الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

للحق قوة تحميه

للحق قوة تحميه
للحق قوة تحميه




كتب - رشـدى الدقن - سمر العربى

فى أقل من 3 أسابيع شهدت ما يمكن أن نطلق عليها عملية «تأمين ثروات المتوسط» تحركات على أعلى مستوى من الدولة المصرية، وجاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى قبرص وعقد قمة ثلاثية مع اليونان وقبرص، وماتلاها من زيارة لوزير الدفاع والإنتاج الحربى الفريق صدقى صبحى لقبرص داعمة بقوة ،لعقد الاتفاقيات فى هذا الشأن وبما يعود على شعوب مصر وقبرص واليونان بالخير، والاستفادة القصوى من ثروات البحر المتوسط، والتى تأتى كنتيجة عملية لتعيين الحدود البحرية  بين الدول الثلاث.
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى ومن بعده وزير الدفاع صدقى صبحى  إلى قبرص حملت أبعادا مهمة متعددة، استراتيجية وأمنية واقتصادية، تستمدها من الخصائص الجيوسياسية لموقع كل من مصر وقبرص الجغرافى والاستراتيجى، والشراكة الجديدة التى انطلقت بين البلدين خلال السنوات الأربع الأخيرة فى مجالات الاقتصاد والتعاون لاستثمار ثروات البحر المتوسط على نحو يحقق مصالح الشعبين  ويحفظ حقوق كل منهما.
وشهدت  القمة المصرية – اليونانية – القبرصية الأخيرة والتى تعد الخامسة منذ تولى الرئيس السيسى المسئولية ، عدة اتفاقات صبت جميعها فى عملية تأمين الثروات  فى شرق البحر المتوسط.
الشراكة الاستراتيجية بين الدول الثلاث جعل منها مركزًا إقليميًا لتصدير الغاز لأوروبا وآسيا.
حيث اتفقت مصر مع قبرص على البدء فى مباحثات لإنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعى من حقول الغاز القبرصية بالبحر المتوسط إلى القاهرة . وتستفيد مصر من نقل الغاز الطبيعى المنتج من حقل «أفروديت القبرصى»، الذى  ينتج 300 مليار قدم مكعب سنويًّا يتم نقلها إلى مصر عن طريق خط الأنابيب و من خلاله يمكن  تلبية احتياجات السوق المحلى – الذى يعد السوق المستهلك الأكبر فى الشرق الأوسط – وتوفير الإمدادات اللازمة للقطاع الصناعى التى تحتاج لمزيد من إمدادات الغاز الطبيعى، أو محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعى، بالإضافة إلى توفير إمدادات إضافية جديدة من الغاز الطبيعى لمواكبة احتياجات النمو الاقتصادى والمشروعات الجديدة والتى تحتاج كميات مضاعفة من الغاز الطبيعى.
ولا تتوقف فقط على تلبية احتياجات السوق المحلى، وإنما تمتد لتحقيق إيرادات مالية مختلفة نتيجة نقل الغاز القبرصى، وتسييله بوحدات الإسالة المصرية، وشحنه تمهيدا لإعادة تصديره إلى أوروبا.
التعاون المصرى القبرصى يصب بالدرجة الأولى فى تحويل مصر إلى مركز إقليمى لنقل وتخزين وتجارة وتداول الطاقة بالبحر المتوسط، خاصة أن مصر تمتلك العديد من المزايا يؤهلها للقيام بهذا الدور، يأتى على رأسها وحدات الإسالة الواقعة على ساحل البحر المتوسط، وخطوط نقل الغاز من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، قناة السويس ومعامل التكرير.
التحركات المصرية على أعلى مستوى سواء اقتصاديًا أو سياسيًا أو مناورات عسكرية مشتركة يزعج تركيا ويزيد القلق لديها من احتمالات تطوير التحالف المصرى اليونانى القبرصى وانضمام دول أخرى له فهناك الأردن ولبنان مرشحتان للانضمام وكذلك سوريا وفلسطين.
وتأتى التحركات أيضا داعمة وبقوة للحفاظ على ثروات وحقوق الشعب المصرى  فى  حقول الغاز وخاصة أنها على وشك الإنتاج وهناك دول مثل تركيا وإسرائيل  وتوقف محاولات  العبث  بهذا الملف. الاتفاقيات الاقتصادية كان لابد لها من قوة تحميها، وبدا اجتماع  الفريق أول صدقى صبحى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى وكرسيتفروس فوكايدس وزير الدفاع القبرصى والذى أجرى فيه  الجانبان جلسة مباحثات تركزت حول استعراض التهديدات التى تشهدها المنطقة، وسبل مواجهتها وتطوير التعاون العسكرى بين البلدين، وتوقيع بروتوكول للتعاون فى مجال البحث والإنقاذ كمؤشر قوى على أن الحق لابد له من قوة تحميه، وهاهى القوة المصرية تحمى حقوقها.
