وسام الاحترام د.محمد المشالي طبيب الغلابة
روزاليوسف اليومية
تكفيه دعوة من القلب، ابتسامة شكر ورضاء على شفاه مريض لا يجد من الكلمات ما تمكنه من التعبير عما بداخله من عرفان لرجل ترك المال والشهرة واختار حب الناس، فأصبح تاجا فوق رءوسهم يفتخرون به، حدد رسالته قبل 50 عاما أن يكون طبيبا يشعر بآلام وأوجاع الناس.
الدكتور محمد المشالى هو حقا من ورثة الأنبياء فهو عالم، رحيم بالبشر، خدمة الناس هدفه، وعلاجهم غايته، نموذج للكفاح، شخص عصامى من أسرة متواضعة، بدأ حياته من الصفر، فوصل إلى القمة، لم يمنعه تقدمه فى العمر ولا ضعف الإمكانيات عن الاستمرار فى العمل لصالح الفقراء.. هو مستشفى خاص للمرضى المحتاجين، ومعمل طبى لمن لا يملك التكاليف.
■ ■
صنع من عيادته محرابا، يتعبد فيه بعلمه، يتقرب من ربه بمساعدة المرضى من غير القادرين، مقابل جنيهات بسيطة، مؤمنا بقيمة الحياة، وأهمية رسالة الطب الإنسانية قبل أى غاية مادية لها.
لقبه أبناء مدينة طنطا بمحافظة الغربية بـ «طبيب الغلابة»؛ لأنه منذ تخرجه جعل هدفه فى الحياة مساعدة غير القادرين، محددا سعر الكشف بـ»10 قروش»، إلى أن وصل مؤخرا لـ10 جنيهات فقط، يضاف لها 5 جنيهات قيمة التحليل، وإعادة الكشف بـ5 جنيهات.. نعم هو طبيب من الأساطير رغم اقتراب عمره من الـ80 عاما.
داخل «عيادته» التى تطل على مسجد «السيد البدوي»، تجده جالسا على مكتبه القديم، وبين كتبه العتيقة التى تفوح منها رائحة التراث وقيم القدماء من أساتذة الطب، وأدواته التى تلازمه أثناء فحص المرضى يجلس يتعلم لآخر العمر.
■ ■
لم يستسلم لكبر سنه، شاهرا سيف علمه فى وجه المرض، مُصرا على مواصلة رسالته والبر بقسم «أبقراط»، بألا يترك مريضا بحاجة له حتى نهاية عمره.
نشأة «المشالى» فى بيئة متواضعة، وتحمله مسئولية أشقائه جعلته ينحاز للفقراء ومحدودى الدخل، فمنذ أن افتتح عيادته قبل أكثر من 40 عاماً، لم يغلق بابها أمام أى مريض، فابتسامته لا تفارق وجهه دائما خلال مقابلة مرضاه، يعمل على كسب ثقة المرضى عبر معاملتهم بأسلوب أقرب للصديق منه للطبيب.
«روح للمشالى»، كلمة تتردد على لسان الكثير من المرضى وذويهم وأصدقائهم، فبعد أن يضيق الحال بهم، وبعد أن يذهبوا للكثير من الأطباء أصحاب «الفيزيتا» المرتفعة، يلجأون فى نهاية المطاف لـ»دكتور الغلابة»، داعين الله أن يكون سببًا فى شفائهم.
■ ■
الطبيب الجليل محمد المشالى لا يعتمد على كتابة الأدوية المرتفعة التكاليف، ولا يرهق من طرقوا بابه بالتحاليل التى قد يجريها فى عيادته للتخفيف عن كاهل المرضى.
سبق وأن قال فى تصريحات خاصة لروزاليوسف قبل بضعة أشهر إن ظروفه الصعبة فى بداية حياته جعلته يرتبط بمحدودى الدخل والفقراء، مؤكدا أنه يعفى الذين لا يجدون قيمة العلاج من «الفيزيتا»، متمنيا من الله أن يبارك له فى القليل.
من بين المواقف التى يعدها طرائف ويتذكرها، عندما جاء له رجل يحمل ابنه الصغير، وكانت حالته الصحية تحتاج لعلاج دقيق، وإذا بالوالد يشهر سلاحًا، ويهدده به قائلاً: إن ابنه لو لم يعاف سيضربه بالرصاص، لكن يبدو أن الله لم يكن يريده أن يقتل فى تلك اللحظات، فجعله سبباً فى شفاء الطفل، هكذا هى حكاياته ومواقفه التى تعرض لها.
■ ■
يتعامل مع الأطفال بإنسانية تخاطب عقولهم وقلوبهم، فيقدم لهم ما يطيب لهم من الحلوى كى يدخل البسمة على وجوههم قبل أن يبدأ فى كشفه واستكشاف ما يناسبهم من العلاج.. هو حدوتة مصرية كغيرها من حكايات الكفاح والوطنية.. قصة مروءة كتب سطورها رجل أخلص فى عمله وتواضع فى علمه فمنحته الدنيا قلوب من حوله.. لأجل هذا وأكثر وجدناه بكل ثقة يستحق وسام الاحترام.