المنطقة الصناعية بالأنفوشى.. إسطبل خيول ووكر لمتعاطى المخدرات
نسرين عبد الرحيم
الإسكندرية - نسرين عبدالرحيم
عندما تتجول داخل محافظة الإسكندرية، فإن أول ما سيخطر ببالك هو التعرف على تاريخها الثقافى والحضارى والتراثى فبالرغم من تمتع الثغر بكم كبير من الآثار إلا أن هناك سمة أشياء أخرى لا تقدر بثمن تدل على تاريخ متميز حيث توجد مناطق بأكملها إما تمتعت بتراث حضارى ومعمارى فريد أو بوجود مهن عريقة، من أبرز تلك المناطق الأنفوشى تلك المنطقة التى لا تتميز فقط بوجود القلعة الأثرية الأسطورية التى يأتى إليها السائحون من كل مكان ليشاهدوا عظمة التاريخ المصرى القديم، بل أيضا تتميز بأشياء أخرى منها حلقة السمك وهو مكان مخصص لبيع الاسماك فور استخراجها من البحر وأيضا أماكن أخرى وهى المنطقة الصناعية.
تلك المنطقة التى اشتهرت بصناعة السفن بجميع أشكالها وأنواعها حيث ازدهرت تلك الصناعة بشكل كبير فى الإسكندرية منذ أكثر من مائة عام فكانت الأنفوشى تصنع السفن لمختلف محافظات مصر بل وتصدرها للخارج إلا أنه من حوالى اثنى عشر عاما صدر قرار بوقف تراخيص السفن مما أدى إلى وقف حال العاملين بالمنطقة التى تحوى قرابة 50 كشكا تمت صناعتها من الخشب منذ زمن طويل وكانت المحافظة قد قامت بتسليمها للنجارين بايجارات بسيطة، والآن أصبحت منطقة شاسعة المساحة مطلة على البحر تحوى الكثير من الأكشاك الخشبية مهملة لا يجد أصحاب الورش قوت يومهم والأخطر من ذلك تسلل إليها البلطجية وتجار المخدرات وقام البعض ببناء أكشاك داخل شاطئها استخدموه كإسطبل للخيول وأكشاك لبيع المخدرات والاكثر من ذلك قام البعض بفتح محلات لبيع الاسماك دون ترخيص واخر بنى حضانة ومستوصفا طبيا أى أصبحت المنطقة التى كان من المفترض أن يكون لها طابع سيادى نظرا لاقترابها من أحد القصور الرئاسية مسرحا لجميع أشكال الفوضى والعشوائية وسط خوف أصحاب الورش من الاحتكاك بالبلطجية حتى لا يقومون بحرق ورشهم فكل عام تحدث حرائق نتيجة لتعاطى البلطجية للحشيش ليلا وترك النيران التى تلتقطها الأخشاب، «روزاليوسف» حاولت التعرف على مشاكل أصحاب الورش والأهمية السياحية والحيوية لتلك المنطقة فى محاولة لإلقاء الضوء ولفت نظر المسئولين لأهمية استثمار تلك المنطقة وإعادة تخطيطها.
حيث أكد صبرى محمد مسعود شريك ومدير الورشة الهندسية للاشغال البحرية أن المنطقة تعمل من أكثر من 100 عام فى صناعة السفن وتعتبر من أقدم مناطق صناعة السفن فى مصر معظم الناس كانت تأتى من جميع المحافظات لتعلم المهنة من تلك المنطقة على أيدى أصحاب الورش وقد فتحوا ورشا واصبحوا معلمين فى جميع المحافظات ولكن الآن الحال أصبح ليس جيدا والذى أثر هو وقف تراخيص السفن السياحية وتراخيص مراكب الصيد وارتفاع أسعار الأخشاب فبالنسبة لنا كمنطقة الوضع اصبح سيئا جدا فلا يوجد أى اهتمام بها فهناك أشخاص سيئة السمعة من البلطجية ومتعاطى المخدرات والحشيش يقومون بالمبيت بالمنطقة بل وبعضهم يدخلون المراكب التى توقف العمل بها ليتعاطوا المخدرات وبعضهم يصطحبون فتيات دخل المراكب التى يتم العمل بها ليلا فلاتوجد أى وسائل للحماية فى المساء كل واحد يفعل ما يشاء والمفروض أن يكون هناك سور للمنطقة وبوابات لا يدخلها إلا العاملون بصناعة السفن ومشتقاتها من نقاشين وعمال وفنيى كهرباء منذ أكثر من 100 سنة الناس كانوا يأتون ليتعلموا المهنة على أيدى أجانب من مالطا واليونان لافتا نحن رابع جيل فى المهنة ونصنع شغل على مستوى عالٍ بس للأسف من قبل الثورة ونحن فى انحدار كنا نصنع مراكب تذهب لشرم والغردقة وتصدر إلى الخارج مثل ليبيا والجزائر وغيرهما من الدول ولكن الآن نعيش على الإحلال والتجديد للمراكب.
