التضامن.. وأبواب الأمل
حياة كريمة وخدمات متكاملة لذوى الإعاقة

عبد الوكيل أبوالقاسم
وسط التحديات اليومية التى يواجهها ذوو الإعاقة الذهنية، تفتح المؤسسات المتخصصة بوزارة التضامن الاجتماعى أبوابها؛ لتكون طوق نجاة يربطهم بالأمل والحياة الكريمة، خاصة أن داخل هذه المؤسسات أشخاصًا يعملون بكل جهد لتقديم جميع الخدمات لهم، بداية من التعليم والعلاج والرعاية النفسية والتأهيل الاجتماعى والصحى، فى منظومة عمل متكاملة لدمجهم فى المجتمع كأفراد فاعلين، ما يعكس دور الدولة فى توفير الحياة والرعاية الكريمة لهم ودمجهم فى المجتمع.
وتلعب المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع دورًا مهمًا فى هذا الأمر، فهى مؤسسة تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى تقدم خدمات متميزة للأبناء من ذوى الإعاقة الذهنية، تضمن لهم حياة كريمة وتأهيلًا شاملًا، التى يتولاها اللواء عبدالحكيم حمودة المدير التنفيذى.
فضلًا عن أن هناك مؤسسات تابعة للمؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع تؤدى العديد من الخدمات للأشخاص ذوى الإعاقة، منها: مؤسسة التثقيف الفكرى بالمرج، ومؤسسة التثقيف الفكرى بمصر القديمة، ومؤسسة التثقيف الفكرى بحلوان، ومجمع خدمات الإعاقة بعين شمس، ومؤسسة التثقيف الفكرى بالجيزة، ومجمع متعددى الإعاقات بالطالبية.
مجمع خدمات الإعاقة بعين شمس
يعد مجمع خدمات الإعاقة بعين شمس منظومة متكاملة من الخدمات التى تسهم فى دمج ذوى الإعاقة بالمجتمع وسوق العمل، وذلك حسبما أكدته سحر حسين، مدير مجمع خدمات الإعاقة الشامل بعين شمس، منوهة إلى أنه يمثل نقلة نوعية فى الخدمات المقدمة، إذ يجمع تحت سقف واحد الرعاية الصحية والتأهيلية والاجتماعية والتعليمية، ما يسهل على الأسر الحصول على احتياجاتهم فى مكان واحد، ناهيك عن أن المجمع يضم عيادات للكشف الطبى، ووحدات للعلاج الطبيعى والتخاطب وتنمية المهارات، إلى جانب برامج للدعم النفسى والإرشاد الأسرى، كما يتم تدريب الكوادر العاملة بانتظام؛ لتطوير الأداء وتطبيق أحدث الأساليب العلمية فى التعامل مع ذوى الإعاقة.
يضم مجمع خدمات الإعاقة الشامل بعين شمس الحضانة الدامجة، وهو مشروع متكامل يعكس رؤية الدولة فى بناء جيل أكثر وعيًا، قادر على التعايش وقبول الآخر، بما يرسخ قيم العدالة والدمج، وهذا ما شددت عليه نهى خالد، مدير مركز الإعاقة والحضانة الدامجة بمجمع عين شمس، لافتة إلى أن الحضانة الدامجة تقدم خدمات متكاملة لدمج ذوى الإعاقة مع الآخرين، فضلًا عن أن فكرة إنشاء الحضانة الدامجة جاءت لتؤسس لمرحلة جديدة من الدمج منذ الطفولة المبكرة، من خلال تعايش الأطفال مع أقرانهم الطبيعيين فى بيئة واحدة تعزز قيم المساواة والتقبل دون تمييز وتكسر الحواجز الاجتماعية.
وحول ما يتم تقديمه، تشير إلى أن المركز يقدم برامج تعليمية وتربوية متخصصة تراعى الفروق الفردية بين الأطفال، وتساعدهم على تنمية مهاراتهم وقدراتهم بما يتناسب مع طبيعتهم الخاصة، مشيرة إلى أن المركز لا يقتصر دوره على الجانب التعليمى والتربوى فقط، بل يمتد ليكون منصة توعية للمجتمع المحلى حول أهمية الدمج، وتقبل التنوع، واحترام قدرات الأطفال ذوى الإعاقة.
