السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كيف تؤمن مصر الحق فى المياه

«نقص المياه».. «التحدى الوجودى» فى إفريقيا

فرضت التحديات المختلفة لموارد المياه فى القارة الإفريقية، نفسها على فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه» فى نسخته السادسة، والذى عُقد بالقاهرة هذا الأسبوع بمشاركة دولية واسعة، وخصوصا التحديات التى تتعلق بندرة الموارد المائية وتأثيرات التغيرات المناخية وأيضًا التصرفات الأحادية فيما يتعلق بالتعاون المائى فى أحواض الأنهار العابرة للحدود.



خلال فعاليات المؤتمر، كانت للدولة المصرية رسالة واضحة، وحاضرة فى بيانات وكلمات المسئولين المصريين، رسالة تؤكد على ما تمثله تحديات استيفاء «حق الإنسان فى المياه» من تحد وجودي، خصوصًا أن الغالبية العظمى من الموارد المائية المصرية تأتى من الخارج عبر نهر النيل، وهو ما يجعل من أى تصرف أحادى من قبل دول حوض النيل تهديدًا للحقوق المصرية، وأن التعاون المائى العابر للحدود أمر وجودى أيضًا لا غنى عنه.

تلك كانت الرسالة التى أكد عليها وزيرى الخارجية والرى فى كلماتهما، كسبيل لمواجهة تحديات عديدة للمياه فى القارة الإفريقية، بسبب نقص موارد مياه الشرب، وتأثيرات التغيرات المناخية من ارتفاع نسب الجفاف وما يرتبط بها من ضحايا، وانعدام الحق فى المياه كحق أساسى للإنسان فى الحياة، وهى رسالة ضمن مجموعة من الرسائل المهمة التى تضمنتها فعاليات «أسبوع القاهرة للمياه» فى نسخته السادسة، من المهم التوقف معها خصوصًا ما يتعلق بواقع المياه فى قارة إفريقيا.

الحق فى المياه

فى كلمته، تحدث وزير الخارجية سامح شكرى، عن الجهود المصرية المبذولة على المستوى الدولى للتعاطى مع تحديات المياه، وخصوصًا التحديات المتعلق بتأثير التغيرات المناخية، حيث نجحت الجهود المصرية فى إدراج المياه فى القرار الجامع الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية COP27.

وشدد وزير الخارجية على «إيمان مصر بأهمية التعاون فى أحواض المياه العابرة للحدود لضمان استيفاء حق الإنسان فى المياه، والذى يعد بدوره شرطًا لا غنى عنه لضمان حق الإنسان فى الحياة»، وأشار إلى أهمية مناقشة السبل المثلى لضمان الحق فى المياه كحق إنسانى أصيل، لا سيما لمن يواجهون ظروفًا استثنائية كاللاجئين والنازحين داخليًا، والأشخاص تحت الاحتلال.

وتحدث وزير الخارجية عن حالة الندرة المائية التى تعانى منها مصر، واعتمادها شبه المطلق على المياه العابرة للحدود من نهر النيل، الذى يعد المصدر الأول والأهم لأمن مصر الغذائى عبر الزراعة، وعليه أشار وزير الخارجية إلى الممارسات الأحادية التى تتم على نهر النيل، وقال: «إن مصر باعتبارها هى دولة المصب الأخيرة بحوض النيل، فإنها الأكثر تأثرًا بتبعات أي ممارسات غير تعاونية بالحوض، فضلاً عما قد يعتريه من تغيرات مناخية، وبالتالى فإن تكريس التعاون المائى الفعال العابر للحدود يعد بالنسبة لمصر أمرًا وجوديًا لا غنى عنه.

