الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
على سلم روزاليوسف
كتب

على سلم روزاليوسف




 


كرم جبر روزاليوسف الأسبوعية : 12 - 12 - 2009



الذين يزعمون أنها رشاوى انتخابية.. لماذا لايرفضونها؟
كيف يمكن تحرير الصحف القومية من رؤساء تحريرها؟

شتان بين من يجد حلولاً للمشاكل وبين من يزايد عليها
التغيير ليس معناه إطلاق رصاصة الرحمة على جيل الرواد
وليس معناه تأليب الشباب على الكبار والتربص بهم
وليس معناه القفز بالباراشوت على منصب نقيب الصحفيين
الدولة والصحفيون ليسا فى حالة حرب.. كما يريدون
هل يجوز الاستيلاء على أموال المؤسسات القومية لصالح الفتوات؟
عندما يقف الصحفى أمام الصندوق لا يحتكم إلا لضميره
مَنْ الذى قال إن التغيير هو أن نتخلص من جيل الأساتذة الكبار الذين أفنوا حياتهم فى مهنة الصحافة.. فيكون جزاؤهم هو أن نطلق رصاصة الرحمة فى رءوسهم، مثل خيل الحكومة الذى أصبح عاجزا عن جر عربات الرش.. وهل يليق مثل هذا الزعم الكاذب فى المهنة التى تعلم الناس المبادئ والأخلاق، وتقود الرأى العام؟!
مَنْ الذى قال إن التغيير هو تأليب الأجيال على بعضها البعض، فيتربص شباب الصحفيين بالكبار وكأنهم يجثمون على صدورهم ويمنعون عنهم الهواء، ويتحفزون للحظة يطيحون فيها بهم.. بينما ينظر الكبار للشباب نظرة التوجس والشك.. وتتوزع الاتهامات بين الطرفين، وكأنهما فى خصومة مشتعلة؟!
مَنْ الذى قال إن التغيير يتم بالقفز بالباراشوت فوق مقعد النقيب، بإثارة النعرات القبلية وشق الصحفيين، بين صعيدى وبحراوى، ومسلم وقبطى، وحر وخائن.. وكأننا عدنا إلى أسوأ عهود الديكتاتورية التى تلعب فيها الشائعات دور البطل الشرير؟
مَنْ الذى قال إن التغيير يتم عن طريق الجماعة المحظورة التى تريد الانقضاض على نقابة الصحفيين ولو من خرم إبرة لتفعل بأصحاب الأقلام مثلما حدث فى المحامين والمهندسين وغيرهم، وهل يليق بالنقابة الوحيدة التى ظلت صامدة فى مواجهة الاختراق، أن تنهار وتركع، وتسلم مصيرها للفوضى والسلم؟
التغييرالذى نفهمه هو الذى يتم بتواصل الأجيال وتلاحمها، ووقوفها صفا واحدا، من أجل المهنة العظيمة التى تحتوينا جميعا تحت مظلتها، وهذه هى الأخلاق والمثل التى تربت عليها أجيال كثيرة، حفظت كرامة المهنة واستقلالها فى أصعب الظروف، يوم أن كانت حرية الصحافة هى أن تكتب على هوى الحاكم، وإلا سوء المصير.
التغيير هو أن يعلم شباب الصحفيين أن الأجيال التى تكبرهم لم تأخذ حقهم المشروع فى الترقى والصعود، خصوصا على منصب نقيب الصحفيين، الذى يتم بالإرادة الحرة للجمعية العمومية، وليس بقرار رسمى.. ويتجسد عبر تراكم خبرات ومواقف مهنية ونقابية، وليس بمجرد اللعب بالشعارات والصيد فى الماء العكر وركوب مشاعر شباب الصحفيين، والمتاجرة بمشاكلهم وهمومهم.
