الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.أحمد بان: بقايا مجلس شورى الإخوان هم من يحكمون ويحلمون بإشعال مسار ثورى جديد




أجرى الحوار - مروة عمارة ومحمد عثمان

 أحمد بان، الباحث المتخصص فى شئون التيارات الإسلامية ومدير وحدة الدراسات السياسية والاجتماعية بمركز «النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية» وكان عضوا بجماعة الإخوان «المحظورة»ولكنه انشق عنها فى فبراير الماضى لاعتراضه على سياستها التى اتبعتها عقب تقلدها الحكم فى عهد الرئيس «المعزول» محمد مرسى لذا كان يجب علينا أن نعرف ما هى رؤيته للمرحلة الحالية عقب نهاية زمن الإخوان بشكل كبير فى مصر.

 ■ من يقود تنظيم جماعة الإخوان المسلمين الآن داخل مصر؟
 بعض قيادات التنظيم الدولى بالتعاون مع ما تبقى من مجلس شورى الجماعة داخل مصر.

 ■ كيف تصف حال الجماعة الآن؟
الجماعة طوال تاريخها لم تملك القدرة على المراجعة أو التشاور لهذا يعتقدون أن خطاب المظلومين هو السبيل الوحيد لبلوغ الأهداف، ويراهنون على أمل واحد وهو محاولة إشعال مسار ثورى جديد من أجل العودة للعمل السياسى وعلى الأمل أن تتفق رغبات الجماهير مع تطلعاتهم من أجل الثورة على النظام الحالي، ويستمروا على العودة كما حملتهم ثورة 25 يناير.
وللعلم سياسات الإخوان المسلمين منذ أن تقلدوا الحكم فى مصر أدت إلى حرق المرحلة الثالثة من مشروع الجماعة الذى وُضع منذ عقود طويلة من الزمان، إذ كان مشروع جماعة الإخوان المسلمين من 7 مراحل وهي: «إعداد الفرد - إعداد الاسرة -وإصلاح المجتمع والحكومة - إقامة الدولة و الخلافة الإسلامية وأخيرا أستاذية العالم، وقد قامت الجماعة بحرق مرحلة ‘’إصلاح المجتمع’’ لصالح مرحلتى ‘’إصلاح الحكومة وإقامة الدولة’’، فكان مصيرها هذا الفشل الكبير’’.

■ هل تنوى الجماعة الصلح أم لا؟
المجموعة القطبية أو إدارة الجماعة الأن لديها هاجس أن الصلح أو القبول بالصلح يعنى انهيار التنظيم، لهذا هناك خوف من الحديث عن الصلح والأزمة الحالية أن تلك الإدارة، قد شحنت الصف الإخوانى تجاه أهداف غير واقعية وانعكس هذا على فكرة الحشد وتصر على السير فى طريق المظلومية.

■ ماذا يجب على الإخوان أن تفعل خلال المرحلة المقبلة؟
يتعين على المجموعات الإصلاحية أن تسيطر وتبعد المجموعة القطبية، وتقوم بإعلان انفصالها عن الجماعة، وأن تتقدم باعتذار للشعب المصرى وتعلن أنها الأمينة على أفكار حسن البنا وأنها ستمضى قدماً فى طريق الدعوة والتربية بعيداً عن الصراع السياسى.
ولكن للأسف ستتحول المجموعة ‘’القطبية’’ إلى ما يشبه التنظيم الإرهابى وعلى الدولة أن تتكفل بالتعامل معه أمنياً.

