ثقافة الملكية الفكرية
بين مجرم أثيم يقوم بسرقة المجهود الفكرى المتجسد فى شكل أعمال قام بها مبدعون آخرون ثم يقوم بنسبها لنفسه وبين شخص ساذج يقوم بنفس الفعل وهو لا يدرى أن هذه جريمة يعاقب عليها القانون، نجد الكثير من حالات ما يطلق عليه «انتهاك لحقوق الملكية الفكرية»، وهو ما ظهر جليا فى الفترة الأخيرة من أعمال جدارية وضعت فى إحدى محطات مترو الأنفاق أو مجسم كبير وضع بمدخل أحد الفنادق الكبرى بمدينة العلمين الجديدة.
الحالتان السابقتان هما مجرد مثالين على تلك الانتهاكات والتى للأسف تتخذ أشكالا عدة منها سرقة أفكار الأعمال الفنية المختلفة من لوحات ومجسمات وأغانى وأعمال درامية وروايات وخلافه وصولا إلى الانتهاكات المرتبطة بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمتمثلة فى البرامج المختلفة أيضا، وللأمانة فإن هذا الأمر ليس وليد اللحظة ولكن له جذور قديمة ربما قبل أن ينتبه البشر إلى مفهوم الملكية الفكرية ويضعون له عددا من القواعد والقوانين وعددا من المنظمات والمؤسسات أيضا ربما يأتى على رأسها المنظمة العالمية للملكية الفكرية World Intellecual Property Organization (WIPO) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والتى تأسست عام 1967 بدأت فى العمل بعد هذا التاريخ بثلاث سنوات وتضمن فى عضويتها 193 دولة تقوم بإدارة نحو 29 معاهدة دولية تختص بهذا الشأن بالإضافة إلى تعاونها مع 161 منظمة غير حكومية حول العالم تعمل بصفة مراقب لتفعيل تلك المعاهدات وتعد تقارير بذلك.
أما تعريف الملكية الفكرية كما جاء بموقع المنظمة الإلكترونى على شبكة الإنترنت فجاء كما يلى «تشير الملكية الفكرية إلى إبداعات العقل من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات وأسماء وصور مستخدمة فى التجارة.والملكية الفكرية محمية قانونا بحقوق منها مثلا البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التى تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم. ويرمى نظام الملكية الفكرية، من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، إلى إتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار».
بالطبع ليس الهدف هو محاربة الإبداع والابتكار ولا إغلاق الباب أمام المبدعين و المبتكرين بل الهدف الاساسى هو حماية تلك الإبداعات وما يترتب عليها من عوائد مالية وخسائر قد يتعرض لها صاحب الإبداع الأصلى نتيجة تلك الانتهاكات بل تشمل قواعد الملكية الفكرية وجود مجموعة من المعايير ومن قياسات معدلات الاختلاف بين الأعمال والتصماميم المختلفة وهى التى تفرق بين عمل إبداعى جديد وعمل إبداعى قديم وتجيب عن سؤال هل يمكن اعتبار الجديد هو عمل متفرد أم أن نسبة التطابق مع الأعمال القديمة تضع صاحب هذا العمل فى خانة اللصوص سارقى إبداع السابقين.
الوضع التشريعى فى مصر كان سباقا فى إصدار القانون رقم 82 لسنة 2002 والمعروف باسم قانون حماية حقوق الملكية الفكرية وتعديلاته بالقانون رقم 144 لسنة 2019 والقانون رقم 178 لسنة 2020 كما أنه توجد بعض المبادرات للمزيد من التعديل خلال الدورة الحالية من مجلس النواب والتى أتمنى أن تشمل المستجدات فى هذا المجال كما أتمنى أن تكون العقوبات رادعة أكثر من تلك التى تم إقرارها فى القانون الأصلى الصادر قبل 20 عامًا من اليوم.