عن التحول الرقمى.. والابتكار.. والإفهام المأمول
تطالعنا الحياة بالمستجدات والمتغيرات السريعة كل يوم فى كل المجالات، وكل مايمكننا ملاحظته مؤخرا هو هذا التحول الرقمى الملحوظ الذى غزا مجالات متعددة، ويحتل التعليم صدارة هذه المجالات، من حيث كونه ركيزة أساسية لكل مجتمع يطمح إلى النهوض لتحقيق طفرة نحو التقدم والازدهار،لذلك كان من الأهمية بمكان بذل الجهد للوقوف على حلول ناجعة لما تنطوى عليه العملية التعليمية من معضلات ومعوقات بغية تحقيق الطفرة المرجوة نحو المستقبل.
وباستعراض أهم المشكلات التى تقوض العملية التعليمية نجدها متمثلة فى كثافة الفصول بطبيعة الحال،وفقدان عناصر الإثارة والجذب فى نوعية مناهج الدراسة وماتشتمل عليه من موضوعات غير شائقة تؤدى إلى صرف انتباه الطالب وفقدانه الرغبة فى متابعة المدرس الذى يحاول جاهدا إيصال المعلومة ليحقق الإفهام المأمول !
لاشك أن هذا الانصراف مرده إلى تعلق النشء بالوسائط التكنولوجية والشبكة العنكبوتية وانبهارهم بها وإقبالهم المتسارع عليها واستخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعى المنوعة التى تبدد الملل وتسعدهم بإيقاعها السريع وما تحويه من آليات تيسر حصولهم على المعلومات واستمتاعهم بمشاهدة الأفلام والصور الملونة والمتحركة والألعاب الالكترونية بحسب الذوق، فتسرع بخطا خيالاتهم نحو الإبداع والابتكار والتفنن فى عالم واسع بالغ الرحابة يستوعب ملكاتهم، بجانب تواصلهم مع أصدقائهم متى أرادوا، وهى بهذا تسلب طاقاتهم الاستيعابية لكل ماهو رتيب ورخو مما يتعاطونه فى قاعات الدرس التقليدية الروتينية المزدحمة؛ لذا يفقدون تركيزهم بل يعلنون كراهيتهم لمنظومة التعليم وعصيانهم للطرق التلقينية المملة التى تقتل فيهم خاصية الابتكار وتقضى على قدرتهم على الإبداع وحرية التعبير.
من أجل هذا أصبح تغيير منظومةالتعليم الحالية أمرا شديد الإلحاح لابد فيه أن يحل الإبداع محل التلقين، ليتوارى منهزما أمام تقنيات الكترونية حديثة تستخدم كوسيلة من الوسائل التى تدعم العملية التعليمية وهو مايطلق عليه ( نظام التعليم الإلكتروني)، الذى يعتمد على تفاعل الطالب من خلال ما يبث من خلال الشبكة العنكبوتية_ المتاح له استخدامها وقتما شاء_ من المقررات الدراسية والمحتوى التعليمى والمهارى الذى من شأنه طمس ونسف طرق التلقين التقليدية السائدة التى لم تحقق أى نفع فى بناء شخصية الدارس.
وبمسلكنا هذا نحو تحقيق الجودة فى العملية التعليمية نضرب عصافير بحجر واحد لأبنائنا، فنمنح فرصة لإقامة الحوار وننمى القدرة على الابتكار والإبداع وسعة الأفق وإعمال الذهن دون تقييد مخل،من خلال تنوع مصادر المعرفة وطرائق عرض المعارف والمعلومات وخلق بيئة دراسية تفاعلية تسهم فى تحفيز الطلاب بما يتم استخدامه من الصور، والإنفوجرافيك،والفيديو،وغرف النقاش وعقد الاختبارات الإلكترونية بهدف حفظ المعلومات المكتسبة فى الذاكرة مما ييسر عليهم المتابعة ورفع درجة التركيز والاستيعاب لديهم التى تعد من أقوى ركائز النجاح،من خلال تعاون مثمر بين جميع العناصر التى تقوم على إدارة العملية التعليمية من قيادة وإشراف تربوى ومعلمين وطلاب فى آن معا. ومصداقا لعلماء النفس التربويين فالتعلم يمر بثلاث مراحل: الانتباه، ثم الإدراك فالفهم. وكلما زادت كل مرحلة دفعت بالثانية نحو الهدف الحقيقى من التعلم.
وكما يحقق النظام التعليمى الإلكترونى فوائد تصب فى صالح الطلاب فهى تعود بالنفع أيضا على المدرسين وأولياء الأمور من حيث توفير الوقت والجهد وتطوير القدرات والخبرات،وسيصبح بمقدور ولى الأمر متابعة أبنائه سلوكيا وأداء دراسيا وتحصيلا علميا. إن شرح الدروس أو تنفيذ المشروعات العلمية والتجارب وتواصل المدرس مع طلابه من خلال الفصول الذكية(الغرف الافتراضية)، خاصة فى حال مراجعة المقرارات والدروس مع الطلاب قبل عقد الاختبارات النهائية للفصل الدراسي، أو فى حال تعليق الدراسة لأى أمور تطرأ على البلاد، كانتشار جائحة مثل مانواجهه مع العالم من وباء كوفيد ١٩،أو إذا ماساءت حالة الطقس بشكل مزعج، لن يقف أى من كل هذا أو غيره من الطوارىء حجر عثرة أمام استمرار العملية التعليمية فى ظل تطبيق هذا النظام الذى أظنه يلوح فى أفق فكر المسئولين عن التعليم فى مصرنا المحروسة والذى نشتم روائح تطبيقه مؤخرا على استحياء أجبرنا عليه مانمر به من مكافحة وباء لعين يسقط مرضى ويقبض أرواحا..إن فلذات أكبادنا يستحقون من الدولة فائق العناية فهم الثروة الحقيقية التى ندخرها للمستقبل فلا أقل من أن نعنى بتعليمهم وتعلمهم فى ظل عالم متغير وعصر مختلف عن عصرنا ومن زمان غير زماننا.. فلنحدثهم بلغة العصر ..وزمن التحول الرقمى.. وثورة التكنولوجيا لضمان نجاحهم وتحقيقا لعملية الفهم والإفهام! أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعى بأكاديمية الفنون