وأوضح وزير الخارجية أيضًا أن مصر تستمر فى سياساتها الرامية لتعزيز سبل التعاون المائى العابر للحدود إقليميًا ودوليًا، انطلاقًا من قناعتها بإمكانية الموازنة بين مصالح الأطراف المتشاطئة على أحواض الأنهار، فى حالة اقتران ذلك بالنوايا الحسنة والإرادة السياسية الصادقة، والالتزام بأفضل الممارسات الدولية والتطبيق المتكامل غير الانتقائى للقانون الدولى والقبول بأحكامه، بما يمكن جميع الأطراف من إقامة المشروعات على نحو يحقق الاستفادة بشكل منصف للجميع، وتعظيم المورد المائى المشترك وتنميته، وهو ما من شأنه أن يعم الرخاء والاستقرار بدلاً من الانجراف للتوتر وتقاسم الفقر.

التحدى الوجودى للمياه 

نفس الرسالة تحدث بها أيضا وزير الرى الدكتور هانى سويلم، حينما أكد على أن وجود تعاون مائى فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً لا غنى عنه، ولكى يكون هذا التعاون ناجعاً فإن ذلك يتطلب مراعاة أن تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى «الحوض» باعتبار الحوض وحدة متكاملة، بما فى ذلك الإدارة المتكاملة للمياه الزرقاء والخضراء، كما يتطلب ذلك مراعاة الالتزام غير الانتقائى بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور، وهو المبدأ الذى يُعد ضرورة لا غنى عنها لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الأضرار ما أمكن.

وفى هذا الإطار حذر وزير الرى المصرى من مخاطر التصرفات الأحادية على أحواض الأنهار المشتركة، واستشهد بالموقف المتعنت من الجانب الإثيوبى فى سد النهضة، على مدى 12 عاما، حيث تم البدء فى انشاء السد على نهر النيل دون تشاور أو اجراء دراسات وافية عن السلامة أو آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع فى التشغيل بشكل أحادي، وهو ما يمثل خرقا للقانون الدولي، ويشكل استمرارها خطراً وجودياً على أكثر من مائة مليون مواطن على أرض مصر.

تحديات ندرة المياه بمصر

تحدث وزير الرى الدكتور هانى سويلم، فى كلمته بأسبوع القاهرة للمياه عن بعض مؤشرات واحصائيات تحديات المياه فى مصر، حيث أشار إلى أن استمرار إثيوبيا فى تصرفاتها الأحادية  وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي، فى فترات جفاف مطول، سينجم عنه خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من ١٥% من الرقعة الزراعية المصرية.

وعن تحدى الندرة فى الموارد المائية، أشار وزير الرى إلى أن مصر تأتى على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدل الأمطار التى لا تتجاوز ١.٣٠ مليار متر مكعب سنويا، مع الاعتماد شبه المطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨% والذى يأتى من خارج حدود الوطن، ويبلغ نصيب الفرد فى مصر من المياه سنوياً نصف حد الفقر المائى عالميا ويتم سد الفجوة بين الموارد المائية المتاحة المقدرة بنحو ٦٠ مليار متر مكعب والطلب على المياه المقدر بـ ١١٥ مليار متر مكعب عن طريق إعادة الاستخدام ٢١ مليار متر مكعب سنويا بالإضافة إلى استيراد ما يفوق ٣٤ مليار متر مكعب من المياه الافتراضية فى صورة اغذية.

تحديات المياه فى إفريقيا

وتوقف وزير الرى المصرى مع مجموعة من الاحصائيات الخاصة بتحديات المياه فى قارة إفريقيا، وقال إنه فى عام ٢٠٢٢ فقط تأثر أكثر من ١١٠ ملايين شخص فى القارة الإفريقية بشكل مباشر بالمخاطر المتعلقة بالمناخ والمياه، مما تسبب فى أضرار اقتصادية تزيد على ٨.٥٠ مليار دولار أمريكى، وتم تسجيل ٥٠٠٠ حالة وفاة، ٤٨٪ منها مرتبطة بالجفاف و ٤٣٪ مرتبطة بالفيضانات وفقا لقاعدة بيانات أحداث الطوارئ بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وأشار إلى أن ١٨% من سكان القارة الإفريقية يعانون من نقص المياه ويفتقر ٤٢٩ مليون افريقى لمياه الشرب و٨٠٠ مليون افريقى لخدمة الصرف الصحى.