الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المندوب السامى وأستاذى كمال عبدالرءوف!

المندوب السامى وأستاذى كمال عبدالرءوف!

فى حياتى الجامعية وأثناء دراستى بكلية الإعلام سنة 1973 ـ بعد أسابيع قليلة من حرب أكتوبر المجيدة ـ كنت سعيد الحظ بأن تتلمذت على أيدي أساتذة عظام أودين لهم بكل الفضل والعرفان بالجميل.



الأستاذ والكاتب الصحفى الكبير «كمال عبدالرءوف» كان واحدًا من هؤلاء الكبار وكان يدرس لنا مادة الترجمة الصحفية ولم أكن أعرف وقتها أنه واحد من كبار نجوم أخبار اليوم.

وفى فبراير سنة 1974 صدر العدد الجديد من كتاب اليوم وكان يحمل عنوان «الدبابات حول القصر: مذكرات لورد كيلرن 4 فبراير 1942» للأستاذ كمال عبدالرءوف، وتصورت أنه تشابه أسماء بينه وبين أستاذي كمال عبدالرءوف أستاذ الترجمة. واشتريت الكتاب وثمنه 12 قرشًا!!

وبعد انتهاء إحدى المحاضرات تجاسرت واقتربت من الأستاذ «كمال عبدالرءوف» واستجمعت شجاعتى وسألته إن كان هو صاحب كتاب «الدبابات حول القصر» فابتسم وقال: نعم وأعقبها بضعة كلمات تشجيع من أستاذ لتلميذه !

وهكذا عشت مع الكتاب الممتع والذى أضاف لى الكثير من المعلومات المهمة التي كانت غائبة عنى.

لفت انتباهى مقدمة الكتاب التى كتبها الأستاذ كمال عبدالرءوف «تحت عنوان جذاب ومشوق وهو «حكاية 2 مليون كلمة» وفيها يقول:

عندما وصل المندوب السامى البريطانى إلى مصر فى يناير سنة 1934 كان اسمه «سير مايلز لامبسون» وعندما رحل من القاهرة فى عام 1946.. أى بعد 12 عامًا قضاها فى مصر كان اسمه لورد كيلرن، وطوال هذه الفترة كان يحتفظ بمذكراته اليومية كاملة، ومهما كانت الاجتماعات ومهما كانت العواصف السياسية كان السفير يجلس كل يوم ليملى على سكرتيره الخاص ملخصًا  لما جرى فى ذلك اليوم!

وهكذا ترك لورد كيلرن سجلا كاملاً يتألف من 2 مليون كلمة تحكى الموقف السياسى فى الشرق الأوسط بوجه عام وفى مصر بوجه خاص أثناء الفترة التى قضاها السفير فى القاهرة.

وفى مذكرات كيلرن تظهر أسماء زعماء مثل «تشرشل» و«روزفلت» و«وديجول» و«ايدن» و«تشانج كاى شيك» وجنرالات بريطانيا أثناء معارك العلمين والصحراء مثل «ويفل» و«مونتجمرى»، وأسماء الزعماء العرب ومنهم الملك «ابن سعود» والرئيس السورى «شكرى القوتلى» ونورى السعيد، وتظهر فى معظم المذكرات الشخصيات السياسية المصرية فى هذه الفترة وعلى رأسها الملك السابق فاروق ورؤساء الأحزاب والوزارات الذين كانوا يتغيرون بسرعة مثل أوراق الخريف!

وعندما وصل المندوب السامى البريطانى إلى مصر كان «هتلر» قد وصل إلى كرسى الحكم فى ألمانيا، وكان كل شىء يبدو هادئًا فى القاهرة، ولكن سحب الحرب كانت تتجمع فى المنطقة والعواصف السياسية والعسكرية كانت على وشك أن تهب على الشرق الأوسط وأفريقيا.

وفى هذا الوقت كانت الحياة السياسية فى مصر يسيطر عليها ثلاثة مصادر،: القصر والأحزاب والسفارة، وكان لورد «كيلرن» يقول إن الوضع أشبه ببسكليتة بثلاث عجلات وأنه هو الذى يحافظ على توازنها!

واستمر السفير مشغولاً بلعبة القط والفأر بينه وبين «فاروق» حتى استطاع الملك أن يضربه الشلوت الأخير ويقنع لندن بسحبه من مصر، ولم ينس كيلرن هذه الأهانة حتى آخر أيامه، وظل يهاجم مصر فى الصحف وفى مجلس اللوردات حتى مات، وهذه المذكرات تحكى قصة يلرن فى مصر، وفى هذه المذكرات يبدو السفير فى دور الشخصية الرئيسية ويلعب الدور الثانى فيها الملك السابق «فاروق» الذى خلف والده على العرش سنة 1937، ويظهر فى المذكرات ممثلون ثانويون ومنهم أمين عثمان الذى بكى السفير يوم علم بنبأ مصرعه سنة 1946 لأنه كان رجل بريطانيا المخلص لهم».

«وللحكاية بقية»!