الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مياه شرب «الشرقية» حائرة بين الأهالى والمسئولين

مياه شرب «الشرقية» حائرة بين الأهالى والمسئولين
مياه شرب «الشرقية» حائرة بين الأهالى والمسئولين




الشرقية - عماد المعاملى
أثار حادث إصابة أكثر من 400 شخص بمدينة الإبراهيمية وتوابعها بالشرقية بأعراض تسمم غذائى «بأن مياه الشرب» ملوثة مما أثار فزع المواطنين.
وأرجع عدد غير قليل من المضارين أن هذه الإصابات نتجت عن عدم جودة المياه التى تناولها المصابون حيث يضطرون إلى شراء مياه محطات من فلترة المياه.
«روزاليوسف» سلطت الأضواء على الكارثة للتعرف على حقيقة الأمر وموقف المسئولين.
يقول طارق: السيد 20 عاما، من مدينة الإبراهيمية، إنه رغم أن المدينة يتم تغذيتها من محطة مياه مرشحة، إلا أنه فى بعض الأحيان تأتى المياه وبها عكارة ولها طعم غير مقبول، أو تنقطع، ما يجعل الكثير من الأهالى يلجأون إلى شراء جراكن المياه المفلترة التى تباع فى الشوارع بسعر جنيهين للجركن الواحد لاستخدامها فى الشرب وإعداد الطعام، موضحا أن فى يوم الحادث ارتفعت مكبرات الصوت صباحا تحذر الأهالى من شرب مياه الصنابير لكونها مسممة.
ويشير محمد رجب موظف، إلى أن بعض مناطق الإبراهيمية لم تصلها خدمة الصرف الصحي، خاصة فى التوسعات العمرانية الجديدة، فضلا عن أن الأهالى يقيمون طرنشات ملحقة بمنازلهم، ومع ضعف ضخ مياه الشرب وانقطاعها، اضطروا إلى عمل آبار ارتوازية تعمل بالمواتير لسد احتياجاتهم من المياه، ولا شك أنه من الممكن أن تكون هذه الآبار هى مصدر التلوث.
وطالب المسئولين بإعلان أسباب حادث التسمم بكل شفافية وعلاجها على الفور حتى لا تتكرر هذه الواقعة، حماية لصحة المصريين.
ويضيف محمود دسوقى أحد المضارين، إن شبكة مياه الشرب بالمدينة وعدد من القرى متهالكة وتفتقر التجديد وأعمال التطوير، حيث كثيرا ما يحدث بها انكسارات وانفجارات، وكذلك شبكة الصرف الصحي، وهو ما يمكن معه أن تختلط مياه الشرب بالصرف الصحى ما ينذر بوقوع كارثة لا محالة، لافتا إلى أنه فى الوقت الذى تكون المياه المنتجة من المحطة سليمة ونظيفة، تصبح المياه الواصلة للمنازل مسممة.
ويكشف إبراهيم راضى طبيب، أن معظم قرى مركز الإبراهيمية ليس بها صرف صحي، الأمر الذى يتسبب فى تلوث المياه الجوفية، ويجعل الشرب من مياه الآبار أو الطلمبات خطرا داهما على صحة المواطنين، خاصة مع ضعف وانقطاع مياه الشبكة المرشحة، فضلا عن أن شبكات المياه ما زالت تعتمد على مادة الاسبستوس التى تسبب التلوث مع استخدامها لفترات طويلة، وتم حظرها فى العديد من دول العالم لخطورتها.
وفى سياق متصل يلفت أحمد محمود 42 عاما من قرية «الجلايلة» إلى أن القرية بها صرف صحي، وإنه وأسرته يستخدمون مياه الحنفية وكذلك مياه الجراكن التى يلجأون إليها بسبب ضعف مياه الشبكة وانقطاعها فى أوقات كثيرة، وأنه يوم حادث التسمم شرب من الاثنين ولم يصب بسوء، فى الوقت الذى شربت فيه زوجته وأبناؤه الثلاثة من الحنفية وأصيبوا جميعا بأعراض التسمم ونقلوا للمستشفى.
