رشاد كامل
أم المصريين تهدد الوفد وتنحاز للعقاد!
كان السؤال الذى يشغل بال كل المصريين من رجال سياسة وأحزاب بل وقراء أن قرار الوفد بفصل جريدة روزاليوسف وأنها لم تعد تمثل الوفد تجنب الإشارة أو الحديث عن الأستاذ «عباس محمود العقاد» وهو الذى يشن يوميًا حملات نارية على الوفد.
تقول روزاليوسف: انتهى «النحاس» إذن من فصلى وبقيت مسألة «العقاد» هل يفصلونه معى أم يحتفظون به للوفد؟! وأخيرًا اتفقوا على أن يصدر القرار بفصلى فقط ثم ينظرون بعد ذلك فى موقف العقاد، فإذا انضم إلىّ أخرجوه وإذا تركنى فقد كسبوه!.
وجرت فى آخر لحظة اتصالات كثيرة مع العقاد وقف فيها معى وجاءنى يقول فى لهجة خطيرة: لازم تعرفى أن موقفك ده فيه تضحية كبيرة جدًا وأنا لا أستطيع أن أضمن لك توزيع الجريدة! فقلت له: زى بعضه أنا عارفة الموقف كويس.
فمد يده إلى وصافحنى بقوة وهو يقول: أدى إيدى فى إيدك ومهما صنعوا فأنا معك!
إن كواليس فصل «العقاد» بقرار النحاس باشا مثيرة وتدعو للدهشة وقد انفرد بتفاصيلها د.باسم محمد الجمال فى كتابه المهم «العقاد زعيمًا» إذ يقول:
سعى النحاس لإرضاء الوزارة ونجيب الهلالى وزير المعارف وعزم على فصل العقاد من الوفد ولكنه اصطدم بمعارضة السيدة أم المصريين التى أصرت على ألا يصدر النحاس منفردًا قرارًا بهذا الفصل، ورأت ضرورة عرض الأمر على هيئة الوفد، فاضطر بالتالى إلى دعوة هيئة الوفد إلى الاجتماع فى منزله برمل الإسكندرية مساء 16 أغسطس سنة 1935، لبحث هذا الأمر واتخاذ قرار فيه!
وقد تخلف عدد كبير من أعضاء الوفد عن حضوره وعلى رأسهم «حامد محمود» و«محمود فهمى النقراشى» الذى أرسل استقالته من الوفد من القاهرة إلى «مصطفى النحاس» احتجاجًا على عزم الأخير فصل «العقاد»، وكان «النقراشى» قد أعلن للنحاس مرارًا من قبل تأييده للعقاد فى موقفه من ضرورة تحديد موقف الوفد تحديدًا حاسمًا بالنسبة للوزارة النسيمية وبالنسبة لمسألة إعادة دستور 1923، وكانت أغلبية المجتمعين معارضة لفصل العقاد ودارت بينهم مناقشات عنيفة كما تقدم وفد يمثل لجنة السيدات الوفديات وأبلغ المجتمعين احتجاج اللجنة على أى قرار يتخذه المجتمعون ضد «العقاد»، الذى تؤيده اللجنة فى موقفه تمام التأييد!
وعلى هذا انفض الاجتماع دون اتخاذ أى قرار فى هذا الموضوع على أن يستأنف الاجتماع فى بيت الأمة بالقاهرة على مقربة من السيدة أم المصريين فى 22 أغسطس 1935.
وحاول النحاس أن يقنع - قبل هذا الاجتماع - أنصاره بضرورة فصل العقاد ولكنه لم يوفق، إذ كان الرأى الغالب مؤيدًا لموقف «العقاد» بما فى ذلك السيدة أم المصريين نفسها التى بلغ خلافها مع النحاس فى هذا الشأن حدًا جعلها - كما روت صحيفة الشعب - تمتنع عن الاتصال به قطعيًا عقب مشادة عنيفة جرت بينهما خلال محادثة تليفونية حول هذا الموضوع، مما اضطر «النحاس» إلى إرسال «وحيد شوقى» ابن شقيقته - يوم 19 أغسطس برسالة خاصة إليها يعتذر فيها عما كان منه!.
كما روت الصحيفة إنها علمت أن الخلاف بين السيدة «أم المصريين» و«النحاس» بلغ حدًا جعلها - أى أم المصريين - تهدد بإعلان انضمامها لرأى «العقاد» ودعوة حمد الباسل ومن معه من أعضاء الوفد إلى العودة لحظيرة بيت الأمة ثانية، هذا فى الوقت الذى قام فيه «محمد فهمى النقراشى» باتصالات مضادة لمحاولات النحاس مع أعضاء هيئة الوفد وأنصاره ممن يرون ضرورة تحديد علاقة الوفد بالوزارة، وهكذا انتقلت مسألة فصل «العقاد» إلى مسألة تحديد سياسة الوفد تجاه الحالة القائمة وبات واضحًا أن اجتماع الوفد المقبل سيشهد انقسامًا خطيرًا.
وللذكريات بقية!






