الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

النفقة أولًا شعار ترفعه سيدات مصر من أجل قانون أحوال شخصية منصف

النفقة أولًا شعار ترفعه سيدات مصر من أجل قانون أحوال شخصية منصف
النفقة أولًا شعار ترفعه سيدات مصر من أجل قانون أحوال شخصية منصف





إعداد - محمود جودة وهبة سالم ونشأت حمدى وحسن عبدالظاهر ودنيا نصر وسمر حسن وأحمد زكريا

على الرغم من أنه كانت هناك تعديلات كثيرة على قانون الأحوال الشخصية الحالى، إلا أنها لم تحقق طموحات المرأة المصرية، فما زالت تعانى من طول إجراءات التقاضى للحصول على مستحقاتها من النفقات، وعدم الاستدلال على مكان الزوج، وغيرها من الأزمات التى لم يجر وضع حلول واقعية لها من قبل القائمين على التشريع.
ويأتى ذلك فى الوقت الذى أبدى فيه المجلس القومى للمرأة برئاسة مايا مرسي، تخوفه من مواد النفقات فى قانون الأحوال الشخصية سواء نفقة العدة أو نفقة الطفل.
وتضج صفحات التواصل الاجتماعى بحملة تنطلق من الحسابات الشخصية للعديد من السيدات بمطالب بضرورة النص على أن حق الزوج فى المطالبة بالزواج يسقط بامتناعه عن الإنفاق على زوجته وأسرته، ويمنح الزوجة حق الطلاق مباشرة، بينما تقود العديد من المنظمات النسائية تنظيم حملات ومؤتمرات بالتنسيق مع أعضاء المجلس القومى للمرأة لاستعراض أهمية إفراد نصوص محددة تتعلق بصرف نفقة الزوجة قبل تحصيل أى ديون أخرى على الزوج، نظرا لاعتماد غالبية النساء على النفقة فى تصريف شئونهن والإنفاق على أسرهن وأطفالهن، الأمر الذى يسمح بالحفاظ على مستقبل الأطفال وحمايتهم من العوز والضياع. النفقة كابوس المطلقات

أمام أسوار محاكم الأسرة، أو على أعتاب مكاتب المحاماة، يقف عدد لا بأس به من السيدات، والتى من بينهن من تحمل طفلها على يدها تبحث وتطالب بحقها الشرعى والقانونى فى النفقة بعد أن أغُلقت جميع أبواب التراضى بينهن وبين أزواجهن للحصول على حقهن، تلجأ هؤلاء النسوة لرجال القضاء.
 «روزاليوسف» تسرد مآسى السيدات داخل أروقة محاكم الأسرة، خلال رحلتهن فى الحصول على النفقة الزوجية.
قالت «مروة. م»: إننى وقعت بفخ كبيرة اسمه الزواج، ومنذ بداية وأنا «اطلع من نقرة اتحط فى دحديرة»، فبعد فشل زيجتى، واتخاذ قرار الطلاق، ساومنى زوجى على التنازل عن حقوقى كافة، مقابل الطلاق، وتابعت: لم أخضع له وقررت اللجوء للمحكمة للحصول على الطلاق، ومن ثم، وها أنا من قضية للأخرى، آخرها التمكين من النفقة، عشت سنتين من العذاب، لا أعلم من أين أحضر أموال تكاليف القضية، وأتعاب المحاماة، وفى كل جلسة أنتظر الرأفة، وأن تنتهى مأساتى وأحصل على النفقة، ولكن بعد أن أفترش الرصيف أمام المحكمة لساعات يتجدد انتظارى مرة أخرى، وها أنا انتظر الحكم بالنفقة فى الجلسة القادمة.
وتابعت «إيمان. ع»: بعد سنوات من الانتظار، واللهاث خلف المحامين على أمل الحصول على نفقة تساعدنى فى تربية أولادى، حُكم لى بـ 600 جنيه نفقة لـ 3 أولاد أكبرهم ذات 13 عاما، ورغم أن التحريات أثبتت أن زوجى يتقاضى راتب 4600 جنيه، ولديه شقة تمليك فى مسكن والده، إلا أن الحكم جاء بمثابة ضربة قاصمة لي.
واستكملت «عائشة. ش»: لم يكن «الصبر طيب» فى هذه المرة، فبعد صبر عناء ومشقة، ونفقات تكبدتها خلال محاولتى الحصول على النفقة، وبعد إثبات أن زوجى يعمل بالخارج «فى إحدى الدول العربية» وذو وضع مرموق، وإثبات الكثير من ممتلكاته، حكمت المحكمة لى بمبلغ النفقة الذى يكاد يكون مناسبا، إلا أن طليقى امتنع عن الدفع، وبعد خوض حروب قانونية جديدة ضده فى المحاكم، أتقاضى نفقتى من محكمة ناصر، والتى كنت أظن أننى سأحصل على قيمة النفقة المحكوم لى بها بالكامل، ولكن الكارثة حين وجدتها 500 جنيه فقط، ولا أعرف كيف أدبرى أمر أولادى القادم.
لم يكن هؤلاء السيدات فقط هن اللائى اكتوين بنار البحث عن النفقة، ولكن يقف غيرهن الكثير أمام أبواب محاكم الأسرة فى كل مكان تقع به، يصرخن ويطالبن بحقهن، أملًا فى وصول أصواتهن، وتعديل القوانين، وتغليظها، وسرعة تنفيذها.