وأشار نتعرض لمضايقات متعددة من بائعى المخدرات الذين يترددون على المنطقة وأقاموا أكشاكا بها ومتعاطى الحشيش من البلطجية الذين يصطحبون فتيات بالمساء نتعرض لمضايقات ولا نستطيع أن نتكلم معهم خوفا من بطشهم فبسببهم تعرضت المنطقة لحرائق متعددة حيث يتركون الحشيش مشتعلا فيمسك فى الأكشاك الخشبية، العام الماضى حدث ذلك وأيضا الحادث تكرر أكثر من خمس مرات وكل عام تشتعل المنطقة وتحترق الورش بما تحتويه من بضائع ونخسر الآلاف ولا أحد يسأل فينا لا التضامن الاجتماعى ولا الحى بل هناك من متعاطى المخدرات من يكسرون الورش ويدخلونها لتعاطى المخدرات وزميل لى فوجئ ذات يوم بعدما فتح باب ورشته بوجود متعلقات لمتعاطى المخدرات.
وأضاف تلك المنطقة تقع بجانب قصر الرئاسة وبجانب القوات البحرية المفروض أن تغلق بأسوار حديدية ولا يدخلها إلا العاملون بها فقط لما تمثله من سيادة ومنذ حوالى 15 عاما كان هناك ما يسمى حراس بحرية الحدود يأتون فى المساء بعد المغرب يفتشون على الشواطئ وكان هناك دوريات حراسة على الشاطئ والآن تحدث الموبيقات والهجرة غير الشرعية.
واضاف نعمل الآن على إحلال وتجديد المراكب المرخصة من قبل والبعض يعمل فى صناعة السفن الصغيرة للزينة ونصنع اللانشات والفلوكات والشغل على حسب الطلب ليس دائما بسبب ارتفاع سعر الخشب فمتر الخشب السويدى من 1800 جنيه وصل إلى 5000 جنيه والارد الامريكانى 2200 وصل إلى 6200 للمتر وارتفع سعر المسامير والبويات زادت كل حاجة زادت الخامات التى تتم استيرادها.
واستكمل المعلم زكريا أبوشنب صاحب إحدى الورش أعمل بالمهنة منذ 40 عاما ولقد تم وقف تراخيص السفن من 2002، تعلمت المهنة من عمامى كنا زمان نصنع جميع أنواع المراكب والسفن واليخوت وكانت المهنة لها رواج كبير ولكن أثر وقف التراخيص علينا بشكل كبير واقتصر عملنا على صناعة السفن وإحلال وتجديد المراكب والفلوكات الصغيرة ولا توجد أجيال الآن تتعلم المهنة فالمهنة فى طريقها إلى الزوال والانقراض يمكن جيلنا سيكون اخر جيل فلا يوجد شغل حتى نعلم عليه أجيال أخرى المهنة وبالنسبة للمنطقة أصبح هناك مشاكل كثيرة من البلطجية والمخدرات والعربجية والاسطبلات يدخلون باليل وبالنهار يجلسون يحششون ويقومون بترك الحشيش فيشتعل بالأكشاك الخشبية وأضاف تقدمنا بمئات الشكاوى فى السنوات الماضية ولا حياة لمن تنادى طالبنا بالسماح لنا ببناء الأكشاك حتى لا تكون خشبية فتشتعل ولم نحصل على موافقة.
وأشار أخشى على أولادى ولا آتى بهم نظرا لوجود بائعى المخدرات والبلطجية ولقد تم تحرير عدة محاضر فى الأشخاص الذين يبيتون بالمراكب دون فائدة فعندما يكون هناك شغل يدخلها البلطجية الساعة 12 باليل يتعاطون المخدرات ولا أحد يستطيع أن يتكلم معهم بالرغم من أن المركب تتكلف الآلاف فالمركب تباع بـ800 ألف وتصل إلى مليون جنيه لافتا مظهر الأكشاك غير حضارى وطالبنا باعادة تخطيط المنطقة وتأهيلها دون أى استجابة.