التغيير هو الذى يتم بالدعاية النظيفة والبرامج الواضحة، وليس بالوسائل الملتوية التى تقضى على البقية الباقية من احترام المهنة وتقاليدها.. وتلويث شرف معركة انتخابية هى الأنظف والأشرف والأكثر شفافية فى الوطن.
التغيير هو سُنة الحياة وليس نقمة الحياة، ولا يجب أن يتم أبدا بالتصويت الانتقامى والاحتجاجى، وأن كل من له مشكلة فى عمله أو فى الشارع أو البيت يفش غِلَّهُ فى المرشح الذى يتصور أن الحكومة جاءت به.. مع أن الحكومة ليس لها فى المعركة ناقة ولا جمل.
التغيير بالخداع هو إثارة زوابع وشائعات، بأن الصحفيين يتعرضون للترويع والترهيب، حتى يذهبوا إلى الصناديق ويصوتوا لصالح مكرم محمد أحمد.
أولا: هذا الاتهام هو إهانة لجموع الصحفيين، لأنهم لا يساقون إلى اللجان بالقوة والترهيب والترويع، فهم أصحاب رأى وفكر ويدافعون عن المجتمع، فكيف يحدث ذلك وهم عجزة ومستسلمون ويتم حشرهم أمام اللجان دون أن يكون لهم حول ولا قوة كما يزعم المرشح المنافس؟!
ثانيا: هل يستطيع أحد أن يُملى على الصحفى مرشحا بعينه وهو أمام الصندوق الانتخابى، فيرغمه على أن يختار فلانا؟!
ثالثا: الصحفيون بالذات دماغهم ناشفة ولا يكونون رأيهم إلا بالحوار والإقناع، ويعرفون أين هى مصلحتهم بالضبط، دون اعتبار لخزعبلات الترويع والترهيب، التى تستهدف استثارة التعاطف، ولكنها تحدث مفعولا عكسيا.
رابعا: الدنيا تغيرت، ولكن دعاة التغيير الكاذب لم يتغيروا، واتسعت مساحة حرية الصحافة، ولكن الذين يتباكون على حرية الصحافة هم الذين يضيقون مساحتها ويثيرون الشكوك والريب حولها.. فهم يستخدمون فزاعات الماضى للتخويف، ويتحدثون بمنتهى الحرية عن اغتيال هامش الحرية فافتقدوا المصداقية والثقة.
التغيير يبدأ من هنا.. من الوقوف خلف النقيب القوى الذى يستطيع تنفيذ برنامج طموح يحقق تطلعات الصحفيين، وحقهم فى حياة كريمة، ورفع مستوى المهنة والدفاع عنها.
ليس صحيحا أن نقابة الصحفيين نقابة مهنية فقط، وأيضا ليس صحيحا أنها نقابة للتظاهر، ولكنها تحافظ على التوازن الدقيق بين تقديم الخدمات وحرية الرأى.. فالاثنان لا ينفصلان.. والصحفى الذى يعانى من عدم الاستقرار فى عمله وحياته ومسكنه لن يكون مؤهلا للقيام بدوره وأداء وظيفته.
النقيب القوى هو الذى يستثمر علاقاته القوية بالدولة للحصول على مزايا وحقوق مشروعة، فإذا كان البعض يعتبرها رشاوى انتخابية، فليقل ما هو البديل؟.. ولماذا لا يتنازل هو شخصيا عن قبض الرشوة أول كل شهر، ويترك غيره دون أن يُنغِّص عليه حياته، أو يلوث لقمة عيشه؟
النقيب القوى هو الذى يستثمر علاقاته فى إنشاء مدينة سكنية حقيقية ترفع المعاناة عن شباب الصحفيين، وتحميهم من عمليات النصب والاحتيال التى يتعرضون لها، لأن النقيب يضمن ذلك والدولة تضمن ذلك.
النقيب القوى هو الذى يستطيع أن يدافع عن حرية الصحافة وكرامة الصحفيين، ليس بالاحتقان والهتافات الحنجورية والخطب الرنانة، ولكن بالمواقف الصلبة القوية التى يعمل لها الجميع ألف حساب.. فأسهل شىء هو الكلام وأصعب شىء هو الفعل، وكم دفعت النقابات المهنية ثمنا فادحا للتناحر والتنابز والخلافات، وسيطرة الأقلية على أعضائها.