التواصل الاجتماعى يرفع  شعار «الزواج يسقط بامتناع الزوج عن الإنفاق».. وحقوقيات: «لا لترك تعدد الزوجات بلا قيود»

نوهت العديد من السيدات عبر حساباتهن الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعى إلى ضرورة النص على أن حق الزوج فى المطالبة باستمرار الزواج يسقط بامتناعه عن الإنفاق على زوجته وأسرته، ويمنح الزوجة حق الطلاق مباشرة دون استفادة بعض الأزواج من طول مدة التقاضى بدعاوی الطلاق لإذلال المرأة.
وأبدت العديد من السيدات تحفظهن على أى مساس بحق الزوجة فى طلب تفريقها عن زوجها الخلع، وأكد أن الحق فى الخلع لا مجال لطرحه لدائرة الجدل والنقاش عقب سنوات من تطبيقه.
وأعربت الدكتورة ناهد شاكر، مؤسسة ائتلاف «نواب ونائبات قادمات»، عن أملها فى أن تأتى نصوص مشروع قانون الأحوال الشخصية، لتحمل حلولا واقعية  للمشاكل التى تعانى منها الأسرة ودون أى عودة للوراء وأن ينتقص من الحقوق المكتسبة للمرأة ويقيدها فى الحصول على حقوقها وحقوق أطفالها.
وقالت ناهد، إنه لا يوجد أى قيود على تعدد الزوجات الذى يؤثر بالسلب على الأطفال ويعرضهم للمخاطر، ولايعتبر التشريع التعدد فى حد ذاته ضرراً، وإنما على الزوجة إثبات تضررها من الزواج بأخرى، لافتة إلى أن التشريع الأخير الصادر عن مؤسسة الأزهر أشرك المرأة فى الإنفاق، وغير ترتيب الحضانة حيث قدم الأب، ولم يضع الأم مع الأب فى الولاية على أموال أولادها القصر، وجعل الولاية للأب ثم الجد، وكان أولى أن تكون الولاية على المال للأب والأم أولاً، كما ألغى الولاية التعليمية للأم. وطالبت المحامية عزة سليمان، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، بعقد حوار مجتمعى يشارك فيه جميع منظمات المجتمع المدنى وكل المهتمين بقضايا الأسرة والمجالس القومية لحقوق الإنسان والمرأة والطفولة والأمومة ليشارك الجميع بمقترحاته حول قانون الأحوال الشخصية, إنه لابد من الخروج بقانون يراعى مصالح جميع الأطراف فى الأسرة وهم الزوج والزوجة والأطفال، مؤكدة أن قانون الأحوال الشخصية قانون مدنى، وليس دينيا وتدخل الأزهر فى التشريع يدخلنا بدائرة الوصاية الدينية، وذلك مرفوض.
البحوث الاجتماعية يحذر: 1500 قضية أحوال شخصية يوميًا ومنظمات تطالب بوقفات تضامنية من أجل ضوابط عادلة لصرف النفقة