وطالب إبراهيم بزيادة الاعتمادات المخصصة لمحافظة الشرقية فى قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، حتى يتم تغطية المدن والقرى بهذه الخدمة المهمة والحيوية، ملزما المسئولين بضرورة غسل المرشحات والشبكات بصفة دورية وضبط نسبة الكلور فى مصدر المياه ونهاية الخطوط وعمل تحاليل كيميائى وبتكريولوجى بصفة مستمرة، مع إحكام الرقابة على بائعى المياه فى الجراكن.
وفى ذات السياق أكد شهود عيان أن أئمة بعض المساجد استغلوا إصابة عدد من مواطنى مركز الإبراهيمية بأعراض تسمم غذائي، وقاموا بأستخدام مكبرات الصوت فى تحريض الاهالى بعدم الشرب من المياه وانها ملوثة لإثارة الفزع بين المواطنين.
وعلى الجانب الآخر سارع بعض المواطنين باستخدام مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد فى المدن والقرى، لطمأنة الأهالى والتأكيد على أن مياه الشرب سليمة ولاخوف من استخدامها أو تناولها.
من جانبه قال اللواء أيمن عبد القادر، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالشرقية، إن مدينة الإبراهيمية والقرى التابعة لها يتم تغذيتها من محطتين مرشحتين مياه بحارى فى مدينة الإبراهيمة وقرية كفور نجم، فضلا عن محطة الحديد والمنجنيز بقرية السدس، مؤكدا أن جميع المياه التى يتم ضخها سليمة ومطابقة للمواصفات.
وأضاف أن المحطات تعمل طبقا لنظام محكم لا يمكن معه السماح بإنتاج مياه غير نقية أو ملوثة، حيث يتم تحليل عينات من المياه المنتجة كل ساعتين وقياس نسبة الكلور والتأكد من أنها حول معدلاتها التى لا تسمح بنمو البكتريا ولا تضر بصحة الإنسان.
وأشار عبدالقادر إلى أنه فور العلم بحادث الإبراهيمية، تم على الفور أخذ عينات من المياه المنتجة من المحطة ومن مصدرها البحارى ومن الشبكات بالمدينة والقرى بالإضافة إلى أكثر من 400 عينة من المياه بمنازل المصابين بالأعراض المرضية، وتم تحليلها حيث ثبت أنها جميعها مطابقة للمواصفات وأن نسبة الكلور والعكارة بها طبقا للمعدلات الصحية.
وأوضح أنه تم رصد 6 محطات أهلية بمركز الإبراهيمية، يقيمها أفراد أو جمعيات، تقوم بفلترة مياه الصنبور وبيعها فى جراكن، وأن عدداً كبيراً من الأهالى يستخدمون هذه المياه فى الشرب وإعداد الطعام، وأنه تم إعداد حملة مشتركة مع الجهات الأمنية ومديرية الصحة، ومداهمة هذه المحطات، وأخذ وتحليل عينات من منها وتبين عدم مطابقتها للمواصفات وأنها خالية من الكلور وهو ما يسمح بنمو أنواع مختلفة من البكتريا.
ومن جهته أكد المهندس شاكر عبد الفتاح نائب رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالشرقية، أنه يتم غسل شبكات المياه بصفة دورية وتنظيفها بالكلور طبقا للمواصفات الدولية المحددة، كما يتم إصلاح وعلاج أى كسر أو تسرب بأى شبكة على الفور، حيث يتم اكتشافه وقت حدوثه عن طريق نسبة الضغط التى تظهر بالمحطة.
وقال شاكر إنه يتم عمل إحلال وتجديد لمختلف شبكات المياه وتوصيل الصرف الصحى للمناطق المحرومة، فى حدود الاعتمادات المالية المتاحة، مشيرا إلى أنه يجرى حاليا تنفيذ خطة لتوصيل الصرف الصحى لعدد كبير من قرى المحافظة باعتماد يتجاوز مليار جنيه، بتمويل حكومى وبجانب منحتين من البنك الدولى والاتحاد الأوروبى، حيث لا تتعدى نسبة تغطية القرى نسبة 12%.
