مصر وفرنسا.. شراكة شاملة
الرئيسان السيسى وماكرون يوقعان على ترفيع العلاقات الثنائية

وسط استقبال رسمى وشعبى حافل، أجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زيارة «رفيعة المستوى»، إلى مصر، هذا الأسبوع، عكست مستوى الشراكة والتعاون بين القاهرة وباريس، وأكدت على مزيد من التعاون فى مختلف المجالات، وشهدت زيارة ماكرون، ترفيع مستوى العلاقات، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، إلى جانب اتفاقيات عديدة لدفع أطر التعاون، لاسيما التعاون فى مجال الاقتصاد والاستثمار، فضلا عن التعاون فى مجال النقل والبنية التحتية، والتعليم.
ولم تكن القضايا الإقليمية، ببعيدة عن اهتمام زيارة ماكرون للقاهرة، حيث بحث معه الرئيس عبد الفتاح السيسى التطورات فى قطاع غزة، وسوريا ولبنان والسودان، والأمن المائي، كما شارك الرئيس الفرنسي، فى القمة الثلاثية التى دعا لها الرئيس السيسي، بحضور الملك عبد الله الثاني، العاهل الأردني، لمناقشة تطورات الأوضاع فى غزة، والتى أكدت على رفض مخططات التهجير، ودعم الخطة العربية لإعادة الإعمار.
زيارة ماكرون، حظت بحفاوة شعبية، خصوصا مع اصطحاب الرئيس السيسي، نظيره الفرنسي، فى جولة بمنطقة خان الخليلي، فى وسط القاهرة، وصولا للاستقبال الشعبي، للرئيسين السيسى وماكرون، خلال زيارتهما لمدينة العريش.
بدأت مراسم الزيارة الرسمية «رفيعة المستوى»، للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى مصر، صباح الإثنين الماضي، بعقد جلسة مباحثات ثنائية على مستوى القمة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدى البلدين، كما وقع الرئيسان إعلانا مشتركاً لترفيع العلاقات بين مصر وفرنسا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وشهدا التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين.
وفى المؤتمر الصحفى المشترك، الذى أعقب مباحثات القمة، رحب الرئيس السيسي، بنظيره الفرنسي، مشيرا إلى أن زيارته “تجسد بجلاء مسيرة طويلة من التعاون الثنائى المثمر، بين مصر وفرنسا فى كافة المجالات، التى تحقق مصالح البلدين، والتى توجت بالإعلان عن ترفيع العلاقات بين البلدين، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية ..الأمر الذى يعتبر خطوة مهمة، نحو تعزيز التعاون المشترك، وفتح آفاق جديدة، تحقق مصالح بلدينا وتطلعات الشعبين الصديقين.
وقال الرئيس السيسي، إن اتفاقيات ومذكرات التفاهم، التى تم توقيعها بين البلدين، فى مختلف القطاعات، ستمثل انطلاقة جديدة، لتعزيز التعاون الاستراتيجى بين مصر وفرنسا.
زيادة الاستثمارات
وأشار الرئيس السيسي، إلى أن مباحثاته مع الرئيس الفرنسي، تطرقت إلى سبل دفع العلاقات التاريخية، فى كافة المجالات ذات الأولوية، لاسيما فيما يتعلق بتعزيز وتكثيف الاستثمارات الفرنسية فى مصر، وقال إنه تم التأكيد على أهمية توسيع انخراط الشركات الفرنسية، فى الأنشطة الاقتصادية المصرية، خاصة مع الخبرات المتراكمة، لهذه الشركات فــــى مصــــــر علـــــى مــــــدار العقـــــود الماضيــــــــة، كما تم التشديد على ضرورة البناء، على نتائج المنتدى الاقتصادى “المصرى - الفرنسى”، الذى عقد فى القاهرة، لتعزيز التعاون المشترك ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وقال الرئيس السيسي، إنه تم الاتفاق، على أهمية تنفيذ كافة محاور شراكتنا الاستراتيجية الجديدة، بما فى ذلك الدعم المتبادل للترشيحات الدولية، وتعزيز فرص التعاون فى مجالات توطين صناعة السكك الحديدية، والتدريب الفنى والمهنى والذكاء الاصطناعى، والأمن السيبرانى وإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما تم التأكيد خلال المباحثات، على أهمية التعاون القائم بين مصر وفرنسا فى مجال الهجرة، وضرورة دعم مصر فى جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة فى ظل استضافتها لأكثر من تسعة ملايين لاجئ.