وأشار محمد محمود صاحب ورشة إلى أن البلطجية بعضهم يضع المخدرات بداخل المراكب المتوقفة وتأتى الزبائن لشخص أقام كشكا لبيع المخدرات ولا نستطيع أن نفعل شيئا ناهيك على التعدى ووضع اليد على أرض الشاطئ فتوجد اسطبلات كاملة تم بناؤها داخل الشاطئ وأيضا هناك من قاموا بالمخالفة للقانون ببيع أكشاكهم بأثمان بخسة تلك الأكشاك التى هى ملك الدولة وأعطتها للنجارين بايجارات قديمة وتم فتح محل أبونورة لبيع الاسماك والتوسع فى مساحته دون أن يدفع أى ايجار وأيضا أحد المساجد تم التوسع وفتح مستوصف وحضانة دون سند قانونى.
وأضاف القبطان إبراهيم صحاب إحدى الورش توقف العمل بالمنطقة منذ حوالى 12 سنة بسبب وقف التراخيص السياحية ومراكب الصيد أيام مبارك كانت اليخوت تذهب لشرم واغلب الورش اغلقت وبعضهم باع محتويات محله وطالبنا أكثر من مرة تصميم الورش على حساب أصحابها ورفضوا وأضاف أصحاب المراكب إذا لم تسمح لهم التراخيص فلابد أن يسمح لهم بتغيير النشاط هناك ناس فى غيبة من الحى يقومون ببناء أكشاك وبعضهم يربى الغنم.
وأوضح المقدم مصطفى صاحب يخت يتم تصنيعه بالمنطقة، لم اجد ناس تعمل بالمهنة فأتيت بصنايعية من رشيد، ومركبى تعتبر أول مركب يتم بناؤه بالمنطقة الحرفية المعلمين الكبار بالأنفوشى اندثروا أصبح لا يوجد سوى أربعة معلمين، مصر كانت تصدر المراكب لانجلترا واليونان وبريطانيا ودول الخليج والموضوع اقتصر على بعض الورش تقوم بصناعة مراكب الزينة هناك مراكب أيضا أحرقها البلطجية المفروض يكون هناك قانون لتقنين أوضاع الناس وإعادة تصميمها والقضاء على البلطجية وفى فترة من الفترات كان طلاب فنون جميلة يأتون لتصوير طريقة البناء والأجانب أيضا كانوا يأتون بالافواج لمشاهدة تصنيع السفن منذ 96 وأنا ابنى مراكبى وكان الوضع رائعا وتحول إلى وضع سيئ، المفروض المحافظ ينظر للمنطقة لأن الناس تخاف الدخول للمنطقة وأيضا الكافيتريات سيكون لها شأن أخير بعض الورش تحولت لمطاعم بما ينافى القانون.
ومن جانبه أكد الاستاذ فرج شعبان رئيس حى الجمرك السابق أن المنطقة من أجمل المناطق التى تقع بحى الجمرك فضلا عن أنها بالإسكندرية وتتمتع بموقع متميز لو نظر لها بنظرة استراتيجية لها إفادة عظيمة لافتا بالنسبة للحرفيين مهنتهم من بعض المهن التى انقرضت لم يبق بها سوى بعض الصناع البساط وظروف الصناعة اصبحت غير صالحة للاستمرار فيها ولكن دائما صاحب الحرفة عنده حنين لها، الوضع بالنسبة لنا منذ يناير كان بها شىء من عدم الانضباط قبل ذلك كانت المنطقة مهملة أيضا وللأمانة لم يتم وضع خطة للاستفادة من المنطقة.
أنا توليت المسئولية لمدة ثلاثة شهور فى المنطقة ولكن فى الثلاثة شهور وضعت ثلاثة أهداف كنت أعمل عليها بقوة والمجالات الاخرى اتفاعل معها تفاعلا روتينيا المنطقة عملت حصر لها وبدأت أوصف الواقع لأضع حلولا تقضى على المشكلات أو أضع رؤية استراتيجية.
ومن جانبه أكد اللواء محمد معوض رئيس حى الجمرك الحالى، انه ليس له سوى أيام قليلة بالمنصب وقت كتابة تلك السطور وانه يتعرف منى على المشكلة لاول مرة فوعدنى فور نشر المشكلة التحرك بكل جهد لمحاولة حلها.