وكان أكثر من 500 شخص من أهالى مدينة الإبراهيمية والقرى المحيطة بها، قد أصيبوا بأعراض تسمم غذائي، وتم نقلهم لمستشفيات الإبراهيمية وههيا وأبوكبير وديرب نجم المركزية، وعزا الكثير منهم سبب إصابته إلى مياه الشرب وقام الدكتور عادل العدوى وزير الصحة بزيارة المرضى بالمستشفيات لمتابعة حالاتهم، مؤكدا أن نتائج التحاليل لن تظهر قبل ثلاثة أيام وسوف يتم إعلانها بكل شفافية لتحديد أسباب التسمم.
وصرح الدكتور شريف مكين وكيل وزارة الصحة بالشرقية، بأنه تم إعلان حالة الطوارئ فى جميع المستشفيات، وإجراء الإسعافات الأولية للمصابين، وتم الدفع بفرق عمل من الطب الوقائى وأخذ عينات من أمعاء المصابين ومياه الشرب بمنازلهم ومصادرها، وكذلك الأغذية، وإرسالها للمعامل المركزية والفرعية لتحليلها وتحديد مصادر التسمم، لافتا إلى أن جميع الحالات غادرت المستشفيات سوى 11 مصابا مازالوا تحت الملاحظة ويتلقون العلاج اللازم.
وفى سياق ذات صلة قرر الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية، تشكيل فرق عمل من الطب الوقائى بمديرية الشئون الصحية وشركة المياه، لأخذ عينات من جميع الشبكات ومحطات المياه بمدن وقرى المحافظة، وتحليلها فى المعامل المتخصصة، للتأكد من سلامة مياه الشرب، وبراءتها من حالات التسمم التى ظهرت بمركز الإبراهيمية.
كما قرر المحافظ تشكيل غرفة عمليات بديوان عام المحافظة، برئاسة نائبه اللواء سامى سيدهم، وذلك لمتابعة حالات الإصابة بأعراض التسمم الغذائي، التى استقبلتها مستشفيات الإبراهيمية وههيا وديرب نجم وأبوكبير وإعداد التقارير حول أسباب تلك الحالات المرضية، التى ظهرت بصورة مفاجئة.
كما قرر المحافظ، فتح تحقيق عاجل فى واقعة ترويج شائعة عبر مكبرات الصوت حول تسمم مياه الشرب بالمحافظة، وإحالة أى مسئول أو موظف أو مواطن يثبت تورطه فى ذلك إلى النيابة العامة، سواء من المسئولين عن المساجد أو غير ذلك.
وأضاف المحافظ خلال زيارته المصابين بأعراض التسمم، أنه فى حالة ثبوت أن مياه الشرب التى تنتجها المحطة الحكومية هى سبب أعراض التسمم التى أصابت عددا من مواطنى مركز الإبراهيمية، فإنه سيتم إحالة جميع المسئولين بشركة مياه الشرب والمحطة المعنية إلى النيابة العامة.
وقال المحافظ، إن واقعة التسمم حدث بها مبالغة شديدة بهدف التهويل منها، حيث إن عدداً غير قليل من الذين ترددوا على المستشفيات بدعوى تسممهم، ثبت بتوقيع الكشف الطبى عليهم أنهم لا يعانون من أى أعراض مرضية، مرجحا أن تكون الجماعة الإرهابية قد لعبت دورا كبيرا فى التهويل من الحدث، لتحقيق أهدافها فى إثارة الفتن والبلبلة بين المواطنين، وإلهاء المسئولين عن مهمتهم الأساسية فى خدمة المواطن، مطالبا جموع المصريين بعدم الالتفات للشائعات والتفرغ للعمل.