السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«إسرائيل» ترفض اتفاق «واشنطن - طهران» على البرنامج النووى

«إسرائيل» ترفض اتفاق «واشنطن - طهران» على البرنامج النووى
«إسرائيل» ترفض اتفاق «واشنطن - طهران» على البرنامج النووى




ترجمة ـ أميرة يونس

انفعلت الصحف الإسرائيلية للاتفاق الذى توصل إليه الإيرانيين مع أمريكا والدول الأوروبية خلال المفاوضات التى أجريت الأسبوع الماضى فى مدينة «لوزان» بسويسرا، معربة عن نظرتها التشاؤمية تجاه المعاهدة التى ستمنع طهران من امتلاك سلاح ذرى فى الوقت الحالىبينما يجعله متاحا لها فى القريب، إذ إن اتفاق لوزان لم يعط أية أوامر بتدمير مفاعلات أو أجهزة طرد مركزى أو حظر مواد بعينها.
وفى أول رد فعل إسرائيل على توصل إيران لاتفاق مع الدول الأوروبية أصدر مكتب «بنيامين نتانياهو»، بيانا أكد فيه أن الحكومة اتفقت بالإجماع على رفض الاتفاق الإطارى الذى توصلت إليه إيران والقوى العظمى.


وكشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن محادثة هاتفية أجريت بين أوباما ونتانياهو على خلفية الاتفاق، وأبلغ الأخير الرئيس أوباما بأن الاتفاق يهدد وجود إسرائيل وأن الوزراء الأعضاء فى المجلس الوزارى المصغر للشئون السياسية والأمنية «كابنيت» أجمعوا خلال جلستهم اليوم على معارضتهم لاتفاق الإطار الذى تم التوصل إليه بين الدول الكبرى وإيران، منوها إلى أن الاتفاق المطروح سيشكل خطرا حقيقيا على المنطقة والعالم أجمع وأنه سيهدد أمن إسرائيل ووجودها.

رفع العقوبات الدولية
وأضاف نتانياهو أن الاتفاق المطروح لن يؤدى إلى إغلاق أى من المنشآت النووية الإيرانية ولن يدمر ولو جهاز طرد مركزى واحد كما أنه لن يوقف المساعى الإيرانية لتطوير أجهزة الطرد المركزى المتقدمة، معتبرا أن الاتفاق سيبقى بيد إيران البنية التحتية النووية فى الوقت الذى ترفع فيه العقوبات الدولية المفروضة على طهران وذلك بغض النظر عن إقدام إيران على بسط نفوذها على مناطق شاسعة من الشرق الأوسط وإطلاقها التهديدات بتدمير دولة إسرائيل.
وأكد  أن إيران تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل وتدعو علنا إلى تحقيق هذا الهدف، لذا إسرائيل لن تسلم بأى صفقة تتيح لدولة تسعى إلى إبادتها حيازة أو تطوير السلاح النووى، علاوة على أن إسرائيل طالبت بأن يشمل أى اتفاق نهائى مع إيران اعترافا إيرانيا واضحا بحق إسرائيل فى الوجود.
وفى المقابل أكدت واشنطن أن اعتراف إيران بحق إسرائيل فى الوجود والتفاوض معها حول ملفها النووى «مسألتان منفصلتان»، كما أن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل.
ونقلت صحيفة معاريف عن المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية «مارى هارف» قولها  فى بيان رسمى للإدارة أن الاتفاقية تتعلق بالقضية النووية فقط، وأننا أبقينا القضيتين منفصلتين عن عمد، وأن الاعتراف بحق إسرائيل فى الوجود معقد بما يكفى للتعامل معه على حدة، وهذا اتفاق بشأن نووى إيران ولا يرتبط مع أى قضايا أخرى، ولا ينبغى له كذلك، وهو ما ركزنا عليه.