■ هل ترى أن الجماعة مازالت هى الداعم الأكبر لجماعات العنف المتطرفة دينيا فى سيناء؟
إن جماعات العنف المتطرفة بإسم الدين نجحت فى أحداث نقلة نوعية فى تكتيكات تلك العمليات الإرهابية وذلك بدءا من حادث محاولة اغتيال وزير الداخلية وكذلك واقعة كنيسة الوراق و لن يكون الأخير ومازال أمام الدولة والشعب عام على الأقل لتنحصر تلك الظاهرة التى تتنامى كل يوم.
وجماعات العنف المسلح تتسم بتنوعها بتدريب عال جدا يوازى المستوى المهنى للأجهزة الشرطية التى أصبح أداؤها المهنى ضعيفا نتيجة انغماسها فى العمل السياسى على مدار الثلاثة عقود الماضية وأصبحت بحاجة لتدريب، حتى تتمكن من التعامل مع تلك الجماعات وحرفية تلك الجماعات المسلحة والمدربة وإعادة رسم خريطة جماعات العنف الإسلامى التى شهدت نتيجة الظروف الأخيرة إعادة هيكلة.

وكان التحالف بين تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية الأخرى والإخوان كبيرالأثر فى جدولة أجندة المصالح التى تجمع كل تلك التيارات غير المنسجمة والمتنافرة فكريا ولكن الإخوان المسلمين نجحوا فى إقناع الجماعات الإسلامية الأخرى وعلى رأسها أيمن الظواهرى رئيس تنظيم القاعدة أن الدولة فى إطار حكم الإخوان المسلمين ستكون الأكثر تعبيرا عن الشكل الذى تأمله تلك الجماعات وبالفعل تم التنسيق بينهما على أساس تلك الأرضية.

كما عقدت الإخوان تحالفا آخر مع الولايات المتحدة بإعادة إعداد كبيرة من الإرهابيين وتجميعهم فى سيناء وذلك تحقيقا للأمن الأمريكى من ناحية وتجميع تلك العناصر فى مكان واحد لسهولة توجيهها.

وذلك لأن وجهة نظر أيمن الظواهرى والذى انشق عن جماعة الإخوان المسلمين عام 68 أن الطريق الصحيح فى تطبيق الدولة الإسلامية هو تبنى فكرة الصدام مع الدولة على عكس الإخوان المسلمين ذات الفكر الإصلاحى التدريجى ولكن عقب ثورة 30 يونيو اتضح لدى الإخوان أن الفكر الإصلاحى والمتعايش مع الدولة فشل فى تحقيق إقامة الدولة التى يتصورونها، ومن هنا جاء التحالف الجديد مع جماعات العنف المسلحة على أرضية جديدة تختلف وشكل العلاقة التى كانت بينهما قبل وصول الإخوان إلى الحكم.

■ ما الطريقة المناسبة للتعامل الأمثل مع الإخوان؟
إن الحل الأمنى وحده ليس كفيلا بإعادة الانضباط إلى الشارع وليس قادرا على احتواء تلك الجماعات المسلحة والمدربة ولكن الأمر يحتاج إلى تفعيل كل بنود خريطة الطريق ووجود رئيس للبلاد.
والدليل على ذلل حادثة محاولة اغتيال وزير الداخلية والتى تدل على النقلة النوعية التى نجحت جماعات العنف الإسلامية فى الوصول إليها وأن مصر أصبحت على أجندة تنظيم «القاعدة» وليس هناك قوة تستطيع التصدى لهم إلا الجيش وذلك للتدريب الحرفى والممتاز الذى يتمتع به أفراد الجيش ولكن التحدى الكبير هو فى إنهاك الجيش فى مثل هذه الأعمال.

■ هل العلاقة الأن بين الإخوان والولايات المتحدة مازالت مثل الماضى؟
هناك أربع مصالح لأمريكا فى المنطقة وتصورت أن الإخوان قادرون على تأمين هذه المصالح وتحقيقها، وهى إشعال فتنة سنية شيعية فى المنطقة بهدف الحرب على إيران وحماية إسرائيل وأمنها، وجعل مصر حاضنة لجميع قوى التكفير والتطرف الدينى فى العالم وهو الأمر الأخطر فى المشروع الأمريكي، فقد حاولت أمريكا أن تجعل مصر عن طريق الإخوان المسلمين بمثابة الوعاء الذى يضم كل قوى التكفير فى العالم، وهو ما فعله الإخوان وتسببوا فى جذب جميع المتطرفين دينياً والتكفيرين إلى مصر، وتأمين المصالح الاقتصادية وعلى رأسها تأمين إمدادات النفط بأسعار مناسبة وعدم تغيير سياسة مصر الاقتصادية فى المنطقة والحفاظ على فكرة اقتصاد السوق الحر.


