرج بمهاراته وبمهارة ممثليه الخروج من مأزق المأساة إلى مشهد كوميدى بمنتهى الدقة والاحتراف، وربما أبرز ما دعا إليه هذا العمل هو ربط المشاعر الإنسانية وعلاقات الصداقة والحب التى كادت تفنى بفناء الفريق وتخليه عن حلمه الفنى، بإصراره على الاستمرار وتحقيق الحلم، والذى تحقق فى النهاية بمشهد الختام بإغلاق الستار، ووقوف الممثلين أمام الجمهور لقراءة الفاتحة ثم يفتح الستار من جديد، على مشهد البداية لعرض «1980 وأنت طالع» والذى ينبئنا فيه كل فرد من أفراد العمل بعمره، ففى «البروفة» أراد جبر ومعه المؤلف محمود جمال، أن يأخذا الجمهور فى جولة ضمن كواليس فريق «استوديو البروفة» مع إضافة بعض التعديلات الدرامية كى يصبح العمل أشبه بنص درامى مكتوب، وليس مجرد سرد لوقائع وأحداث حياتية.
جاء العرض حقيقيا وإنسانيا للغاية، خصوصا فى اعتماده بشكل واضح كما ذكرنا على إمكانيات الممثلين وخفة ظل معظمهم خاصة وليد عبدالغنى الذى استطاع انتزاع الضحك من الجمهور ببساطة دون تكلف أو افتعال، وتساوى معه فى نفس المهارة والبساطة الجميع منهم عاصم رمضان، حاتم صلاح، محمد خليفة، محمود عبدالعزيز، مصطفى محمد، مروة الصباحى، مى صلاح، سالى سعيد، محمد العتابي، خلود عبدالعزيز، وعلى حميدة، وبالتالى أفرز هذا العرض مجموعة كبيرة من الطاقات الكوميدية الشابة للساحة المسرحية، اعتمد أيضا على ديكور بسيط فى خلفية المسرح الذى كان عبارة عن حائط خشبى ومجموعة كراسى صغيرة، وكأنهم داخل مكان فقير لإتمام بروفة العمل حتى يحصلوا على المسرح المناسب، ومما ساهم فى اقتراب العمل إلى الواقع والحقيقة خروج الممثلين بملابسهم العادية التى يرتدونها فى حياتهم اليومية، فلم تصمم ملابس خصيصا للعرض، فيما عدا بعض الأزياء التى تم استخدامها فى تمثيل المشاهد التى كان يستعد بعضهم لإرتجالها وعرضها على المخرج.
عبر العرض عن رحلة حياة كاملة لفريق مسرحى احتار فى البحث عن فكرة أو نص يقدم به نفسه للجمهور لأول مرة، كى يكسب ثقته واحترامه، وقد كان، فاليوم لا يتردد الجمهور فى دفع ثمن التذكرة، الذى لا يتجاوز الخامسة والثلاثين جنيها، لحضور الإنتاج الثانى للفريق بشغف وفضول، ويمتلئ المسرح من جديد كما حدث تماما بالمرة الأولى، وبنجاح هذه التجربة وتجربة «1980وانت طالع»، استطاعا محمد جبر ومحمود جمال، الترسيخ لقاعدة أن النص الجيد والممثل هما قوام أى عمل مسرحى ناجح، فليس شرطا أن يعتمد المسرح على عناصر إبهار مبالغ فيها حتى ولو كان بالقطاع الخاص، وهكذا يعيد فريق «استوديو البروفة» فى تجربته مع مسرح القطاع الخاص الفقير، للأذهان تجربة النموذج الفنى الناجح الذى سبق أن قدمه الفنان محمد صبحى والمؤلف لينين الرملى، ففى حقبة الثمانينيات والتسعينيات قدما الاثنين أعمالا ذات قيمة فنية عالية، وكانت فى متناول الأسرة البسيطة، وأصبحت اليوم من كلاسيكيات المسرح المصري، وكذلك ينتهج جبر مع فريقه نفس الطريق بعد أن جمعهم حلم إتمام «البروفة»!
تأسس فريق «استوديو البروفة» عام 2005، وهو فريق كلية تجارة جامعة عين شمس، قدم أكثر من عمل مسرحى، معتمدا على موارده الذاتية، دون دعم خارجى منها «البروفة»، «اللعبة»، «كاليجولا»، «طائر»، «مانحلمش»، «ربع ساعة والموضوع يتحل»، «هانيبال»، «الدخان»، «زيارة السيدة العجوز»، «الدكتور بالمى»، وأشهر عروضه الأخيرة «1980 وانت طالع»، قدم نسخته الأولى عام 2011 وظل العرض مستمرا حتى عام 2017، وطوال هذه السنوات يجرى أعضاء الفريق بعض التغييرات على العرض، بما يتوافق مع تطورات الأحداث السياسية والاجتماعية، تعرض الفريق فى بدايته لعثرات مادية، إلى أن استطاع أعضاؤه تحقيق نجاح منقطع النظير، من خلال عرضه الأخير على خشبة مسرح الهوسابير، شارك الفريق بأكثر من مهرجان مسرحى منها مهرجان الساقية، مهرجان المسرح العربى، والمهرجان القومى للمسرح، وحصلوا على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، من المسارح التى عرض عليها الفريق أعماله الهوسابير، مسرح الجيزويت، قصر ثقافة الطفل بجاردن سيتى، مسرح عبد المنعم جابر بالإسكندرية، وعلى مسرح الجامعة الأمريكية، ومسرح الجامعة البريطانية.