الدور القومى للنقابة ليس تسييسها واختراقها، وجعلها جراجا خلفيا لمناورات الأحزاب والقوى السياسية، وليس معقولا ولا مقبولا أن تفرغ هذه الجماعات إحباطاتها السياسية بين جدران النقابة وعلى سلمها، فى معارك وصراعات ليست فى صالح النقابة ولا الصحافة ولا أعضائها، فسلم النقابة ليس حائط مبكى للغضب والاحتقان والتظاهر والفوضى.
لماذا تدس الجماعة المحظورة أنفها فى النقابة، وماذا تستفيد إذا حل بها الخراب وسكنها البوم والغربان؟!.. ماذا تستفيد المحظورة إذا فرضت الحراسة على الصحفيين مثل المهندسين؟.. وهل تزداد شعبيتها باتساع رقعة الجماعات الغاضبة والمتمردة؟!
المحظورة ومن تدعمهم ليس لهم أى برامج واقعية ولا حقيقية لمساندة الصحفيين ودعمهم، لكنهم يتاجرون فقط بالأزمات.. فماذا فعلوا بالضبط فى قضية جريدة الشعب - على سبيل المثال - التى استمرت عشر سنوات، غير تهييج الزملاء الصحفيين واللعب على مشكلتهم والاستفادة من آلامهم ومعاناتهم؟.. أين الحلول التي قدموها والمقترحات التي تبنوها، غير المساندة السوداء؟! ما هى مقترحاتهم لتحسين الأحوال المعيشية لشباب الصحفيين غيرتسميم حياتهم بالحديث عن الرشاوى الانتخابية، أو تقديم مقترحات فتوات الحارة بالسطو على موارد المؤسسات الصحفية وتقديمها للنقابة، لتنفق منها علي دعايتهم، وتجند الصحفيين بلقمة العيش.
افتعال العداء مع الدولة لن يكون فى صالح الصحفيين، لأنهم ليسوا جماعة معارضة أو شاردة، وليسوا جماعة محظورة تلعب خارج أطر الشرعية، ولكنهم جماعة منظمة تقود الرأى العام وتتبنى خطط الإصلاح، وتدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتناضل من أجل ذلك بالوسائل القانونية الشرعية وليس بالاختراق والالتفاف.
الصحفيون والدولة ليسا أعداء أو على طرفى النقيض، لأن الدولة تحمى الصحافة وتصون حريتها وتعتبرها من أهم مكتسبات نظام حكم الرئيس مبارك، الذى انطلقت فى عصره حرية الصحافة على نحو غير مسبوق، ويشهد بذلك القاصى والدانى.. إلا تلك الفئة التى تحاول تشويه صورة أى شىء، دون أن يكون لديها سند أو دليل.
حين تدعم الدولة الصحافة وتقدم للصحفيين المساعدة، فهذا واجبها، وهذا حق أصيل للصحفيين، لا يحصلون عليه بمذلة وامتهان، ولكن بمنتهى الكرامة والكبرياء.. ووصمة عار فى جبين من يتهمون الصحفيون بغير ذلك، لأنهم يحطون من قدر زملائهم، ويلصقون بهم تهما كاذبة وظالمة. الدولة القوية تفخر بأن تكون صحافتها قوية، والصحافة المحترمة لا تخشى فى الحق لومة لائم، لا تحكمها مصالح شخصية ولا أجندات خارجية ولا مطامع سلطوية، ولا تستهدف شيئا إلا الحفاظ على أمن واستقرار هذا الوطن، والوقوف فى صف الحرية والديمقراطية مهما كان الثمن.