■ من تراه من وجهة نظرك البديل السياسى المناسب للإخوان؟
لازلنا نعيش على مبدأ الثنائيات التى تحكم مصر فقديما كان الإخوان والحزب الوطني، وحتى الآن مازلنا فى نفس الثنائيات، إذ أن الإخوان والسلفيين مازالا يتبادلان الأدوار رغم الأزمة التى تمر بها الجماعة فإحتل حزب النور الأن المقدمة وربما يعود الإخوان مرة أخرى وللأسف كل هذا لعدم وجود بديل مدنى يلتف حوله الشعب فالكتلة الليبرالية تقضى وقتها بالفضائيات والتصريحات.
ولا يوجد حتى الآن أى قوى تعبر عن طموحات المواطنين سواء فى القوى الإسلامية أو الليبرالية.

■ وماذا عن البديل الفكرى للإخوان؟
الكارثة الحقيقة إنه إذا سعى أى تيار إسلامى وسطى وغير متطرف طرح أى أفكار لها علاقة بالاسلام ستقابل برفض شعبى، لأن الحمولة التى تسبب لدى جماهير الشعب المصرى حتى لو قدم أى تيار رؤية وسطية ستكون مهمته صعبة للغاية.

■ ما رأيك فى الحركات المنشقة من الإخوان؟
بالنسبة للحركات التى أعلنت إنها منشقة عن الإخوان أرى عدم وجود دور لها لانه بالنسبة لى أكملت جماعة الإخوان دورتها الحضارية وقدمت كل ما لديها ولم تقدم ما يحسب لها ولكنها أخطأت وعارضت القيم التى تحدثت عنها طوال فترة حكمها.


ولهذا أرى تلك الحركات الجديدة موازية الشكل لجماعة الإخوان وشكل من أشكال المراهقة الفكرية.


■ وجود «6أبريل» و«الاشتراكيون الثوريون» فى نفس أهداف الصف الإخوانى، هل يكون وسيلة لمحاولة التظاهر بالثورية؟
بالطبع وجود حليف لهم كبعض أعضاء «6أبريل» و«الاشتراكيون الثوريون» ضد ما يسمونه الحكم العسكرى والإنقلاب، هذا يعطى شرعية لهم بأن هناك قطاعات عريضة تتظاهر للمطالبة بالشرعية.

■ معنى كلامك أن التظاهرات ستظل مستمرة؟
بالفعل هناك إصرار أن تمضى هذة التظاهرات حتى ولو كانت محدودة العدد ومن هنا استغلال مظاهرات الأحداث كالمحاكمة أو حادث النهضة أو رابعة حتى يبقى مسار الدماء مستمرا لإشعال عواطف الأعضاء وكسب أرضية بالشارع، والجماعة أصبحت القدرات الحقيقة لها ضعيفة وجمهور الإخوان لم يعد يتجاوب مع دعوات التظاهر فى الشارع، ولم يعد لديهم سوى ثلاثة كروت وهى الأخوات والأطفال والطلبة وهى الكروت الأخيرة ويستخدمونها الأن بشكل مكثف.

■ كيف تصف محاكمة الرئيس السابق محمد مرسى وجماعته؟
الاتفاق كان واضحا من أجل صناعة رد فعل الرئيس ويظهر خطة الجماعة داخل القفص للرئيس السابق ومجموعة المتهمين إذ الاتفاق على صناعة صورية وتوظيف الإشارة ورفض المحاكمة، واستحضار التاريخ الطويل لمعاناة الجماعة الذى بدأ من «محن كبرى» مثل محاكمات 1954 1948 و1954 و1965، وأخيراً 2013، وهذه المحن تكبدت فيها الجماعة خسائر فادحة سواء مالية أو بشرية أو فى التحركات السياسية للتنظيم.