المنشأة النووية فى فوردو
فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق «إيهود باراك» فى أول تعليق له على موضوع النووى الإيرانى، إن الاتفاق الذى تم بين طهران والدول الأوروبية  أسوأ مما كان متوقعًا، مشيرا إلى أنه كان يفضل اتفاقا أكثر صرامة يسمح للإيرانيين بألف جهاز طرد مركزى فقط وليس 6 آلاف جهاز كما ينص عليه الاتفاق المرحلى، إضافة إلى إغلاق المنشأة النووية فى فوردو.
ومن جانبها كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت تحت عنوان «النووى الإيرانى وخطورته على العالم» إن الاتفاق الذى ابرمته الولايات المتحدة مع إيران فى حالة ظهوره للنور فإن ذلك ما هو إلا خطأ تاريخى سيجعل العالم أكثر خطرا وتهديدا.
وفى مقال للمحلل الإسرائيلى «رون بن يشاي» بالصحيفة أكد أن الاتفاق النووى مع إيران يبدو فى ظاهره جيدا، إلا أنه يحمل فى طياته الكثير من المخاطر، وأن مشاركة إسرائيل مع الإدارة الأمريكية فى صياغة الإتفاق النهائى سيوفر على إسرائيل الكثير من المتاعب، إذ أن ما تراه إسرائيل بديلا للإتفاق ومحاولة التدخل العسكرى سيؤدى إلى تدهور الأوضاع أكثر فأكثر.
ويرى المحلل الإسرائيلى أن التفاهمات حول النووى الإيرانى التى عرضها من قبل الرئيس الأمريكى «باراك أوباما»، ووزير خارجيته «جون كيرى»، ووزير الخارجية الإيرانى «محمد جواد ظريف» جاءت مفصلة بشكل مفاجئ وغير متوقع، مضيفا أن الاختبار الحقيقى هو الاتفاق النهائى المفصل الذى من المقرر أن تنتهى صياغته فى 30 من شهر يونيو المقبل.
وحذر بن يشاى من احتمالية تلاعب إيران فى المستقبل، واتخاذ بعض الحيل لخداع المجتمع الدولى مرة أخرى والعودة لما كانت تخطط إليه فى الوقت الذى لم يمنعها الاتفاق من امتلاك أية مواد نووية أو خضوع المنشأت لرقابة مشددة مع تدمير ولو بعض من أجهزة الطرد المركزى التى تمتلكها إيران.
وفى سياق متصل وصف المحلل الإسرائيلى «ناحوم برنياع» فى مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت الاتفاق النووى مع إيران بـ «الفشل الذريع لإسرائيل»، موضحا أن سبب الفشل هو قيام الإدارة الأمريكية بتجنب إسرائيل وعدم مشاركتها فى وضع الاتفاق بسبب زيادة التوترات بين أوباما ونتانياهو، خاصة بعد التقارير التى أفادت تجسس إسرائيل على المفاوضات النووية والأمريكيين، الأمر الذى من شأنه التأثير السلبى على إسرائيل فى المفاوضات وعلى نتائجها، فالأمريكيون لم يشركوا إسرائيل فى التفاصيل، وقد حذروا أيضا شركاءهم فى المفاوضات من التجسس الإسرائيلى.
وأضاف برنياع أن الاتفاق النووى مع إيران من شأنه أن يوفر لها شرعية دولية بصفتها دولة تقترب من أن تصبح دولة نووية، فى الوقت الذى تسعى فيه دول أخرى فى المنطقة إلى الدخول فى سباق التسلح النووى بالمنطقة، فى إشارة إلى السعودية وتركيا، ومصر التى تجد بعد انضمامها للقوة العربية خطرا جسيما فى دولة إيران، وهو ما سيدفعها إلى أن تصبح دولة نووية خشية التهديدات المطروحة ضدها.
وعلى صعيد متصل وبنظرة بعيدة عن التشاؤم قال الصحفى بجريدة «هاأرتس» العبرية «باراك رابيد» تحت عنوان «الاتفاق مع إيران ليس سيئا»، إن اتفاق الإطار يضع قيودا عديدة على البرنامج النووى الإيرانى لفترة طويلة، مضيفا أنه إذا خضعت إيران وطبقت الاتفاق بشكل كامل فهذا من شأنه إلغاء التهديدات النووية ضد بلاده لفترة طويلة، تتخطى العقدين المقبلين من الزمان.

اتفاق كوريا الشمالية
وعلى جانب آخر هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتانياهو» الاتفاق الذى تم بين طهران والدول الأوروبية فى مدينة لوزان بسويسرا، واصفا الإتفاق بأنه «صفقة الأحلام» لإيران و«كابوس» بالنسبة للعالم.
وأشار نتانياهو إلى أن الاتتفاق مع طهران يشبه اتفاق الدول الأوروبية مع كوريا الشمالية، وأنه فى الوقت الذى كان يحتفل فيه العالم بالاتفاق اعتقادا منهم أنه نجاح كبير، من شأنه أن يعمل على إنهاء خطة الكوريين النووية ، اكتشفوا أنه الاتفاق الأسوأ فى تاريخهم.
ونقلت صحيفة هاأرتس عن نتانياهو قوله إن الأمر نفسه سيحدث مع إيران بصورة أكبر وأبشع، نظرا لخطورة الاتفاق بصورة أكبر من اتفاق كوريا الشمالية، قائلا: إن الولايات المتحدة نسيت الشعارات التى طالما نادت بها طهران مثل «الموت لأمريكا».
وفى سياق متصل أكد مسئولون بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية أنه لن يكون هناك اتفاق نووى بين طهران بحلول يونيو المقبل، أو حتى فى المستقبل القريب، معربة عن مخاوفها من عدم تعاون أجهزة الاستخبارات الغربية معها حول البرنامج النووى الإيرانى.

