الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسرار جديدة فى ذكرى ميلاد سامية جمال

«فراشة» الرقص الشرقى

لماذا رفض فريد الأطرش الزواج منها؟



علاقتها بالملك فاروق.. انفصالها عن بليغ حمدى.. خيانة رشدى أباظة.. حذف لقب فنانة من على قبرها.. وصيتها الأخيرة

 

الطريق للنجومية ليس مفروشا بالورود وحياة النجوم ليست كما يراها البعض مليئة بالرفاهية والترف، اليوم نحتفى بذكرى ميلاد سامية جمال «فراشة» الرقص الشرقى، أيقونة للجمال المصرى ملامح شرقية، سمارها الهادئ ووجهها يشع بهجة ومرحا وخلف البهجة يسكن لغز، تتمايل على إيقاعات الموسيقى فتلامس الأرض وتحلق بأجنحتها إلى عالم حالم، منحوها صفة «الفراشة» ليس فقط للإشادة برقصها، بل لأنها عاشت مثلها تألمت وشقت شرنقتها بهدوء وابهار، وجذبتها الأضواء وحين اقتربت من الأضواء احترقت، ولكن لماذا تحترق الفراشات هل ذنبها أنها أحبت النار أم ذنبها هو الجمال، إنها نجمة ظلت تضيء سماء الفن حتى بعد رحيلها.

حياة الفراشة وعلاقتها بكل من اسعدها  ومن اتعسها وكسر قلبها ولم يكسر إرداتها رصدتها بالتحليل والتفسير الكتابة والناقدة السينمائية ناهد صلاح فى كتابها سامية جمال «الفراشة»، عن دار مصر العربية للنشر والتوزيع، كشفت الكتابة كيف واجهت استهزاء الجمهور برقصتها الأولى، وعلاقتها بالملك فاروق هل هى شائعة أم حقيقة، لماذا لم يتزوجها فريد الأطرش رغم أنه أحبها، خطبتها من بليغ حمدى، لم تغفر خيانة رشدى أباظة، ولماذا حذف لقب فنانة من على قبرها. تساءلت «صلاح»: «ما الذى فتن سامية جمال فى الرقص ليقودها ويحملها إليه بكل هذا الحماس».

 

عاشت كالخادمة 

 

زينب خليل إبراهيم محفوظ الشهيرة بـ «سامية جمال» مواليد 5 مارس 1924 من محافظة بنى سويف قرية «ونا القس» مركز الواسطى، شربت كأس الفقر مبكرا كانت تأكل لقمة حاف وتخرج إلى الشارع لتدوس طين الأرض بقدمين صغيرتين حافيتين كما لو كان هذا الطين هو بهجتها. والدتها هى الزوجة الثانية لأبيها، وهى فى الـ 8 من عمرها رحلت والدتها فعاد أبوها إلى زوجته الاولى وذهبوا إلى القاهرة حى الأزهر، عاملتها بقسوة وكأنها سجينة فى أشغال شاقة، طفولة معذبة تحقرها وتوبخها، حرمتها من طفولتها وحولتها إلى جارية خادمة بالمنزل، كانت تجد فى الرقص حريتها وعالمها الذى يحررها من أوجاع معيشتها، رقصها كان تلقائيا كطفلة تتمايل عند سماع الموسيقى، ومع محاولة للرقص كانت تلقى ضربا، ومات أبوها وهى فى الثالثة عشرة من عمرها. فهربت إلى بيت اختها «فاطمة» وتعلمت الخياطة.

 

باب بديعة م صابنى

  

صاحبة مشغل الخياطة امرأة مفتونة بالسينما ودعتها لمشاهدة فيلم ملكة المسارح «بديعة مصابنى» حدث خلاف مع زوج أختها بسبب التأخير، فخططت للهروب للمرة الثانية والذهاب إلى صديقتها الخياطة، فوعدتها بلقاء مع «مصطفى الجمال» وسوف يأخذها إلى لقاء بديعة، فقررت بديعة ضمها إلى المجاميع الرقصات فتحولت حياة «زينب» من طفلة  مسكينة إلى راقصة ثم نجمة فيما بعد، منحتها بديعة اسم «سامية» واختارت سامية ان يكون الاسم الثانى «جمال»  عرفانا ورد الجميل تجاه الشخص الذى حقق حلمها. فوقفت ترقص على خشبة المسرح ضمن المجاميع وراء الراقصة الاولى تحية كاريوكا التى احبتها إلا أنها تمنت أن تكون مكانها.

 

الراقصة الحافية  

 

بديعة منحتها فرصة الرقص على المسرح واهتمت بها تحية كاريوكا بشهامتها المعروفة، إلا أن سامية ارتبكت وخافت لم تستطع التحرك بسبب الحذاء عالى الكعب، ووقفت على المسرح متعثرة بسبب الحذاء فاستهزأ الجمهور بها، ورغم ذلك منحتها بديعة فرصة تانية للظهور على المسرح ونجحت فى المرة الثانية، أثناء الرقص فى «الدولز» فردة من حذائها تنقطع فقامت بمفاجأة الجمهور بخلع الحذاء وانطلقت ترقص حافية وسط تصفيق واعجاب الجمهور، فحصلت على لقب لازمها طوال حياتها «الراقصة الحافية».