المخاطر التى تواجه الصحافة فى الفترة القادمة صعبة وخطيرة، وتحتاج نقيبا قويا ومجلسا متجانسا، يحمى المهنة من تغول رأس المال، وشراسة محاولات الاختراق والسيطرة.. لأن الصحافة فى النهاية هى خط الدفاع الأول عن مصالح جموع المصريين، وكى تكون كذلك يجب أن تكون هى نفسها قوية، ولها ذراع طويلة تستطيع أن تدافع بها عن نفسها.
لن يتحقق ذلك فى ظل لغة التشرذم والانقسام وتأليب الأجيال، وافتعال المشاكل، والاستموات للشعبطة فى منصب النقيب بأى ثمن.. فالمنصب ليست فيه أية مزايا غير التعب والسهر والمعاناة.. وهو لا يحتاج الوجاهة، ولكن التضحية، ولا يسعى إلى من يسعى إليه، ولكنه يجرى وراء من يقدر حجم المسئوليات الجسام الملقاة على عاتقه.
من حق الشباب أن يكون لهم وجود وتواجد قوى ومؤثر، وهو ما يحدث بالفعل فى نقابة الصحفيين، حيث يسيطرون على أكثر من 08٪ من مقاعد مجلس النقابة بالانتخاب النزيه الذى يعبر عن إرادة جموع الصحفيين، وبالتالى فالتغيير يحدث بالفعل، بعيدا عن نعرات الطائفية والحزبية والقبلية التى تضر أكثر مما تنفع.
هذه هى المعانى الحقيقية التى ندافع عنها، واستقبلنا نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد بمنتهى الحب والحفاوة على سلم روزاليوسف.. السلم الذى يصون حرية الصحافة ولا يهددها، ويصنع اللُحمة لا الفرقة، ويدعم الأخلاق المهنية ولا يهدمها.
استقبلنا النقيب ونحن نتعجب من رسائل ال S.M.S النارية للمرشح المنافس التى يقول فيها من يرغب فى تغيير رئيس تحريره القومى ينتخب ضياء رشوان.. وهى دعوة أخرى للتشرذم وتدخل سافر فى شئون الصحف القومية وإعلان حرب مباغتة عليها.. ولم يقل لنا صاحب الرسالة كيف سيفعل ذلك؟.. وهل يعلن حرب التحرير الحنجورية ضد رؤساء التحرير القوميين؟!
المؤسسات القومية قد تعانى من بعض المشاكل، لكنها الأكثر استقرارا ونموا وتضم 09٪ من الصحفيين.. وتستعصى على الغزوة الكبرى للمرشح المنافس الذى يعلن رسالة حرب فى غير موضعها ولا زمانها.. وتورط نقابة الصحفيين فى حرب ضد الصحافة القومية التي تشكل القوة الضاربة فى الصحافة المصرية.
سلم روزاليوسف أكثر وعيا وتحضرا، وكان على مر العصور خط دفاع أصيلا ضد التطرف والإرهاب والانغلاق بكل صوره، منذ أن أصدرت الراحلة فاطمة اليوسف عددها الأول من قرابة 08 سنة. وقفة صادقة لم يحركها أحد غير الحفاظ على المعانى النبيلة والتقاليد الراسخة للمهنة العظيمة، والتى يحمل لواءها الآن واحد من فرسان الزمن الجميل، هو مكرم محمد أحمد.. الصحفى المصقول بخبرة سلاح الكلمة، الذى استخدمه فى الدفاع السلمى عن حرية الصحافة وكرامتها.. ولا يجب أبدا أن نرفع فى وجهه لافتات كاذبة وشعارات زائفة، تخرج بالمعركة الانتخابية عن معانيها وأهدافها.
نعم نحن ندعو الصحفيين ونحفزهم على الذهاب إلى النقابة ليقولوا كلمتهم، وحين يقفون أمام الصندوق فإنهم يحتكمون لشىء واحد.. هو ضمائرهم.


كرم جبر


Email:[email protected]