إحصائيات مرعبة عن حجم النساء اللاتى يقفن يوميا على أبواب المحاكم من أجل الحصول على نفقاتهن ونفقات أبنائهن, ووفقا لـ«مروة جمال المنسق الإعلامى فى المركز القومى للبحوث الجنائية فإن الإحصائيات الصادرة عن المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية أن نسبة الطلاق فى مصر بلغت عام 2018 نحو 24% من إجمالى حالات الزواج، بينما توجد أكثر من مليون قضية أحوال شخصية معروضة أمام المحاكم، بمعدل يبلغ أكثر من 1500 قضية كل يوم..

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد أطفال وصل إلى 15 مليون طفل تقريبا مشتتين بين أسر مفككة تعانى خلافات زوجية مزمنة استعصى أغلبها.
وفى مواجهة تلك الظاهرة طالبت الأعضاء السيدات بجمعية نهوض وتنمية المجتمع بضرورة تنظيم وقفة تضامنية؛ للتعبير عن مطالبهن المشروعة بعدم إغفال قانون الأحوال الشخصية الجديد حق المرأة فى طلب الخلع وإلزام الزوج بسداد نفقة العدة وتنظيم حق الرؤية للأطفال.
ومن جانبها أكدت هدى المليجى «مؤسسة المرأة الجديدة» على إصرارهم على تدخل المجلس القومى للمرأة للحفاظ على حقهن فى نفقة العدة، وإلزام الأزواج بسدادها دون الحاجة لصدور أحكام أو التراضى بشأنها ووضع الأسس الملائمة لحق الرؤية لأطفالهن.
أضافت هدى على ضرورة  الحفاظ على مكاسب المرأة والحفاظ على حقوق الأطفال، وتوفير سبل العيش الكريم لهم، بالإضافة إلى الحفاظ على حقهن فى طلب الطلاق والخلع، مشددة على عدم إغفال قانون الأحوال الشخصية الجديد حق الزوجة فى طلب الخلع كأحد المكتسبات التى حققتها المرأة المصرية خلال عقود من النضال.
وتقول سارة بيصر مديرة مركز زيتونة حقوق المرأة والطفل أن النفقة تعد من أخطر المشاكل التى تواجه الزوجة بعد الطلاق خاصة أن نفقة الأولاد على الزوج كاملة، مضيفة أنها متضامنة مع فكرة النفقة أولا، خاصة مع وجود الأبناء فى المرحلة التعليمية تجنبا لأى مشاكل قد تحدث للأبناء من تشرد أو عدم تربية سليمة، فيجب أن يكون هناك تأمين مادى بشكل شهرى للزوجة والأبناء،
أضافت سارة، أنه فى حالة استمرار الزوجة على ذمة الزوج فمن الممكن رفع دعوى نفقة وليس من المشترط أن يكونوا منفصلين، فهناك من يتهرب من عرض مرتبه الحقيقى وإخفاء جزء من المرتب عن المحكمة حتى يتم خصم جزء من النفقة المطالب بتسديدها، وهذا يتم من خلال تقديم شهادة دخل للزوج كاملة لا ينتقص منها شيئًا حتى يتم صرف نفقة الزوجة والأبناء سليمة، وذلك أيضا من خلال إخطار للطرف الثانى «الزوج» فيجب تفعيل الإجراءات القانونية بشكل صارم وبصفة دورية أفضل من أننا نضيف إجراءات جديدة ومتابعة الإخطارات التى تصل للزوج بحيث يقوم بدفع النفقة وأن يكون هناك استفسار أكثر على مرتبه فيجب تفعيلها جيدا، وأن يكون هناك رعاية خاصة لهذه الأسرة تجنبا لتشرد الأبناء بعيدا عن عمالة الأطفال الذين يدفعون ثمن خطأ الطرفين..
خبراء القانون: للزوجة 3 نفقات.. وتحديدها بصياغة تشريعية واضحة فى مصلحة الطفل والمجتمع

