قمة التحديات الصعبة
أحمد إمبابى
كتب - أحمد إمبابى
قال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن القمة العربية تنعقد فى ظل تحديات جسيمة تواجه المنطقة بأسرها، تحديات تستهدف وحدة وتماسك الدول العربية وسلامة أراضيها، وتهدد مقدرات شعوبها ومصالحها العليا.
وأضاف فى كلمته أمام القمة العربية الـ 28 المنعقدة بالأردن أمس: أن القمة تنعقد وتتطلع معها أنظار شعوبنا لموقف قوى يستعيد وحدة الصف العربية، للوقوف بحسم فى مواجهة الأخطار التى طرأت على منطقتنا خلال السنوات الماضية، فأضعفت الجسد العربى حتى بات يعانى من تمزقات عدة، وأصبح لزاما علينا أن نتصدى للتحديات التى نواجهها برؤية واضحة، وإصرار كامل على تعزيز أمننا العربى والحفاظ على مستقبل الأجيال المقبلة من أبنائنا وبناتنا.
وأوضح الرئيس أن التحديات الجديدة التى عصفت بوطننا العربى تركزت فى انتشار الإرهاب وتزايد خطورته فى إضعاف كيان الدولة الوطنية، بل فى تحدى فكرتها الأساسية كوطن جامع لأبنائه، وبوتقة تصهر الثقافات والطوائف والمذاهب المتعددة فى ولاء واحد لوطن واحد، فرأينا ضياع الاستقرار عندما ضعفت المؤسسات الوطنية، وشهدنا انتشار الترويع للآمنين عندما حلت الصراعات الطائفية والمذهبية محل التعايش المشترك، وتزايدت التدخلات الخارجية فى شئون الدول ومصائر شعوبها، وسرعان ما استغل الإرهاب الآثم الفرصة ليملأ الفراغ، الذى نتج عن عدم قدرة مؤسسات الدول على القيام بدورها الأساسى فى حفظ الأمن وتطبيق القانون.
وأشار إلى أن الإرهاب تزايد وهدد حياة الملايين من البشر فى وطننا العربى وفى العالم أجمع، وأصبح يمثل ظاهرة عالمية لا يمكن التهاون معها أو القبول فى شأنها بأية تبريرات، وأصبحت العلاقة بين الإرهاب وبين تهديد كيان الدولة الوطنية علاقة تفاعلية، مشيرا إلى إنه كلما قويت شوكة الإرهاب ضعفت الدولة، وكلما ضعفت الدولة تمدد نفوذ الإرهاب، ومن هنا يتحتم علينا العمل على مسارين متوازيين فى ذات الوقت، نحارب الإرهاب ونتصدى له بكل الحسم والقوة، فى الوقت الذى نبذل فيه أقصى الجهد لتسوية الأزمات القائمة فى المنطقة، واستعادة الأمن والاستقرار فيها، من خلال تمكين وتعزيز مؤسسات الدولة الوطنية، لتقوم بمهامها المنوطة بها.
وفيما يتعلق بمحاولات الدخل فى الشئون العربية قال الرئيس : إنه لمن دواعى الأسف أن نرى بعض القوى تستغل الظروف غير المسبوقة التى تمر بها منطقتنا، لتعزيز نفوذها وبسط سيطرتها، فقامت تحت مسميات وتبريرات مختلفة، بالتدخل فى شئون الدول العربية، سواء من خلال التدخلات السياسية، أو العسكرية والأمنية، لا يعنيها فى سبيل تحقيق ذلك أن تتفكك مؤسسات هذه الدول، أو أن تتهدد وحدة أراضيها وسلامة شعوبها.
ودعا الرئيس الزعماء العرب لاتخاذ موقف واضح وحاسم إزاء هذه التدخلات، موجهين رسالة قاطعة، بأننا لن نسمح لأى قوة كانت بالتدخل فى شئوننا، وأن جميع المحاولات التى تسعى للهيمنة المذهبية أو العقائدية، أو فرض مناطق نفوذ داخل أراضى الدول العربية، ستواجه بموقف عربى موحد وصارم، عازم على حماية مؤسسات الدولة الوطنية، وقادر على صيانة مقدرات الشعوب العربية، والوفاء بحقوقها فى العيش الكريم والتنمية.
وفيما يتعلق بالوضع فى سوريا قال الرئيس إن الحل السياسى للأزمة السورية هو السبيل الوحيد القادر على تحقيق الطموحات المشروعة للشعب السورى، واستعادة وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية والقضاء على خطر الإرهاب والمنظمات المتطرفة، وتوفير الظروف المواتية لإعادة إعمارها وبنائها من جديد.
أما الأزمة الليبية فأكد الرئيس أن مصر لن تدخر جهدا فى سبيل دعم جهود التوصل إلى حل ليبى توافقى، وستستمر فى التعاون مع دول الجوار ومختلف القوى الدولية والاقليمية من أجل دفع مسار التسوية السياسية بدون تدخل خارجى حتى يتمكن الشعب الليبى الشقيق من استعادة أمنه واستقراره.
كما جدد الرئيس تأكيده التزام مصر بدعم اليمن ومؤسساته الشرعية وتقديم العون الإنسانى وضمان حرية الملاحة فى مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وشدد الرئيس على أن القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى والمركزية فى قلب وعقل كل عربى، وإنه لمن دواعى الأسف أن تستمر عصية عن الحل على مدار عدة عقود، ومع استمرار هذا الوضع الذى نرفضه جميعا، تتصاعد حدة ووتيرة الأزمات التى تعانى منها الدول العربية، والعالم بأسره. وتجدد مصر التزامها الكامل بمواصلة السعى نحو التوصل إلى حل لتلك القضية، يستند إلى موقف الدول العربية الساعى لإرساء السلام فى تلك البقعة الغالية، انطلاقا من مبادرة السلام العربية، وبما يعزز من الاستقرار فى جميع أنحاء المنطقة والعالم، ويساهم فى بدء عملية تنمية حقيقية، تلبى طموحات الشعوب العربية وتطلعاتها لعيش حياة كريمة مزدهرة. وأكد الرئيس أن مصر تؤمن بأن العمل العربى المشترك، هو أساس الحل لمختلف القضايا والأزمات التى تمر بها المنطقة العربية، ومن هذا المنطلق، سعت خلال العام الماضى باعتبارها الممثل العربى فى مجلس الأمن، إلى تنسيق المواقف بين الدول العربية، وتسليط الضوء على مختلف القضايا التى تهم المنطقة، ووضعها فى صدارة أولويات المجتمع الدولى.
وعلى هامش القمة عقد الرئيس عدة لقاءات من الزعماء العرب من بينهم العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، وأكد وزيرا خارجية مصر والسعودية عقب اللقاء أن خادم الحرمين والرئيس السيسى تطابق وجهات نظرهما إزاء قضايا المنطقة، ووجه الملك سلمان دعوة للسيسى لزيارة السعودية ووعد بتلبيتها بأقرب فرصة، ووصفا اللقاء بأنه إيجابى للغاية بل ممتاز.
التفاصيل ص8