الأحد 21 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قمة الدوحة.. صوت واحد فى مواجهة العدوان الإسرائيلى

فى لحظة سياسية محملة بالرمزية، جاء البيان الختامى للقمة القمة العربية-الإسلامية الاستثنائية فى الدوحة، بمشاركة ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات من سبع وخمسين دولة.



ليؤكد فى صوت واحد: «أن العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، والاعتداء على سيادة دولة عربية، لم يعد شأنًا محليًا بل قضية تخص الأمة كلها».

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن انعقاد القمة بهذه السرعة عقب الهجوم الإسرائيلى لم يكن مجرد بروتوكول سياسى، بل رسالة بليغة بأن المنطقة استشعرت الخطر الداهم، وأن الوقت لم يعد يسمح بالانتظار.

وأجمع عدد من الخبراء العرب خلال تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» على أن البيان الذى صدر فى ختام القمة حمل رسائل ومواقف غير اعتيادية، بينها التأكيد على أن أى اعتداء على دولة عربية يعد اعتداءً على الجميع، ورفض تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع ووصفه بـ«الخط الأحمر»، والدعوة لمراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، فضلًا عن المطالبة بمساءلة إسرائيل قانونيًا وتعليق عضويتها فى المحافل الدولية إن لزم الأمر، والتأكيد على دعم جهود الوساطة ووقف الحرب فى غزة.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن سلامة، وصف كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنها من أقوى كلمات القمة، لما حملته من وضوح وحسم، مشيرًا إلى أنها تضمنت خطة عمل غير مسبوقة لإنشاء آلية تنسيق عربية–إسلامية تتجاوز الجانب العسكرى لتشمل السياسى والأمنى والاقتصادى، لافتًا إلى أن الكلمة المصرية تضمنت تحذيرًا من أن الممارسات الإسرائيلية تهدد اتفاقيات السلام، موضحًا أن وصف إسرائيل لأول مرة بأنها «العدو» يمثل تحولًا مهمًا فى الخطاب السياسى المصرى.

أكد المحلل السياسى العمانى محمد العريمى، أن البيان عكس توافقًا واسعًا فى رفض العدوان، لكنه أشار إلى تباين فى مستوى الإجراءات التى يمكن أن تتخذها الدول، مشيرًا إلى أن البعض اكتفى بالدعم الرمزى، فيما دعا آخرون لتعليق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل.

العريمى أشار إلى أن القمة لم تقتصر على فلسطين وغزة فقط، بل تناولت أيضًا: الاعتداء على دولة قطر كوسيط، وقضايا التطهير العرقى والتجويع والنزوح، واستخدام القانون الدولى لمساءلة إسرائيل، والتحضير لإعادة إعمار غزة ودعوة المانحين للمشاركة فى مؤتمر القاهرة.

البيان الختامى وفق العريمى، يشكل ضغطًا على الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين ستجدان نفسيهما أمام خيار صعب: الاستمرار فى دعم إسرائيل بلا شروط، أم التوازن مع الموقف العربى–الإسلامى الموحد.

أكد الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى الدكتور عماد عمر، أن البيان تضمن إشارات واضحة لضرورة التحرك المشترك سياسيًا وقانونيًا، معتبرًا أن هذه المواقف يمكن أن تفتح أفقًا جديدًا لمعادلة القوة فى المنطقة إذا ما ترجمت إلى خطوات عملية.

وأوضح «عمر» أن دعوة القمة إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، واللجوء إلى الأطر القانونية الدولية، خطوة متقدمة إذا ما جرى تحويلها إلى إجراءات عملية وملموسة، مشيرًا إلى أن الشعوب العربية والإسلامية تتطلع إلى أن يترجم هذا الموقف الجماعى إلى تحرك فعلى يوقف العدوان، ويعزز صمود الشعب الفلسطينى، ويضع حدًا لسياسة الإفلات من العقاب.

وأضاف «عمر» أن أهمية هذا البيان تكمن فى أنه لم يقتصر على الإدانة اللفظية، بل تضمن إشارات واضحة إلى ضرورة التحرك المشترك على المستويات السياسية والقانونية والدبلوماسية، بما يضع إسرائيل أمام مسؤولياتها الدولية ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية فى المحافل العالمية.

كما شدد المحلل السياسى على أن هذا الإجماع العربى والإسلامى إذا ما تُرجم بخطوات متدرجة وواقعية، يمكن أن يفتح أفقًا جديدًا لمعادلة القوة فى المنطقة ويعيد الاعتبار لمبدأ التضامن كأداة ضغط فعالة.

من جانبه اعتبر الكاتب الأردنى الدكتور صلاح العبادى، أن القمة شكلت موقفًا عربيًا موحدًا للرد على انتهاك سيادة قطر، مشيرًا إلى أن الاعتداء الإسرائيلى على الدوحة تهديد مباشر للأمن القومى العربى.

وشدد «العبادى» على أن مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل تمثل ورقة ضغط مهمة قد تزيد من عزلتها السياسية والاقتصادية، وتدفعها للتراجع عن سياساتها العدوانية.

ورأى الكاتب والمحلل السياسى الأردنى، أن القمة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى على تحويل الكلمات إلى أفعال، معتبرًا أن نجاح القمة سبق انعقادها بعدما دفعت واشنطن إلى التحرك الدبلوماسى تفاديًا لعزلة إسرائيل.

من الجانب اللبنانى يرى الكاتب الصحفى فادى عاكوم، أن كل ما صدر فى البيان كان متوقعًا، لأن المنطقة لا تحتمل إشعال فتيل جديد، موضحًا أن مشاركة كل الدول العربية فى الدوحة تعكس موقفًا موحدًا قد يغير موازين السياسة فى المرحلة المقبلة.

تبدو قمة الدوحة حدثًا مفصليًا فى تاريخ القمم العربية والإسلامية، إذ إنها المرة الأولى التى يطرح فيها بشكل جماعى مراجعة شاملة للعلاقات مع إسرائيل، مع رفض صريح للتهجير وتأكيد على سيادة الدول، لكن نجاح هذه المخرجات سيظل رهينًا بمدى التزام الدول بتحويل الكلمات إلى خطوات عملية، وبمدى استعداد المجتمع الدولى لمساندة هذا التوجه.