الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإخوان وإدلبستان

الإخوان وإدلبستان

لا يعلم كثيرون الدور القذر الذى تلعبه جماعة الإخوان المسلمون الإرهابية فى منطقة أدلب السورية، وطبعا بدعم مباشر من دولة تركيا الأردوغانية ودويلة قطر، فقد استطاعت هذه الجماعة بان تجعل هذه المنطقة إحدى أكبر قلاع الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط بل حتى فى العالم، وأصبحت قبلة الإرهابيين الأولى التى تضم المنبوذين فكريا من كل اصقاع وبلاد العالم وربما تكون هذه المنطقة تفوقت على جبال قندهار وحارات الموصل وصحارى ليبيا. فهذه الجماعة الإرهابية وبرعاية كاملة من الراعى التركى - القطرى استطاعت بعد شيطنة الثورة السورية واستغلال المطالب الشعبية وبالغلاف الدينى المعتاد، تجميع معظم المطلوبين حول العالم بتهم الإرهاب، من الجنسيات المختلفة كأوروبا وأفغانستان وتركستان وسوريا والعراق ولبنان ومصر تحت مسميات عديدة كالمهاجرين والأنصار وغيرهم، وبتوزيع منظم على مسميات تنظيمية عديدة لها الدور الأكبر فى التشكيلات الإرهابية العاملة حاليا فى أرض الشام. فهذه المنطقة الحيوية من سوريا لها حدودها الطويلة الممتدة لمئات الكيلومترات مع تركيا، حيث قامت هذه الجماعة بتهيئة الأرض الخصبة لدخول مئات أصحاب الفكر المتشدد عبر الحدود التركية وبتنسيق وتنظيم من المخابرات الأردوغانية، ونظمتهم بمجموعات تحت مسميات مختلفة بستارة إسلامية، مستغلة فى الوقت نفسه الحالة المادية للشبان السوريين وانعدام فرص العمل لتجنيدهم فى صفوف هذه المجموعات، حيث باتت تسيطر على منطقة إدلب بالكامل. وحتى لو غابت تسمية «الإخوان» بشكل علنى عن الساحة الا أنها تسترت بتسميات أخرى لإخفاء الهوية الحقيقية، وكانت البداية فى العام 2012 عندما اقامت أول تجمع فعلى على الأرض باسم «هيئة دروع الثورة» فى إدلب، وبعدها بقليل باسم «هيئة حماية المدنيين» فى منطقة حمص، بالإضافة إلى كتائب الفاروق فى حمص وكتائب التوحيد فى حلب، وترافق هذا الانتشار على الأرض بسيطرة سياسية للإخوان على الجناح السياسى المتمثل وثقتها بما سمى «المجلس الوطنى السورى» والذى بذل جهودا لإقصاء الفصائل غير الدينية عن الساحة واضعافها خصوصا الجيش السورى الحر وباقى الفصائل المعتدلة بهدف احكام السيطرة الكاملة. وبالإضافة إلى التشكيلين السابقين ظهرت تشكيلات عديدة أهمها «الرجال المسلحون للإخوان المسلمون» و«كتيبة أبوامارة»، ولواء درع شباب محمد، ولواء الحق المقاتل، ولواء درع الصديق، ولواء درع حماة، ولواء درع أفاميا، ولواء درع الإخلاص، وكتائب درع الحق، ولواء درع سرايا النصر، لواء درع الشام، ولواء درع العاصمة، ولواء درع العدالة، ودرع سرايا علماء الشام، وكتيبة دعم الفاروق، وكتيبة بابا عمرو، وكتيبة المهام الخاصة، والكتيبة الخضراء، وكتيبة المصطفى، بالإضافة إلى لواء درع أحرار حمص، ودرع الوفاء، ولواء درع حلب الشهباء، ولواء درع الحرية. ومع استمرار النزاع العسكرى اختفت معظم هذه التشكيلات لتتحول إلى تسميات أخرى بعد ظهور تنظيمات كبرى كالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) وجبهة نصرة أهل الشام التى تحولت إلى هيئة تحرير الشام، حيث قامت تركيا بتأمين إنشاء هذه المجموعات ومدها بالسلاح والعناصر، وربما التعاون التركى مع جبهة النصرة فى الوقت الحالى وتنفيذ الهيئة للأوامر التركية بدقة أكبر دليل على حقيقة هوية هذا الفصيل وتبعيته، كما أن من الفصائل الكبيرة فصيل «فيلق الشام» و«الجيش الوطنى» ومعهما «الفرقة التاسعة» و«الجبهة الشامية» و«العمشات» حيث تدير المخابرات التركية هذه الفصائل بشكل مباشر لتنفيذ العمليات القذرة كعملية غصن الزيتون باحتلال مدينة عفرين الكردية والقيام بعملية تحول ديموغرافى واسعة ليس فقط ضد الكرد بل حتى ضد سوريا نفسها، حيث يرفع العلم التركى فوق المؤسسات والمدارس ويتم تعليم اللغة التركية كلغة أساسية فى مدارس المنطقة، مع التذكير بأن كل من عارض الإخوان والهيئة فى مناطق إدلب تعرض للاعتقال أو الاغتيال أو الابعاد النهائى، خصوصا الناشطين الاعلاميين والإنسانيين الذين رفضوا التعاطى مع هذه الجماعة أو غض النظر عن ممارساتها غير الإنسانية. وكان لافتا أن بقايا تنظيم داعش والأحزاب الراديكالية الأخرى كالحزب التركستانى وحراس الدين يحظون بحماية وأمان فى مناطق أدلب وأطراف عفرين، كما لحظت عدة تقارير استخباراتية وإعلامية تواجد العديد من عناصر هذه المجموعات المتطرفة الإرهابية فى تركيا، مما يدل على حرص تركى بالحفاظ على هذه المجموعات كأداة أساسية لتنفيذ السياسات التركية، ورغم قلتهم العددية الا أن الحماية المؤمنة لهم من الفصائل الإخوانية كفيلة ببقائهم لأطول فترة ممكنة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تنظيم الإخوان كان وراء انتشار وبروز السلفية الجهادية فى سوريا وامتدادها لاحقا إلى العراق، وهو ما شكل الأرضية المناسبة والجاهزة لانتشار الفكر الإخوانى من خلال تنظيمات سلفية جهادية متعددة بعد العام 2012 وموالاة عناصرها بشكل مطلق للفكر الإخوانى الممنهج على العنف المفرط ضد الآخر لتنفيذ الخطط المرسومة، ومؤخرا تحولت الفرق الإخوانية وبشكل صريح إلى فرق مرتزقة يتلاعب بها أردوغان كيفما يشاء، حتى بدأ بارسالهم إلى ليبيا والذى يعتبر تهديدا مباشرا للأمن القومى المصرى، وذلك ببعد مشابه لما قاموا به سابقا بنقل مئات الشبان المصريين من مصر إلى سوريا تحت راية الجهاد عبر البوابات التركية. وبعد اتخاذ المدنيين دروعا بشرية يصر الإخوان فى أدلب على اكمال المخطط التركى باغتصاب الأرض السورية لصالح أردوغان، وهو ما كلف المدنيين المال والأرواح بشكل غير مسبوق، وتشريد حوالى مليون مدنى لا حول لهم ولا قوة، وباختصار فقد تحولت إدلب إلى إدلبستان بعد أن كانت من اجمل المناطق السورية، ومن يظن أن معاناة أهالى هذه المنطقة ستنتهى قريبا فهو مخطئ فالمعاناة ربما تكون فى بداياتها.