 

بدايتها السينمائية 

 

فى صالة بديعة رآها السينمائيون ورشحوها فى أول فرصة فى فيلم انتصار الشباب» عام 1941بطولة اسمهان، وقدمت دورا ثانويا مع الفنان فريد الأطرش، وقدمت استعراضا ولفت أنظار صانعى السينما، وتذكرت انها قد تعلقت بفريد الأطرش قبل أن تراه من خلال أغنياته التى كانت ترقص عليها بينها وبين نفسها، فشعرت بقلبها يدق تجاة فريد، وأحضرت له زهورا فى أول يوم تصوير، وتوسطت لها تحية كاريوكا ان ياخذها محمد عبد الوهاب فى فيلم «ممنوع الحب» ضمن المجاميع، ثم فيلم «رصاصة فى القلب» ورقصت حافية . وبعد الحرب العالمية الثانية قدمت بطولة فيلم « احمر شفايف «1946 أمام نجيب الريحانى، وقدمت مع فريد الاطرش 6 افلام استعراضية أحبك أنت، حبيب العمر،عفريتة هانم، آخر كذبة، ماتقولش لحد، تعالى سلم، وكونا ثنائيًا فنياً مميزًا وشاركوا معا بالتمثيل والرقص.

 

مشاجرة بين «فريد» و«مديحة»

 

وقع شجار حاد بين فريد الاطرش وصديقته «مديحة «بسبب تشجيعه لسامية جمال اثناء رقصها، وقد آهانتها وصفعتها، فرفض فريد هذا التصرف، فبدا فريد يتعاطف مع سامية بعد ان كان يتهرب منها باعتبارها إحدى معجباته، وزادت العلاقة قربا وأصبحت تعرف كل شىء عن فريد، وعملت معه  كبطلة فى فيلمة الأول «حبيب العمر»، فأحبت أن تنادى فريد بأنه حبيب العمر، وتحملت البقاء بجانبه 8 سنوات، إلا ان المقربين كانوا يسألونها دوما لماذا لم يتم الزواج بينكما، إلا أن فريد يرى أن الزواج يقتل الفنان ويغلق الوحى والإلهام، وكتبت الصحافة أن فريد ابن عائلة كبيرة فليس من المعقول أن يتزوج فلاحة، وأطراف أسهمت فى إنهاء العلاقة بينهما، إلا ان فريد ظل يحبها رغم علاقاته المتعددة وهى ايضا.

 

علاقتها مع  بليغ

 

إشاعة أخبار عن علاقة تربطها بالملحن بليغ حمدى الذى يكبرها بثماني سنوات، وكانت قد التقيت به فى استديو مصر، نشأت قصة غرام سريعة قصيرة، ابلغتها صديقتها انه يرغب فى الزواج منها، وبعد مراوغات بينهما اتفق بليغ على الخطوبة لأنه يحبها، إلا أن الخطبة لم تدم كثيرا وانفصلا.

 

علاقتها بالقصر 

 

فى حقبة الأربعينيات انتشرت شائعات عن علاقة ربطت بينها وبين الملك فاروق إلا أن اثبات ذلك أو نفيه امر صعب، اطلق عليها الراقصة الملكية أو الراقصة الرسمية للقصر، فؤاد الاطرش شقيق فريد عارض الزواج بدعوى أنها راقصة القصر، وأشار الكاتب مصطفى أمين  فى أحد مقالاته أن الملك لعب دور العزول  فقد صادق سامية بعدما شاهدها فى جلسة رومانسية مع فريد، استدعاها لحفلة ثم اصطحبها إلى استراحة حلوان، وما كتبه مصطفى امين هو تجريح، انيس منصور كتب انه حين سألها عن العلاقة امسكت بالمصحف ووضعته على وجهها أن ليس لها علاقة مع الملك. ومن جانب آخر بكتاب صلاح الشاهد مقال بعنوان «أزمة بسبب راقصة» أن الملك وعد إحدى الراقصات بالسفر لإحياء حفلات وتمثيل مصر، وقتها لا يسمح للراقصة بالسفر بدون موافقة وزارة الداخلية، رفض السماح لها بالسفر وحدثت ازمة بين القصر والحكومة، ورفعت دعوى قضائية تطالب بالغاء قرار الداخلية لأنه تدخل بالحرية الشخصية، وحكمت لصالحها، وسافرت غاضبة بعد انتشار أخبار عن علاقة فريد بالملكة ناريمان شقيقة فاروق، والذى اعتبره البعض أن فريد ينتقم من فاروق.