ويشمل مجمع عين شمس مكتب شهادات التأهيل التى تتيح لأصحاب الهمم الحصول على حقوقهم القانونية، وذلك حسبما كشفت عنه دعاء مجاهد، مدير مكتب تأهيل عين شمس، موضحة أنه يتم تنفيذ برامج تدريبية ومهنية متخصصة تُبنى على دراسة دقيقة لقدرات المستفيدين واحتياجات السوق، لضمان فرص عمل حقيقية ومستدامة، ناهيك عن أن الدور لا يتوقف فقط عند حدود التدريب، بل يتم الحرص على بناء شراكات فعالة مع أصحاب الأعمال والقطاع الخاص لتشجيعهم على توظيف ذوى الإعاقة وترسيخ ثقافة الدمج المؤسسى، بما يعزز مشاركتهم الاقتصادية والاجتماعية ويمنحهم شعورًا حقيقيًا بالانتماء والإنتاج.
وحول مركز رعاية وتأهيل أطفال التوحد، الذى يعمل على الجمع بين الجانب العلاجى والتربوى والنفسى فى آن واحد، ما يضمن تقديم خدمة شاملة للطفل والأسرة معًا، تؤكد الدكتورة مروة ثابت، مدير مركز رعاية وتأهيل أطفال التوحد، أهمية تطوير الخدمات المقدمة للأطفال ذوى اضطراب طيف التوحد، عبر برامج متخصصة تستهدف التدخل المبكر والتأهيل العلمى، من خلال الفحوصات والتحاليل والدراسات اللازمة التى يتم إجراؤها على الأطفال بما يسهم فى دمجهم فى المجتمع، مؤكدة أن التدخل المبكر يعد ركيزة أساسية يتم التحرك من خلالها لتعديل سلوك الأطفال من خلال الإخصائيين المتدربين على التعامل مع حالات التوحد المختلفة وفق مناهج علمية.
مجمع خدمات الإعاقة بالمرج
فى قلب المرج، بمؤسسة الزكاة، يقع مجمع خدمات الإعاقة لكبار السن، بين جدران لم تكن مركزًا للعلاج فقط، بل بيئة متكاملة تجسد روح الإنسانية ومنح الأمل من جديد للكبار من ذوى الإعاقة لتكون بداية جديدة لهم، إذ تكشف أسماء لطفى، مدير مجمع خدمات الإعاقة لكبار السن بالمرج، عن أن المجمع يضم مؤسستين يوجد بهما 190 من أبناء ذوى الإعاقة، حيث تضم مؤسسة الرعاية الذاتية لكبار السن 110 أبناء من ذوى الإعاقة، ومؤسسة رعاية الأحداث لكبار السن تضم 80 ابنًا.
وفيما يخص الخدمات التى تقدم بالمجمع، فتشير إلى أنه توجد جميع الخدمات التعليمية والطبية والنفسية والترفيهية المقدمة لجميع الأبناء المقيمين إقامة كاملة داخل المجمع، فضلًا عن أن الحالة التى يتم استقبالها يتم إجراء الاختبارات اللازمة لها وقياس مستوى الذكاء، ووفقًا لنتيجة الاختبار والسن يتم إلحاقها بالمؤسسة المناسبة داخل المجمع وتقديم الخدمة الملائمة لكل مستوى من الحالات المرضية.
وتضيف: لدينا فريق عمل متكامل من إخصائيين اجتماعيين ونفسيين وأطباء وغيرهم، لتقديم الخدمات من خلال برامج تدريبية وأنشطة متنوعة ومتخصصة فى الوقت ذاته، إضافة إلى مختلف الأنشطة الرياضية والترفيهية وورش التدريب على حرف متنوعة، منوهة إلى أن مؤسسة رعاية الأحداث تضم الأبناء من سن 18 عامًا فما فوق، أما مؤسسة الرعاية الذاتية لكبار السن فتبدأ من سن 25 عامًا فما فوق.
مبادرات نوعية
فى ضوء المبادرات، تقول ريهام أحمد، مدير مؤسسة رعاية الأحداث لكبار السن بالمرج: إن المؤسسة تضع على عاتقها مهمة أساسية تتمثل فى تعزيز مشاركة كبار السن وذوى الإعاقة فى المجتمع من خلال مبادرات نوعية تركز على الجانب الاجتماعى والثقافى والإنسانى، مشددة على أن المؤسسة لا تقتصر على تقديم الرعاية التقليدية، بل تسعى إلى خلق فرص جديدة لتمكين هذه الفئات وإشراكها فى الحياة العامة عبر أنشطة متعددة تشمل ورشًا فنية وثقافية ومبادرات تطوعية، بالإضافة إلى رحلات ترفيهية تسهم فى كسر العزلة النفسية والاجتماعية، كما تهتم بإطلاق برامج تدريبية وتنموية تهدف إلى اكتشاف مواهب كبار السن وذوى الإعاقة وصقلها، من أجل منحهم فرصة للتعبير عن أنفسهم وإبراز قدراتهم، الأمر الذى يعزز شعورهم بالقيمة والقدرة على العطاء.
