الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قذارة الإخوان بتتريك سوريا

قذارة الإخوان بتتريك سوريا

لم تكتف جماعة الإخوان الإرهابية بممارسة الإرهاب بكل أشكاله، وبالتعامل مع دول لا هدف لها إلا هدم مجتماعات عربية لتستطيع التوغل والتسلل على انقاضها، ولم تكتف هذه الجماعة بتفريخ عشرات المنظمات والجماعات الإرهابية التابعة لها لتنفيذ العلمليات القذرة، فها هى تقوم حاليًا بأكبر جريمة بحق الدول العربية وسوريا تحديدًا من خلال مساعدة المحتل التركى بتتريك العشرات من المدن والبلدات والقرى بالشمال السورى المحتل.



فتركيا لم تكتف باحتلال الأراضى السورية بمساعدة ودعم وتمهيد من عملائها الإخوان، بل بدأت منذ فترة بعملية تتريك ممنهجة، من خلال استبدال أسماء بعض القرى والبلدات بأسماء تركية، ونفس الأمر طبّق على أسماء الشوارع والأحياء والمدارس والساحات العامة، والأخطر استبدال الهوية الوطنية الصادرة عن الحكومة السورية ببطاقات تعريف باللغة التركية لا تحتوى إلا على العلم التركي، وتدريس اللغة التركية للطلاب خصوصًا فى المرحلتين الابتدائية والمتوسطة كلغة أساسية أولى، بل إن المناهج التربوية مستمدة من المناهج التركية.

وبالنسبة للتعليم الدينى فيتم تدريس منهج الإخوان المسلمين مطعّم بضرورة عودة حكم الدولة الإسلامية، والإشادة بحكم أردوغان ودوره المزعوم فى دعم مسلمى سوريا والعالم ودفاعه الدائم عنهم بكل الوسائل المتاحة له عسكريًا وسياسيًا، اى انه يتم ترفيع أردوغان ليصل الى درجة التأليه الفعلى وإعلاء شأنه عن شأن رؤوساء دول العالم دون اى استثناء، هذا مع عدم الاشارة لا من قريب ولا من بعيد لاى من المرجعيات الاسلامية المعروفة خصوصًا الأزهر الشريف وعلمائه، مع التركيز أيضا على أراء وفتاوى سيد قطب ويوسف القرضاوى.

ما تقوم به تركيا وأذنابها المرتزقة من الإخوان لم تقم به إسرائيل عندما اجتاحت لبنان بصيف العام 1982، وربما لم تقم به فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، حيث تلاعبت مع مرور الوقت بتسريب اللغة العبرية ولم تنقض مباشرة على الأسس المجتمعية لعلمها ان الأمر سينعكس بشكل كبير عليها وتركت للوقت بأن يتكفل بالباقي، وبشكل مختصر فتركيا تقوم بافتتاح نوع جديد من الاحتلالات الذى سيكون له آثاره السلبية المدمرة حتى لو تم دحره.

إن التسريع بتغيير المناهج واللغة وطرق التفكير والحياة المجتمعية سبق لتركيا أن قامت به من خلال دولة داعش المزعومة، وللآن وورغم انهيار هذه الدولة لا نزال نعانى غسل العقول مع وجود آلاف الأطفال الذين تربوا على الفكر الارهابي، فالتغيير الاجتماعى ورقة تلعبها تركيا لانها تعلم بأن لعبتها فى سوريا ستنتهى عاجلا ام آجلا، لكنها ستخلف وراءها جيلا او جيلين على الأقل يحملون فكرها والفكر الارهابى المتطرف، ويتكلمون لغتها، اى بمعنى أصح ان تركيا تقوم بعملية جادة ومنسقة ومدروسة تحضيرا لفترة بعد انسحابها من سوريا لتظل ممسكة بزمام الأمور بالمنطقة الحدودية، وبمناطق أخرى إن عاد أهالى المناطق التى نزح منها أهلها.

فملاحقة قادة الفصائل التابعة لتركيا ربما تكون ممكنة وليست مستحيلة فى المستقبل، وربما الكثير منهم سيبيعون تركيا كما باعوا أوطانهم من قبل، لكن الأمر الصعب والذى تراهن عليه تركيا هو السيطرة على هذه الأجيال التى تنشأ حاليا بعقول مسمومة لصالح الخليفة الجديد، فلا السجون ستكون متاحة لهذه المهمة لكثرة اعدادهم ولا إمكانية حقيقية لتلافى خطرهم ايضًا، وليس من المستغرب ان يقوم هؤلاء بالمطالبة بضم الاراضى التى يحتلونها الى تركيا او اعتبار منطقتهم محافظة تركية جديدة ما داموا لا يتكلمون الا اللغة التركية وتم تشريبهم بالثقافة التركية والفكر الإرهابى الصرف.

وعى سبيل الذكر لا الحصر، فجامعة غازى عنتاب تعتزم افتتاح ثلاثة فروع جديدة لها فى الشمال السوري، الاولى كلية تربية فى مدينة عفرين، والثانية للاقتصاد والإدارة فى مدينة الباب والثالثة للعلوم الدينية فى مدينة اعزاز، تضاف الى الفرع الرابع الذى افتتح فعلا فى مدينة جرابلس، مع الاشارة الى ان اللافتات المرفوعة عند مداخل المؤسسات الحكومية تحمل اللغتين التركية والعربية وبالطبع فان الحرف التركى اكبر من الحرف العربي، كما يرفع العلم التركى وصور أردوغان فى المكاتب الحكومية، أما القضاء فهو الآخر تابع لتركيا, حيث تخضع التعيينات القضائية وأذونات ممارسة المحاماة لموافقة وزارة العدل التركية بشكل مباشر، والمتجول فى مناطق شمال سوريا الخاضعة للاحتلال التركى يخيل له فعلا بأنه يتجول فى تركيا، فالحديقة العامة فى مدينة اعزاز تحمل تسمية «الأمة العثمانية» وإحدى روضات الأطفال تحمل اسم زوجة السلطان العثمانى أحمد الاول « السلطانة عائشة».

اما إداريًا فالمنطقة مركزها مدينة عفرين وهى تتبع إداريًا أو حسب التسلسل الإدارى لمقاطعة إنطاكية او هاتاى التركية، ويشرف على المنطقة السورية مندوبين اثنين تم تعيينهما من قبل حاكم هاتاى ويتبعان له مباشرة لتسيير أمور المنطقة السورية بشكل كامل وتام، وبنفس الطريقة يتم التحكم التركى بالحركة الاقتصادية، حيث لا يسمح لأى شركة أو مؤسسة غير مسجلة بالدوائر التركية العمل فى هذه المنطقة، وحركة الأموال تتم عبر مراكز البريد التركى والتى أصبح لها أكثر من فرع فى المنطقة إذ تلعب دور المراكز الأساسية لحركة التحويلات المالية.

القذارة الإخوانية هى التى تقف وراء نجاح تركيا بعملية التتريك وذلك مقابل حفنة من الأموال التى اشترت ضمائرهم، وتنفيذًا لحلمهم ببناء دولة خاصة بهم بعد فشل مشاريعهم فى عدد من دول المنطقة، والأهم أن التتريك لم يكن سينجح ولو بحدوده الدنيا إلا بعد عملية التغيير الديموغرافى الشاملة التى مارسها الاتراك فى منطقة شمال سوريا والتى كانت الطريق الممهدة لكل ما يجرى حاليا وهو ما سنتطرق اليه من خلال المقال المقبل.