ما أحوجنا لـروح أكتوبر
خبراء: التضامن العربى جاء إيمانًا بقدرة مصر على هزيمة إسرائيل

تحل الذكرى الـ 43 لعيد تحرير سيناء، فى وقت تمر فيه المنطقة العربية بأثرها بتحديات مصيرية لتذكرنا بحاجتنا إلى استلهام روح التعاون العربى المشترك فى معركة أكتوبر 1973 والاقتداء بها، للخروج من أزماتنا الحالية، فخلال معركة العبور جسد الدعم العربى أرقى أشكال التضامن، إذ اتخذت خلالها الدول العربية موقفًا موحدًا، وتنوعت أشكال الدعم ما بين عسكرى ومادي، واستخدم النفط كسلاح اقتصادى فى مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
من جانبه، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن وحدة الصف العربى شعار رفعته الدول العربية وفى مقدمتها دول الخليج التى أرسلت مساعدات عسكرية وبعضها مالية لمساندة مصر فى حربها، ولعبت السعودية والكويت دورًا محوريًا فى تلك الحرب التى عكست الإرادة الحقيقية للعرب لتحرير أرضهم من المحتل.
وتابع “رخا”:” عنصر المفاجأة خلال الحرب كان من أهم عوامل النجاح ما جعل التعبئة المنتظمة لقوات الاحتياط الإسرائيلية فى ساعة الصفر أمرًا مستحيلًا”، موضحًا أنه فى حرب 73 كان هناك تكاتف بين الدول العربية ويقين بأن مصر هى الدولة الوحيدة القادرة على التصدى لهذا العدوان، وبالتالى كان من أهم عوامل النجاح فى الحرب تكاتف الدول العربية خلف مصر، وتوفير التمويل اللازم سواء كان معدات أو بترول على الرغم من عدم معرفة الدول العربية بالموعد الدقيق لبدء الهجوم على الجيش الإسرائيلي.
وأشار “رخا”، إلى أن تقديم الدعم والمساندة كان نتيجة لعوامل عديدة، منها، الرغبة المشتركة فى استرداد الأراضى العربية المحتلة بين عامى 1967 و1970، وبالفعل استطاعت هذه الحرب أن تؤتى ثمارها حيث تسببت فى تأزيم الاقتصاد الإسرائيلي، وزيادة الدعم الشعبى لفكرة استعادة الأراضى العربية المحتلة، وكذلك التقارب بين سوريا ومصر البلدين الحليفين التاريخيين فى مواجهة إسرائيل لتحقيق نصر عربي.
فيما أكد سفير مصر الأسبق لدى الأمم المتحدة معتز أحمدين، إن الدور الذى لعبه العالم العربى لدعم مصر فى حرب أكتوبر 1973، لا يقل أهمية عن دور الجنود المصريين، الذين استطاعوا اجتياز خط بارليف المنيع، وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، وأصبحت هناك دهشة من هذا الإنجاز الكبير وقدرة المقاتل المصرى على تحدى الصعاب.
وأوضح “أحمدين”، أن الدعم العربى والتكاتف بين الأشقاء العرب ساعد على تجاوز كل العقبات وتحقيق انتصار كبير فى حرب أكتوبر، حيث استطاع الدعم أن يقفز بالعالم العربى إلى المرتبة السادسة عالميًا من حيث القوة والأهمية، وذلك بسبب انتصارات حرب أكتوبر التى دعمها العرب.
وبدوره قال طارق فهمي، أستاذ العلاقات السياسية بجامعة القاهرة، إن حلول ذكرى تحرير سيناء فى 25 أبريل وعودتها لحضن الوطن والانتصارات الرئيسية فى حرب أكتوبر، تعيد للأذهان فكرة التضامن العربى فى حرب 1973التى أكدت الدعم القومى العربى والحضور العربي، و قرار الملك فيصل بمنع تصدير البترول وغيرها من المساهمات العربية فى الحرب، مشيرًا إلى أن هذه المشاركات بنت روحًا عربية كبيرة وشاركت قوات من دول عربية عدة فى هذا الانتصار بأبعاد رمزية مثل العراق وليبيا والجزائر ورغم رمزيتها لها دلالات قوية.