تستحق الزوجة ثلاث نفقات، وتقدر نفقة الزوجة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها على ألا تقل النفقة فى حالة العسر عن القدر الذى يفى بحاجتها الضرورية، والأولى النفقة الزوجية وهى فى حالة امتناع الزوج عن الانفاق على زوجته يكون لها الحق فى رفع دعوى بطلب الحكم على زوجها بإلزامه بالانفاق عليها، ونفقة العدة وهذه النفقة مستحقة للزوجة بعد طلاقها، وذلك فضلا عن نفقة الحضانة فى حالة وجود أبناء.
قال محمد انيس المحامى، إن قانون الأحوال الشخصية فى مواده أن حق الزوجة فى النفقات، يشمل الغذاء والمسكن والكسوة ومصاريف العلاج بالإضافة لكافة المصاريف الأخرى التى تحتاجها لتعيش حياة لائقة، مضيفا أن النفقات تترتب للزوجة نظير احتسابها فى عصمة زوجها، أما الأجور فهى نظير عمل مثل أجر الحضانة، وأجر الرضاعة، وأجر مسكن الحضانة.
أكد أنيس ضرورة أن تتوافق النفقات ظروف المعيشة، فالأب ملزم ولو معسر أن يتكلف بحقوق الصغير كاملة، حيث إن تنفيذ النفقات من تجاه بنك ناصر مطالبا بضرورة انعاش البنك الذى يجب ماليا وتسديد النفقات من خلال ضخ الأموال له، ويتم ذلك بالتنسيق بين وزارة المالية وبنك ناصر بصفة دورية لتسديد النفقات وتنفيذ حكم النفقة.
من جانبه أكد د. عادل عامر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة طنطا، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، على نفقة الزوجة فى القانون المصري، والتى يلتزم الزوج وجوباً بأدائها لزوجته؛ بحيث لو امتنع عن الإنفاق على زوجته بغير حق شرعي، فإن للزوجة أن تطلب من القضاء إجباره على دفعها، فسبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها هو الاحتباس لرعاية شئون زوجها ودخولها فى طاعته لتحقيق أغراض الزواج. ومؤخرا تقدمت الحكومة لمجلس النواب بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، ووافق البرلمان عليه، ويعد مكتسبا جديدا للمرأة المصرية ولمصلحة الطفل الفضلى، لأن الهدف من تعديل المادة 293 من قانون العقوبات يتمثل فى مواجهة المتهربين من دفع النفقة. وقال د. عادل عامر: كما يهدف مشروع القانون الجديد، إلى رعاية المرأة بشكل خاص والأسرة بشكل عام، وتأمين مصادر العيش والحياة الكريمة لهم، ويتمثل التعديل فى رفع الغرامة من 500 إلى 5 آلاف جنيه لكل من يمتنع عن أداء النفقة، وتعليق استفادته من بعض الخدمات الحكومية والمرافق العامة، حتى أداء ما تجمد فى ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعى حسب الأحوال. وأضاف: يُشترَط لوجوب نفقة الزوجة على زوجها عدة شروط هى أن يكون عقد الزواج صحيحاً، وأن تكون الزوجة صالحة لتحقيق مقصود الزواج منها وتقوم بواجبات الزوجية، ولكن إن كانت مريضة مرضاً يجعلها غير صالحة لتحقيق مقصود الزواج منها، فإنها تستحق النفقة.