لقاءات وزير الدفاع فى قبرص كانت لها دلالات شديدة الأهمية منها لقاؤه مع  نيكوس أناستسيادس رئيس جمهورية قبرص، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات القبرصية المصرية والتأكيد على تطويرها فى جميع المجالات خاصة فى مجال التعاون العسكرى والأمنى، بما يتواكب مع رؤيتى قيادة البلدين فى ضوء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لجمهورية قبرص فى نوفمبر الماضى.. كما التقى القائد العام بـ«سيلوريس ديمتريس» رئيس مجلس النواب القبرصى، الذى أشاد بالعلاقات التاريخية التى تجمع بين الشعبين، حيث تناول اللقاء الجهود والمساعى المشتركة لكلا البلدين لتعزيز السلام والأمن فى المنطقة. وخلال زيارته قام القائد العام بزيارة مقابر ماكدينو سيتا التاريخية ووضع إكليل من الزهور على النصب التذكارى لضحايا حرب عام 1974.
كما قام القائد العام بزيارة إحدى الوحدات المدرعة التابعة للحرس الوطنى القبرصى، واستمع إلى شرح تضمن أساليب التدريب التكتيكى وإعداد الفرد المقاتل داخل الوحدات المدرعة، حيث تضمنت الزيارة عرضا للأسلحة الرئيسية والمعدات وتنفيذ بيان عملى بالذخيرة الحية، برز خلاله المستوى المتميز للكفاءة القتالية وتطور أساليب التدريب والتأهيل.
وجاء اليوم الأخير لزيارة الفريق صدقى صبحى ليعلن للجميع وبوضوح سيطرة مصر على البحر المتوسط  حيث  عقد اجتماعًا ثلاثيًا لوزراء دفاع دول قبرص ومصر واليونان، استعرض خلاله التهديدات بمنطقة الشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بالأزمات والصراعات المسلحة ونشاط الجماعات الإرهابية والمتطرفة وظاهرة الهجرة غير الشرعية، كما أكدوا أهمية المصالح المشتركة للدول الثلاث ومطالب تأمين استثمارات الطاقة وخطوط الملاحة البحرية فى شرق المتوسط.
كما اتفق وزراء الدفاع الثلاثة على تطوير التعاون فى مجال التدريبات المشتركة بمشاركة قبرص فى التدريب المصرى اليونانى ميدوزا، فضلا عن تنفيذ تدريبات مشتركة فى مجال مكافحة الإرهاب والبحث والإنقاذ وتأمين الأهداف البحرية وبنية الطاقة وخطوط الملاحة.
كما تم الاتفاق على تأسيس آلية ثلاثية للتعاون العسكرى لزيادة التدريبات المشتركة للدول الثلاث فى مجالات الدفاع ونقل وتبادل الخبرات العسكرية والتدريبية فى العديد من المجالات.
فى سياق عملية تأمين البحر المتوسط،  أعلن المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية من بورسعيد عن بدء ضخ الغاز الطبيعى الفعلى من الآبار البحرية بحقل ظهر إلى المحطة البرية الجديدة بمنطقة الجميل ببورسعيد لمعالجته وضخه فى الشبكة القومية للغازات بمعدل إنتاج مبدئى 350 مليون قدم مكعب غاز يومياً، وذلك بعد نجاح اختبارات التشغيل الفنية لوحدات المعالجة وخطوط نقل الغاز من آبار الحقل إلى محطة المعالجة.
وأكد الملا أن هذا الحدث يُمثل علامة فارقة فى تاريخ صناعة الغاز العالمية بصفة عامة وصناعة الغاز المصرية بصفة خاصة، وذلك بعد نجاح وضع باكورة إنتاج حقل ظهر على خريطة الإنتاج فى وقت قياسى غير مسبوق مقارنة بالاكتشافات الغازية الكبرى المماثلة فى دول العالم.. وأشار الوزير إلى أن هذا النجاح نتيجة دعم القيادة السياسية ومتابعتها عن كثب مراحل تنفيذ المشروع أولاً بأول لتذليل أى عقبات قد تأخر تحقيقه، وكذلك الشراكة الاستراتيجية والتعاون المثمر مع شركة إينى الإيطالية التى عجلت بخطة تنمية الحقل وتعاونها مع الشركات المصرية المنفذة للمشروع بتروجت وإنبى وخدمات البترول البحرية، وأيضاً العاملون فى المشروع الذين بذلوا جهداً غير عادى وكانوا يسابقون الزمن من أجل تحقيق المشروع فى الوقت الزمنى المحدد.. وأوضح الملا أنه مع اكتمال المرحلة الأولى من هذا المشروع والمخطط لها فى يونيه 2018 سيصل الإنتاج تدريجياً إلى أكثر من مليار قدم مكعب غاز يومياً، وهو ما سيساهم إيجابياً فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى وتخفيف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة وتقليل فاتورة الاستيراد، وأضاف الوزير أنه فور الانتهاء من تلك المرحلة سيتم البدء فى تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، وأنه من المخطط الانتهاء من تلك المرحلة فى نهاية 2019 ليصل الإنتاج باكتمال كافة مراحل المشروع إلى 2.7 مليار قدم مكعب غاز يومياً.