ولكن محنة 2013 هى الأكبر والأشد وطأةً على الجماعة لأنها فقدت فيها الظهير الشعبى لها وبدا التنظيم مفككاً وظهر الانقسام واضحا بداخلها.

وكان التنظيم الدولى، قد طلب من الرئيس المعزول محمد مرسى بتقمص شخصية «صدام» أثناء محاكمته، لإشعار جماعته بـ«رباطة جأشه» لرفع روحهم المعنوية، وإعطائهم الأمل وأن موقفهم سليم وهذا الطلب جاء لأنهم يريدون إظهار المعزول بصورة القائد المنتصر والبطل المتعالى الذى خرج من الحكم بالغصب، ليشعل التظاهرات فى الشوارع المصرية.

■ هل نجح الرئيس السابق خلال محاكمته فى توصيل تلك الرسائل؟
رسالته كانت للقواعد الإخوانية وهى الثبات والاستمرار والرسالة للمجتمع الدولى وبالأخص الولايات المتحدة بأنه مازال الرئيس ويرفض المحاكمة ولكنها لم تنجح لان واشنطن الأن تتعامل مع الإدارة الجديدة بمصر عقب الثورة، رغم مراهنة الإخوان على الغرب.

■ ما رأيك فى عدم إذاعة المحاكمة رغم أن الجميع وصفها «بمحاكمة القرن لأنها أول محاكمة لرئيس مدنى بعد ثورة 25 يناير؟
للأسف تورطه بقضايا أمن قومى وربما يتفوه بأمور يحظر نشرها للعامة والإعلام، كما أنه من الممكن أن يتفوه ببعض الألفاظ التى لا تصلح للإعلام أن يبثها على الهواء مباشرة.


■ كيف ترى التهم التى وجهت للرئيس السابق؟
تهم منطقية للغاية ووجهت له من خلال بلاغات خلال فترة محاكمته وبالأخص أحداث الاتحادية وليس بعد خروجة من الحكم مثل مبارك.


■ تطلعات حزب «النور» خلال لجنة الخمسين لتعديل الدستور، أدت لمعارضة البعض ووصف الدستور بأنه عودة لزمن الإخوان؟
ما يحدث مقايضة من النظام السياسى لإنه يعلم أن التيار الاسلامى إذا خاض حملة ضد الدستور فلن يمر، ولهذا يتم الإنصات لتطلعات حزب النور.

ما موقفك من قوانين ربما تصدر كالتظاهر والإرهاب؟
علينا الاعتراف بأن وجود الإخوان فى الحكم، قد أدى إلى إضعاف الحركة الوطنية المصرية وأخشى العودة لمربع صفر ودولة «ديكتاتورية» جديدة.

■ هل ترى «سامى عنان» مرشحا قويا للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
لا لأنه أحد من تسببوا فيما نحن فيه وكان عضوا فاعلا فى المجلس العسكرى وأدى لحدوث العديد من الأزمات والتى كانت أسوأ فترات مرت بها مصر فلا يمكن أن ينتخبه أحد.

■ من الأنسب من وجهة نظرك فى الفترة المقبلة لرئاسة مصر هل المدنى أم العسكرى؟
ليس الفكرة مدنى أم عسكرى ولكن ماذا يقدم لمصر محمد مرسى كان مدنيا ولكنه أقدم على إعلان دستورى حوله لنصف إله، المهم طبيعة برامجه السياسية والاجتماعية وما سيقدمه للبلاد.

■ هل تعتقد أن يناير القادم، سيكون موجة ثورية جديدة، كما يعتقد الإخوان؟
من الصعب أن يوافق الشعب على أن يكون مع الإخوان فى فصيل واحد والشعب مضطر للتعايش مع هذا النظام من أجل خلق نظام يرضى طموحاتها، والدخول فى أى فعل ثورى سيصب فى مصلحة الإخوان، والشعب أذكى من أن يشرب من نفس الكأس مرتين الشعب يريد تجربة ثانية بخلاف حكم الجماعة.