المعاهدة مليئة بالعيوب
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسئول بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية توقعه بأنه سيكون هناك توقيع اتفاقية بين إيران والغرب فى يونيو المقبل، ناهيك أن نسبة التوصل لاتفاق فى المستقبل لا تتعدى الـ50%، مؤكدا أن نهاية الأزمة مع إيران، ما هى إلا بداية مفاوضات منهكة ومضنية حول تفاصيل اتفاق الإطار الملىء بالعيوب والذى تمت صياغته فى لوزان.
ولفت المسئول الإنتباه إلى التجارب السابقة بين الإيرانيين والأوروبيين، وأنه عندما وصلت الأمور إلى مرحلة الصياغة والتوقيع والتطبيق اتضح للجميع أنه توجد لدى الأطراف الإيرانية تفسيرات مختلفة للأمر بشكل مختلف.
وأوضحت الصحيفة أن الموساد الإسرائيلى مكلف بمسئولية المراقبة والتأكد بألا تتحول إيران إلى دولة عظمى بحوزتها سلاحا نووى، مضيفا أن المسئولية الملقاة على الموساد أصبحت أصعب وأكبر من التى ألقيت على عاتقه عام 2004 بعد تنفيذ سلسلة عمليات لجمع معلومات حول البرنامج النووى الإيرانى، وعمليات التشويش التى تمت على البرنامج النووى وعرقلته بقدر الإمكان.
وأشارت الصحيفة إلى الإنجازات التى حققها الموساد ضد البرنامج النووى الإيرانى، وأنه تمكن من كشف أنشطة إيرانية تتعلق بتطوير البرنامج النووى العسكرى، وسمح بإقامة شركات وهمية باعت لإيران عتادا معطوبة، وتم تطوير فيروس الكترونى ألحق أضرارا بالبرنامج النووى.

أضرار اقتصادية كبيرة
وكشفت يديعوت أحرونوت أن رئيس جهاز الموساد السابق «مائير داجان» نجح فى تجنيد وزارة المالية الأمريكية لتنفيذ عمليات سرية، تهدف إلى إلحاق أضرار اقتصادية كبيرة بمؤسسات تابعة للنظام الإيرانى، وأن  شعبة الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان» قد شاركت هى الأخرى فى هذه الأنشطة.
وتوقعت أنه فى حال استأناف إيران المسار العسكرى لبرنامجها النووى، فإن الموساد سيطالب باكتشاف ذلك ووضع أدلة أمام صناع القرار فى إسرائيل، من أجل إثارة الموضوع مجددا، وتقديم أدلة إلى الولايات المتحدة، قد تدفعها فى المستقبل إلى مساندة إسرائيل فى مهاجمة إيران.
وفى سياق متصل لفتت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الانتباه إلى ردود الأفعال الخاصة بالمسئولين الإيرانيين تجاه الاتفاق الذى تم بين طهران والدول الكبرى، ومن بينها إشادة  قائد الجيش الإيرانى «حسن فيروز آبادى» بالاتفاق والمحادثات النووية التى أجرتها بلاده مع القوى العالمية.

إشادة وتقدير جهود
وأشارت الصحيفة إلى أن «آبادى» هو الحليف المقرب من المرشد الأعلى «آية الله على خامنئى»  الذى لم يعلق على الاتفاق النووى الإيرانى المثير للجدل، بينما هنأ «آبادى» الرئيس الإيرانى حسن روحانى على نجاح المفاوضين الإيرانيين، وأعرب عن شكره وتقديره للجهود التى بذلها روحانى والمعنيون بهذا الملف، خاصة وزير الخارجية «محمد جواد ظريف».
ومن جانبه رحب رئيس مجلس الشورى الإيرانى «على لاريجاني» وأعضاء آخرون بالبرلمان بإطار الاتفاق، واصفين إياه بالإيجابى.