 

الزوج الأمريكى المحتال

 

متعهد الحفلات الأمريكى «شيبارد كينج الذى التقت به فى فرنسا، وبفرنسا كانت نجمة أغلفة المجلات وكتب عنها «سامية جمال أجمل راقصة شرقية»، طلب منها «كينج» الارتباط بعد ساعتين من لقائهما الأول، رفضت فى البداية لاختلاف الديانة، وانتشرت الاخبار فى الصحف المصرية انها ترتدى خاتم الألماس لخطوبتها من الأمريكى الذى أشهر إسلامه وأصبح اسمه «عبدالله كينج» وتم الزواج عام 1951، وقضت 16 شهرا وعملت فى مسارح امريكا وحققت ثروة، وعلى اغلفة المجلات ووضعوا علامات على اماكن حركاتها الراقصة، وواجهت هجوما من راقصات امريكا اللاتى احترفن الرقص الشرقى، ومع مرور الوقت اكتشفت حقيقة زوجها أنه محتال وسارق وطلبت الطلاق وعادت إلى مصر.

 

الدونجوان رشدى أباظة

 

بعد كل ما عانت بسبب الحب إلا أن قلبها عاد للحب، موعدها مع رشدى أباظة الذى اقتربت منه اثناء تصوير الفيلم، وكان بينهما لقاء سابق عابر بالفيلم الأمريكى وادى الملوك، اشتهر رشدى بغرامياته دونجوان وآسر النساء، وبفيلم «الرجل الثانى» 1959 وجد رشدى أنه أمام جميلتين (سامية جمال وصباح) فمال قلبه إلى سامية وهى ايضا شعرت بحبه، وتوطدت علاقتهما وتغيرت حياة أباظة واحتفظ بوجود ابنته من زوجته السابقة التى تزوجت وسافرت إلى لندن، فتزوج سامية عام1962، وصرح لها أباظة أنه يحبها من زمان ويريد أن تكون ست بيت، ورغم نجوميتها فى تلك الفترة إلا أنها اختارت الظل وهى الفراشة التى تصبو إلى الضوء، وكأنها كانت تنتظر الحياة العائلية زوجة وابنه وزعت وقتها بينهما، فصارت حياة أباظة أكثر تنظيما واستقرارا، أرادها زوجة فقط تقاسمه الحب وتربى ابنته «قسمت» وهى قبلت بذلك، واعتزلت  وتفرغت له، إلا ان رشدى عاد لعادته القديمة وتزوج الممثلة صباح وانفصل عنها بعد 24 ساعة زواج.

وبدأت توتر العلاقة بينه وبين سامية، وبين سامية وابنته قسمت، رغم اعتذار رشدى لم تغفر له خيانته، طلبت الطلاق.ثم عادت إليه بعد شهرين، وعادت إلى التمثيل والرقص فى الأفلام، وعاد رشدى إلى شرب الخمر والسهرات حاولت اقناعه ان يكف عنها، إلا أنه اغضب وطلبت منه الطلاق وطلقها بعد 17 عام زواجا لتصبح أطول زيجة فى حياة رشدى أباظة.

 

عودتها للرقص بعد الـ«60»

 

بعد موت رشدى أباظة 1980 بدأت تظهر متخفية بالإيشارب تغطى ملامحها بنظارة شمسية كبيرة حتى لا يتعرف عليها أحد، ابتعدت عن الأضواء  تمارس رياضة المشى فى الشارع حول سكنها بالزمالك إلا أن البعض شاهدها توزع هدايا على الفقراء،  فى منتصف الثمانينيات قام سمير صبرى بتحريضها للعودة إلى الرقص من خلال فرقته ووقعت عقدا للرقص بمقابل مالى وكانت تخطت الستين من عمرها، وتحتاج للمال لمعيشة فلم تتدخر مال طوال سنواتها السابقة، وشاركت فى استعراض «الليلة الكبيرة» عام 1984مع فرقة سمير صبرى، ونجحت وجمعت مالا لتسديد ديونها لضرائب وللانفاق على أولاد شقيقتها، وبعد رقصتها الأخيرة فى مهرجان القارات الثلاث فى فرنسا قررت الاعتزال نهائيا بعد شهور قليلة من عودتها.

 

حذفت لقب فنانة من قبرها

 

التزمت فى ايامها الأخيرة ببيتها واعتكفت بين جدرانه بدأت ترتب المجهول اشترت مدفنا فى طريق السويس، وكانت تزوره من وقت لآخر، وحين ذهبت يوما وجدت لوحة رخام مكتوبا عليها قبر «الفنانة سامية جمال»، اعترضت وطلبت تغييرها وحذف عبارة فنانة أن لقاء الله ليس به القاب.

 

وصيتها الأخيرة

 

أوصت بعد موتها أن يكون خروج جثمانها فى هدوء من سلم الخدم وان الموت هو رقصتها الأخيرة، واصيبت بالانيميا وجسدها أرهق فكثيرا ما حرمت نفسها من الأكل لتحفظ برشاقتها، وبعد إجراء جراحة خطيرة فى الأمعاء، إلا أنها فقدت الوعى ورحلت الفراشة أول ديسمبر 1994.