وأكد “فهمي”، أن هذا التوقيت يحتاج إلى إعادة بناء المؤسسات العربية، ودعم مصر فى مشروع إعادة الإعمار فى قطاع غزة ودعم الفلسطينيين، واستلهام روح نصر 6 أكتوبر، مشيرًا إلى أن الموقف المصرى يجب أن يكون موقف كل العرب، ويكون لنا موقف عربى واحد وليست مواقف متعددة لأن الموقف العربى الآن مهم لمواجهة المخططات التى تقوم بها الدول الإقليمية التوسعية مثل تركيا، وإيران وإسرائيل، لزعزعة الاستقرار فى المنطقة.
وأوضح “فهمي”، أن المطلوب فى الوقت الراهن وحدة عربية برؤية جديدة ومقاربة جديدة وإحياء دور مؤسسات العمل العربى مثل الجامعة العربية وغيرها، مشيرًا إلى وجود فرصة جيدة فى الشهر المقبل ممثلة فى إجراء قمة عربية فى العراق، ينبغى أن تخرج مخرجاتها بموقف عربى شامل يمكن التأكيد والبناء عليه.
وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن روح أكتوبر لا تزال موجودة لكن الأمور والظروف تتغير والمخططات الإجرامية تتطور، وبالتالى يجب التعامل معها بجدية بأدوات وآليات تنفيذ واقعية وإحياء مؤسسات العمل العربي، لافتًا إلى أن بديل ذلك ستكون هناك فكرة الشرق أوسطية والسوق الشرق أوسطية بدلًا عن الاستقرار العربى مما قد يؤدى لخسائر كبيرة للدول العربية فى هذا السياق.
فيما يرى السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الظروف تغيرت كثيرًا ليس فقط فى مصر وإنما على امتداد العالم العربي، ونجحت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية فى اختراق الأنظمة السياسية العربية، علاوة على إيجاد قوى محلية تدافع عن إسرائيل وتنتهج المواقف الأمريكية من الصراع العربى - الإسرائيلي، وبالتالى فإن الحديث عن استعادة “تضامن عربي” على غرار ما حدث فى حرب ١٩٧٣ يبدو دربًا من الخيال.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه علاوة على ما تقدم، فمن الصعب الحديث عن أمن قومى عربى بعد ١٨ شهرًا من عدوان إسرائيلى مستمر وحرب مفتوحة على الشعب الفلسطيني، وجميع الدول العربية بدون استثناء تكتفى بالبيانات والتصريحات والشعارات فى مواجهة الحرب التى أعلنتها إسرائيل على العرب وعلى الشعب الفلسطيني.
ومن جهته قال المفكر العسكرى والاستراتيجى اللواء سمير فرج، إن ما تم من تضامن عربى فى أكتوبر 73 كان من أروع ما يكون، بدأت القصة بعد 1967 بمؤتمر قمة عربى فى الخرطوم وهو مؤتمر اللاءات الثلاثة لا تفاوض، لا صلح، ولا اعتراف بإسرائيل.
وأوضح “فرج”، أنه فى حرب أكتوبر 73 وقفت كل الصفوف العربية بجانب مصر، ورأينا كل أشكال التعاون بين العرب، ليبيا اشترت طائرات ودفعت ثمنها وطلمبات الماء التى أزالت الساتر الترابي، والجزئر أرسلت لواء مدرع، والعراق أرسلت سرب هانتر، فيما قال الملك فيصل إن الدم العربى ليس أغلى من البترول العربي، مشيرًا إلى أن الدول العربية الفاعلة فى ملف النفط، أحدث ضغطًا شديدًا وأوقفت البترول عن أوروبا وأمريكا، فكان تضامنًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا رائعًا.
وأضاف المفكر العسكرى والاستراتيجي، أن هذا التضامن لم يعد موجودًا بالصورة التى كان عليها الوضع فى حرب أكتوبر 73، التضامن تلاشى إلى أن أصبحت دول المغرب العربي”تونس، الجزائر، والمغرب” ليسوا معنا، وباقى الدول متضامنة على استحياء، وسوريا خرجت من المعادلة والعراق مثلها بعد أن كانا أكثر جيشين يؤيدان مصر، استلهام هذا التضامن وارد والأمل موجود دائمًا وهو ما ظهر جليًا عندما قالت السعودية أنها لن تطبع مع إسرائيل إلا إذا اعترفت الأخيرة بحق الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.