ورحب الرئيس السيسي، بالدعم الفرنسى لمصر، الذى أسهم فى اعتماد البرلمان الأوروبى مؤخرا، قرار إتاحة الشريحة الثانية، من حزمة الدعم المالى الكلى المقدمة من الاتحاد الأوروبـى لمصــر، بقيمة أربعـة مليـارات يــورو، مما يعكس التقدير العميق، للشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى، ويؤكد الدور الحيوى الذى تضطلع به مصر، كركيزة للاستقرار فى منطقتى الشرق الأوسط وجنوب المتوسط وفى القارة الإفريقية.
الأوضاع فى غزة
القمة المصرية الفرنسية، تناولت التطورات المتلاحقة على الساحة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الوضع المأساوى فى قطاع غزة ، وقال الرئيس السيسي، إنه تم التأكيد على ضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وإطلاق سراح الرهائن.
وأشار الرئيس السيسي، إلى توافقه مع نظيره الفرنسي، على رفض أية دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، واستعرض مع الرئيس «ماكرون»، الخطة العربية للتعافى وإعادة إعمار قطاع غزة، مع الاتفاق على تنسيق الجهود المشتركة، بشأن مؤتمر إعمار غزة، الذى تعتزم مصر استضافته، بمجرد وقف الأعمال العدائية فى القطاع.
وأكد الرئيس السيسي، بشكل لا التباس فيه، أن تحقيق الاستقرار والسلام الدائم فى الشرق الأوسط، سيظل أمرا بعيد المنال، طالما ظلت القضية الفلسطينية بدون تسوية عادلة، وطالما ظل الشعب الفلسطينى يواجه ويلات حروب طاحنة، تدمر مقوماته، وتحرم أجياله القادمة من حقها.. حتى فى الأمل فى مستقبل أكثر أمنا واستقرارا.
وقال إنه بحث مع الرئيس “ماكرون”، سبل تدشين أفق سياسى ذى مصداقية، لإحياء عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الأوضاع فى سوريا ولبنان
وفيما يتعلق بالتطورات التى تشهدها سوريا ولبنان، قال الرئيس السيسي، إنه تم التوافق على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وضرورة اتسام العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية، بالعمومية وبمشاركة كافة مكونات الشعب السورى، وتم التشديد فى هذا الصدد، على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى السورية.
كما أكدنا دعمنا للرئيس اللبنانى الجديد، والحكومة اللبنانية، فى جهودهما لتحقيق الاستقرار وتطلعات الشعب اللبنانى الشقيق .. مع أهمية التزام جميع الأطراف بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، ومحورية الامتثال الكامل للقرار الأممى رقم “1701”، وتطبيقه دون انتقائية.
الأمن المائي
وأوضح الرئيس السيسي، أنه تباحث مع الرئيس الفرنسي، حول التطورات الخاصة بملف الأمن المائى، وقال إنه تم التأكيد على موقف مصر الراسخ، الذى يؤمن بأن نهر النيل، رابط تاريخى جغرافى، يجمع دول الحوض، ومن ثم تعمل مصر على الحفاظ على التعاون بين دول الحوض، وتتمسك بالالتزام بقواعد القانون الدولى، وتحقيق المنفعة للجميع، مع ضرورة مراعاة خصوصية الاعتماد المصرى التام، على مياه نهر النيل، كونه شريان الحياة لمصر وشعبها.
وتطرقت المباحثات إلى الأوضاع فى السودان ، إلى جانب التطورات الإقليمية فى منطقتى الساحل والقرن الإفريقى، وقال الرئيس السيسي، إنه تم الاتفاق على ضرورة تكثيف التعاون، لتعزيز الأمن والاستقرار فى هذه المناطق، بما يحقق تطلعات دولها وشعوبها، نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.
قناة السويس
وأكدت مصر وفرنسا، على استعادة المعدلات الطبيعية، لحركة مرور السفن فى قناة السويس المصرية، وتفادى اضطرار السفن التجارية، إلى اتباع مسارات بحرية بديلة، أطول مسافة وأكثر كلفة، وذلك نتيجة الهجمات التى استهدفت بعضا منها فى مضيق باب المندب، بسبب استمرار الحرب فى غزة، وقال الرئيس السيسي، إن هذا الوضع أسفر عن خسارة مصر، نحو سبعة مليارات دولار خلال عام ٢٠٢٤، من إيرادات قناة السويس، إلى جانب تأثيره السلبى المباشر، على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.