دعم الصحة النفسية والجسدية
وحسب تأكيدات الدكتور أحمد سيد، مدير مؤسسة الرعاية الذاتية لكبار السن بالمرج، فإن المؤسسة تولى أهمية كبرى لتقديم رعاية متكاملة لكبار السن والأشخاص ذوى الإعاقة، باعتبارهم شريحة تستحق كل التقدير والدعم، فضلًا عن أنها تعمل وفق فلسفة شاملة تقوم على الدمج المجتمعى وتحسين نوعية الحياة.
ويلفت إلى أنه داخل المؤسسة يتم متابعة الأبناء من الناحية الصحية والجسدية وإجراء الفحوصات اللازمة لهم بشكل دورى، بالإضافة إلى العلاج الطبيعى والتأهيل الحركى، كما أن هناك برامج دعم نفسى فردية وجماعية لرفع معنوياتهم وبث روح الأمل ومساعدتهم على التغلب على الشعور بالعزلة أو فقدان الثقة بالنفس.
دعم حكومى متكامل
تلك الخدمات غير المسبوقة، تأتى تتويجًا، للجهود المتواصلة التى تقوم بها الوزارة، حيث إن الدكتورة مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى، تؤكد دائمًا مواصلة الجهود لتقديم خدمات متكاملة تشمل التأهيل، والتشغيل، والتعليم، والحماية الاجتماعية، بما يضمن دمجهم الكامل فى المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإطلاق حملات توعوية للأسر بسبل الكشف المبكر عن الإعاقات، وطرق تأهيل الأطفال ذوى الإعاقة نفسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وجسديًا للاندماج فى المجتمع واستيعابهم فى النظام التعليمى والمنظومة الثقافية، وتوفير فرص عمل ملائمة لذوى الإعاقة، بما فى ذلك حقهم فى الضمان الاجتماعى ومستوى معيشى لائق.
كما تعمل الوزارة على تحسين جودة الخدمات وإشراك ذوى الإعاقة فى تقييمها وتقديم المقترحات لتحسين جودتها والعمل على إتاحتها فى جميع محافظات ومراكز الجمهورية، فضلًا عن التوسع فى زيادة حضانات الأطفال ذوى الإعاقة ومؤسسات التثقيف الفكرى والمراكز اللغوية للصم وضعاف السمع ومراكز العلاج الطبيعى ومراكز رعاية وتأهيل حالات التوحد ومؤسسات رعاية المكفوفين.
من جانبه، يقول خليل محمد خليل، رئيس الإدارة المركزية لشئون الأشخاص ذوى الإعاقة، فى تصريحات خاصة لـ «روزاليوسف»: إن إجمالى بطاقات الخدمات المتكاملة الصادرة بلغ 1.3 مليون بطاقة، وذلك بعد عمليات التنقية، منوهًا إلى أن المنظومة تتيح لمستخدمى المديريات والإدارات الاطلاع على بيانات البطاقات لاستلامها، مع إمكانية تحديد البطاقات التالفة أو المفقودة أو المحظورة وتسجيل عدم الاستلام لتلك البطاقات.
ويشير إلى أن الوزارة تشرف على 561 هيئة تأهيلية استفاد منها ما يزيد على 140 ألفا و435 مستفيدًا ومستفيدة، ممن حصلوا على خدمات العلاج الطبيعى، والتخاطب، وتنمية المهارات، وتعديل السلوك، والتكامل الحسى، والدعم النفسى والأسرى، والتأهيل الأكاديمى والمهنى.
وفيما يتعلق بتشغيل وتدريب الأشخاص ذوى الإعاقة، يوضح أن وحدة التدريب والتشغيل تقوم بالتنسيق مع الجهات الشريكة التى تخضع لإشراف وزارة التضامن وشركات القطاع الخاص والبنوك الحكومية والخاصة؛ لتوفير فرص تدريبية وفرص عمل تناسب المهارات والمؤهل الدراسى ودرجة ونوع الإعاقة.
خليل يؤكد أنه تم توفير فرص عمل لـ 1177 من الأشخاص ذوى الإعاقة، كما تم التنسيق لتوفير فرص عمل لـ 1055 حالة، وتسهم الشبكة القومية لخدمات الأشخاص ذوى الإعاقة فى هذا الجهد، حيث بلغ عدد المؤسسات المشاركة 72 مؤسسة، وعدد الشركات المشاركة 24 شركة، وتم تقديم 27 خدمة، كما تم الإعلان عن 38 وظيفة، وبلغ عدد المسجلين الراغبين فى الحصول على فرص عمل 1115 شخصًا.